لبنان..مفاوضات الحكومة بانتظار عودة الحريري

لبنان..مفاوضات الحكومة بانتظار عودة الحريري
السبت ٢٩ مايو ٢٠٢١ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش

ركزت الصحف اللبنانية اليوم السبت على أن المساعي التي يديرها رئيس مجلس النواب نبيه بري هي الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات.

العالم_لبنان

وفي هذا السياق، قالت صحيفة الأخبار إن البلاد تدور في حلقة مفرغة. لا أحد من الافرقاء خارجها. المشتغلون في تأليف الحكومة، كما المتفرجون عليها، والهامشيون. جميعهم داخلها محاصرون، مذعورون، ضائعون، من غير ان يملك اي منهم مفتاح كسر دورانها والخروج منها، والنجاة بنفسه على الاقل.

ولفتت الصحيفة إلى أن الجميع ينتظر الجميع: الرئيس نبيه برّي ينتظر الرئيس سعد الحريري الذي ينتظر بدوره تراجع الرئيس اللبناني ميشال عون الذي ينتظر عودة الرئيس المكلف الذي ينتظر الرياض التي لا تنتظر الذين ينتظرونها كباريس. حزب الله ينتظر ما يجري من وراء الحدود لا في الداخل، شأن وليد جنبلاط الذي ينتظر ان يفيق من هذا الكابوس.

وقالت الأخبار إن ما لا يمكن تفسيره في هذا اللغز العصيّ على الفهم، ان الخلاف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بات يشكل حائطاً عالياً من الكره والبغض المتبادل، الشخصي، ما بينهما ضاعفت رسالة عون ثم رد الحريري عليه في مجلس النواب في تفاقمه. لم يعد احد قادراً على ايجاد حل لتسمية الوزيرين المسيحيين الاثنين الاخيرين، بعدما ساد اعتقاد بأن تسميتهما هي العقبة الاخيرة. مع ذلك لا يلتقي الرجلان، ولا يجد برّي طريقة للتوسط بينهما على اتفاق عليها.

واضافت أن كل ما هو معروف الآن في المأزق، ان عون لا يريد بأي ثمن الحريري الى جانبه في ما تبقى من ولايته، مقدار ما لا يريد الرئيس المكلف من تكليفه سوى وضع هذا الامتياز في جيبه، من جراء عجزه عن تأليف حكومة ترضى عنها الرياض وتفتح له ابواب الدعم المالي من دول الخليج، ولا تغضب في الوقت نفسه حزب الله وتضعه قبالته وتجرده من الغطاء الشيعي، آخر المظلات التي يتعلق الحريري بحبالها. اهون الشرّين ان لا يعوّل على اي منهما دون الآخر، واكتفاؤه بالهروب من المشهد اللبناني برمته، وادارة الظهر له، ما دامت الورقة الثمينة في جيبه.

وقالت الصحيفة إنه ليس في المعلومات المتصلة بجهود برّي ان الفرصة فاتته. لا يزال، بحسب المطلعين، على موقفه، يعتقد بأن البلاد امام الفرصة الاخيرة فعلاً، وهي الاسبوعان المقبلان فقط. بعد ذلك يخرج التسيّب والفوضى من ايدي الجميع. لذا يُسمع برّي يقول ان لا بديل من تأليف حكومة. ما يقوله لا تفسّره سوى عبارة ان العروس لا تحضر إن لم يحضر العريس الضائع الاثر. الذي يريد ولا يريد.

واشارت إلى أنه ليس سرّاً تدليع رئيس المجلس الرئيس المكلف ما دام - كحزب الله - يُعوّل على وجوده على رأس الحكومة بغية ضمان الاستقرار الداخلي بشقيه، السنّي - الشيعي والوطني العام. دلّعه اولاً عندما استجاب لإصراره على تلفزة جلسة السبت الفائت، ما اتاح له على نحو غير مسبوق، من منبر المجلس بالذات لا عبر وسائل الاعلام، شن هجوم عنيف على رئيس الجمهورية اقرب الى مضبطة اتهام، الى حد اتهامه بمخالفة الدستور. سابقة لا نظير لها منذ اتفاق الطائف على الاقل.

من جهتها تطرقت صحيفة البناء إلى الشأن الحكومي، وقالت ينتظر المعنيّون وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري كيفية تفاعل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مع الفرصة التي يعتقد بري أنها باتت متوافرة للإقلاع بالمسار الحكومي، بعدما وضعت بين يديه مجموعة من الاستعدادات من فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قام بري بتحويلها الى أفكار عملية لتذليل العقد التي تعترض تأليف الحكومة، سواء لجهة توزيع الحقائب، أو لجهة كيفية تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين في حكومة من 24 وزيراً لا يملك فيها أحد ثلثاً معطلاً.

