الشهيد نزار بنات.. الفلسطيني الذي تحرر من الإيديولوجيات المزيفة

الشهيد نزار بنات.. الفلسطيني الذي تحرر من الإيديولوجيات المزيفة
السبت ