تداعيات استراتيجيات تذوق النصر في فلسطين

تداعيات استراتيجيات تذوق النصر في فلسطين
الأربعاء ٠٢ يونيو ٢٠٢١ - ٠٥:٣٧ بتوقيت غرينتش

الجولة القتالية بين العدو الصهيوني وصمود الشعب الفلسطيني والمشروع الوطني وبعض الفصائل الفلسطينية لم تنته بعد، والقتال المقبل هو الحرب الفاصلة، ولكن، ودون شك أن ما حدث يعني بداية تحرير فلسطين من نير الإحتلال الصهيوني، وتحرر عقول شباب وشياب فلسطين وبعض العرب، وانكشاف سقوط ساسة التطبيع مع المحتل من الفلسطينيين...هي معركة حد الفصل جراء تداعيات تذوق النصر في فلسطين، وبروز الأهداف الاستراتيجية قبل وبعد وقف إطلاق النار!

العالم - مقالات وتحليلات
برز من هذه المعركة بكل احداثياتها استراتيجية ما قبل وما بعد من خلال نتائج واستنتاجات لا يستهان بها، وسنلتمسها مع إشراقة كل شمس، استنتاجات جابهت فتن سُربت مع الماء والأكل والبصر والسمع، وأهمها أن كي الوعي منذ هزيمة 67 سقط رغم الحملات الإعلامية المفبركة والشرسة، والثقافة المزورة تلاشت، وزرع ساسة بالأصل لا يؤمنون بالحق الفلسطيني انكشفوا، وتدعيم الفتنة داخل الطائفة السنية، ومن ثم مع الإسلام والطوائف الإسلامية قد فككت نوعاً ما، وحركة التطبيع لجمت!
لقد برزت رايات تلك الفتن من خلال 25 أو 30 سنة مضت إلى المعركة الأخيرة مع الصهاينة داخل فلسطين، وهذه الفتن ليست وليدة الساعة، هي تراكمات ضخمة، حفرت بالصخر وصولاً إلى قناعة عند العدو والأعراب بأن أجيال أصحاب القضية، وأهل السنة، والقدس قد تم تخدير عقولهم، وتحطيم الذاكرة فيهم، وإنهاء حرارة المطالب الحق بعد أكثر من ستة أجيال على الاحتلال، وتمكنت من غزو العقل والبطن بحجة اتركونا نعيش، ومللنا من حروب هويتها الهزيمة قبل وقوعها، وإسرائيل قوة لا نستطيع هزيمتها!
كانت النتيجة مختلفة، وجعلت الأرض ليست كما يشتهونها، والجيل الشبابي ليس مخدراً رغم ركوبه موجات العصر، والمعركة التي وقعت تختلف كلياً عن "حرب تموز" بين جيش الصهاينة والمقاومة في لبنان، والبرهان أن المعركة ليست مجرد دفاعية بل هي تحريرية مع أصحاب القضية انفسهم، وأهمها أصاب أهل السنة بكل تناقضاتهم وخلافاتهم، ولجم المتطرفين منهم، وكشف عورات ساسة التطبيع فيهم، وبأن القدس هي صلب معركة القدس الفلسطينية، وبالاستطاع لجم حقد الصهاينة!
أقصد أن الكتلة السنية عادت إلى المقاومة ولو بالفكر، نعم يوجد عناصر سنية في عمق المقاومة، ولكن هذا العمق فردياً، وأصحابه عانوا من مضايقات سيطرة السياسة السنية الأميركية، وأخذوهم إعلامياً وثقافياً، ومن جراء بعض خطباء المساجد الذين حرضوا الناس خارج قضية فلسطين المحتلة، اخذوهم إلى محور لا يشبههم، إلى صورة مشوشة جعلتهم يخلطون بين الدواعش والمقاومة!
هذه الحقيقة يجب أن تقال، ويجب تقطير هذا المفهوف بخطابنا دون تكاذب مع الجيل الجديد الذي اكتسب من هذه المعركة أهمية جيل الأوائل المقاوم من أجل فلسطين، وللحق أن نقطة ضعف أهل السنة هي فلسطين مهما كانت ملاحظاتهم، والدليل ما حدث في الشارع السني بعيداً عن النظام التطبيعي خلال حرب الإبادة الصهيونية الطائشة الهوجاء على الفلسطينيين خاصة على أهل غزة!
ظهر للعيان أن أصحاب القضية اليوم في عمق وجود الشباب، والجيل الحالي حيث أسقط الثقافة التقليدية المهزومة، والتي كانت تتعمد التنظير والعبثية إلى أن تلاشت في خطابها بين كلمات غريبة عن الجيل الحالي والعصر، ثقافة جيل الشباب الفلسطيني المعاصر انتصرت مع حركة شباب ال 48 والعمق الفلسطيني مع "الواتس أب"، و "التيك توك"، و"انستغرام"، وكل مفردات التواصل الاجتماعي، وبحرفنة علمية واضحة!
نقلوا الحرب بثقة دون خوف، وخاطبوا العالم بلغات مفهومة، ونظافة الشكل القريب إلى عصره دون أقنعة، وثقافة لغة اللسان المتعددة دون الرجوع إلى قيادات تقليدية مشبعة بالمراوبة والمراوغة، وتخمة الكذب، وعشق الهزيمة!
وهذا الجيل الجديد لن تقنعة القيادات الحالية بسهولة بعد أن شعر أن وحدته متساوية مع شريكه في الوطن، وذاق طعم النصر، لا بل جربه، وشاهد إسرائيل على حقيقتها، وبان له الفرد اليهودي الصهيوني على سجيته الإجرامية والعنصرية، وهو اليوم لم يعد يقتنع بأن الحل في إنشاء الدولتين، ولم يعد يؤمن ببقاء إسرائيل...وهنا بيت القصيد لمستقبل فلسطين الذي أصبح مع شباب فلسطين!
وما تم البناء عليه في مخاطبة أهل السنة عبر 30 سنة في الإعلام والثقافة وفتنة بعض رجال الدين، والسلطة وأميركا، والمال السعودي والإماراتي ذهب هباء، والمعركة الأخيرة داخل فلسطين كشفت لأهل السنة زيف ما صنع لهم!
والقدس التي زوروا تاريخها مع تطبيع نتانياهو وحكام عرب بطلب وأمر أميركي، وبتأمر من السلطة الفلسطينية، وبعض قيادات فتح، وشراء الذمم من خلال مليارات الدولارات التي دفعت للتنظير والتزوير، ومشروع القرن، وهوج الإرهابي ترامب...كلها اختفت معالمها في القدس...القدس التي عادت إلى فلسطين بحراك مقاومة شباب صنع النصر، وذاق طعم النصر!

*جهاد أيوب