وتوقعت مصادر على صلة بالمسار الحكومي أن تكون عودة الحريري المتوقعة خلال ساعات نقطة البداية في مفاوضات يفترض أن تتوّج بلقاء الحريري برئيس الجمهورية لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكوميّة، إذا سارت الأمور كما يفترض، وقالت المصادر إن الاستعدادات التي عبّر عنها باسيل خلال اجتماعه والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، تجيب على أسئلة بري بشكل كافٍ للبدء بالحوار مع الحريري، الذي يواجه امتحان إثبات جديته بتشكيل الحكومة في ظل تشكيك خصومه بقدرته على السير جدياً بالتأليف، انطلاقاً مما بات معلوماً عن أسباب سعودية يُنكر الحريري وجودها، أو على الأقل تأثيرها على قراره. وتقول المصادر إن فريق رئيس الجمهورية ينتظر من ثنائي حركة أمل وحزب الله موقفاً من الحريري إذا تهرّب من مسؤولية تأليف الحكومة بذرائع جديدة، بعدما تمّ توفير ما يكفي من عناصر لحل العقد القائمة.

واضافت الصحيفة إنه في غضون ذلك بقيت مساعي الرئيس بري على الخط الحكوميّ في دائرة الاهتمام الرسميّ وتترقب الأوساط الشعبية وكافة القطاعات الاقتصادية والتجارية والصحيّة والعماليّة هذه الجهود لتأليف حكومة تنقذ هذه القطاعات والبلد من الانهيار، لا سيما على الصعيد الاستشفائي والدوائي في ظل الأزمة الحادة التي تضرب هذا القطاع والخلاف الحاصل بين وزارة الصحة ومصرف لبنان الذي أعلن بوضوح بأنه لم يعُد يستطيع دعم كل حاجات القطاع الدوائي من الدولار ما سيهدّد الأمن الصحي والاستشفائي بحسب مصادر البناء.

ولفتت إلى أنه فيما ينتظر الرئيس بري عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت وسط تساؤلات عن سبب تأخره في العودة طالما هناك مساعٍ جديدة وإعلان كافة الأطراف نياتها الإيجابية لتأليف الحكومة، تكثفت الاتصالات خلال اليومين الماضيين على الخطوط كافة، كانت عين التينة محورها مع بعبدا واللقلوق وبيت الوسط عبر الرئيس فؤاد السنيورة نيابة عن الحريري ولعبت حارة حريك دوراً بارزاً فيها، وأكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” حصول لقاء ليل الأربعاء الخميس بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومعاون الرئيس بري النائب علي حسن خليل بحث مقترحات رئيس المجلس لتذليل العقد أمام تأليف الحكومة كما حصلت اتصالات عدّة بين باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا”. وأكدت مصادر باسيل لـ”البناء” أن الاجتماع مع خليل كان إيجابياً حيث أكد باسيل استعداده للانتفاح والتجاوب مع أي مقترح لتسهيل التأليف يُراعي المعايير الموحّدة والأصول الدستورية والتوازنات السياسية.

وحذرت المصادر من أنه في حال وصلنا إلى نتيجة بأن هدف الحريري المماطلة والمناورة لاستنزاف العهد وتعطيله وإفشاله لضرب التيار وإضعافه في الانتخابات النيابية المقبلة، فلن نقبل بإلغاء دورنا وموقعنا السياسي، وبالتالي سنلجأ إلى الاستقالة من المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية جديدة تفرز واقعاً سياسياً جديداً.

في المقابل تشدّد أوساط المستقبل للبناء أن “الحريري سيعود الى بيروت ويقوم بالخطوات المناسبة وهو مستعدّ للنقاش والتشاور ومنفتح على أي مقترح يتوافق مع المواصفات التي حددها الرئيس المكلف وفق المبادرة الفرنسية وهي حكومة اختصاصيين وبلا ثلث معطّل لأحد لأن تعطيل قرارات الحكومة يعني العودة الى المراحل السابقة وهو الأمر الذي لن يقبل به الحريري”. وفي سياق ذلك، أوضح نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش أننا “لم نسمع بوضوح قبول الرئيس عون الذهاب بحكومة مستقلين ومن دون ثلث معطل والأمور لا تزال في مكانها ولا شيء تغير في مواقف الرئيس عون، وإلا لكان تبلغ بها الحريري الذي لا يزال على منطقه وكلامه.

صحيفة النهار من ناحيتها قالت مع ان أي جديد لم يسجل في المشهد الداخلي خلال الساعات الأخيرة من شأنه ان يحمل مؤشرات معينة حيال أي تحرك لحلحلة الازمة الحكومية المستعصية، فان هذا الجمود الظاهري لم يعكس كما يبدو حقيقة الاستعدادات الجارية التي بدأت في اختبار جديد على مسار تذليل التعقيدات التي عطلت عملية التأليف وشلتها تماماً.

واشارت إلى أنه اذا كانت المعطيات الماثلة في هذا الصدد تتوقع ان ينطلق الاختبار الجدي والأخير لاعادة تحريك عملية تأليف الحكومة بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت في الساعات المقبلة، فان ما استرعى اهتمام المراقبين والقوى السياسية الداخلية تكثيف المبادرات والدلالات والرسائل الأميركية والفرنسية على نحو متزامن وغير مسبوق في شأن دعم الجيش اللبناني، الامر الذي يدفع هذا التطور الى الواجهة نظرا الى ما ينطوي عليه من خلفيات بارزة ان بالنسبة الى تعاظم خشية المجتمع الدولي على الاستقرار في لبنان، وان بالنسبة الى انهيار الثقة الدولية انهياراً مبيناً وشاملاً بالسلطات السياسية اللبنانية.