بطاقة رفع الدعم واللبنانيون إلى المقصلة

بطاقة رفع الدعم واللبنانيون إلى المقصلة
الإثنين ٢٦ أبريل ٢٠٢١ - ٠٩:٣١ بتوقيت غرينتش

دخلت مسألة رفع الدعم عن السلع الأساسية من محروقات ودواء وغذاء مرحلة العدّ العكسي بانتظار إنهاء حكومة تصريف الأعمال مشروع قانون البطاقة التمويلية الذي ستتم إحالته إلى مجلس النواب الأسبوع الجاري.

العالم_لبنان

وتعمل اللجنة المكلّفة رفع الدعم على وضع اللمسات الأخيرة على المشروع الذي ستستفيد منه 750 ألف عائلة بمبلغ مليون و330 ألف ليرة شهرياً. لكن السيناريو المتوقّع لما بعد تحرير الأسعار، يبشّر بغلاء فاحش سيتسبّب بتهاوي قيمة البطاقة وخفض قدرتها الشرائية. من جهة أخرى، قرّرت الحكومة الإبقاء على دعم جزئي للمواد بكلفة تصل إلى مليارين ونصف مليار دولار، ما يعني أن نظرية عدم المسّ بالتوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان أو بشكل أوضح ما تبقى من الودائع، لم تكن سوى «كذبة» أخرى استخدمها حاكم المصرف في إطار معاركه الشخصية والسياسية والقضائية...

ثمة سؤال رئيسي هنا: ما الذي دفع دياب إلى السير بمشروع قانون بطاقات التمويل، فيما كان يعارض اتّخاذ قرار مصيريّ مماثل في الأشهر السابقة رغم ضغط بري عليه؟ وكيف سيعمد إلى إرسال المشروع من دون عقد اجتماع وزاري لاستطلاع آراء كل الوزراء وحاجات وزاراتهم؟ على أن هناك من يتوقع أن يؤدي إقرار القانون، إن حصل، إلى تسهيل تأليف حكومة جديدة طالما أن المهمة الصعبة التي يتجنّب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري القيام بها قد أخذها دياب على عاتق حكومته.
وفق المشاورات الحكومية الأخيرة، علمت «الأخبار» أنه تم التوافق على أن تكون قيمة البطاقة التمويلية مليوناً و330 ألف ليرة لبنانية شهرياً لكل عائلة، على أن تتم تغطية نحو 750 ألف عائلة.

... وتقول المعلومات التي حصلت عليها "الأخبار" إنه سيجري تخفيض دعم المحروقات والأدوية والسلة مقابل زيادة الدعم على القمح للإبقاء على سعر ربطة الخبز كما هو. أما بالنسبة إلى صفيحة البنزين، فإن قيمتها الفعلية اليوم من دون دعم، 140 ألف ليرة لبنانية، لكنها متوفرة في السوق بقيمة 40 ألفاً بسبب دعمها. بعد إقرار البطاقات التمويلية، يتوقع المعنيّون أن يصل ثمنها إلى 125 ألف ليرة في السوق، بعد الإبقاء على دعم يناهز 15% فقط. ما يعني أيضاً أن فاتورة المولّدات سترتفع مع "ترشيد الدعم" على المازوت، ويُقاس على النحو ذاته ارتفاع الأسعار الجنوني الذي سينتج عن تحرير الأسعار، خصوصاً أن المافيا الاحتكارية ستكون جاهزة لاغتنام هذه المناسبة. الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت الحكومة قد أجرت دراسة مفصّلة عن سيناريو ما بعد رفع الدعم وعمّا إذا كان مبلغ المليون و330 ألف ليرة كافياً لسدّ حاجات الناس في ظلّ ما سيحصل من تضخم نتيجة طبع الأوراق النقدية ومن جنون في أسعار المواد كافة. يُضاف إلى ما سبق ان سعر الدولار مرشّح للارتفاع بعد رفع الدعم، لأن التجار سيلجأون إلى شراء المزيد من الدولارات من السوق، ما يعني ارتفاعاً إضافياً للأسعار...
يحصل ذلك كله من دون إيضاح الحكومة كيفية توفير مليارين ونصف مليار دولار للإبقاء على دعم جزئي للسلع الأساسية في ظل إعلان حاكم مصرف لبنان قرب نفاد الاحتياطي ونيته وقف الدعم مع رفضه المسّ بالاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية البالغة قيمتها 15 مليار دولار. وبالتالي، من أين سيجري تمويل هذا الإنفاق الذي يقرب من مليارين ونصف مليار دولار سنوياً؟ فإن كان الجواب المفترَض أنه سيتم توفيره من الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، وهو ما تشير إليه مصادر حكومية، فهذا يعني أن تهديد الحاكم بوقف الدعم يخضع لاعتبارات شخصية وسياسية وقضائية ولم يكن يتعلق يوماً بالحفاظ على الودائع التي أخضعها لهيركات لامس 85% من قيمتها الحقيقية.

العالم_لبنان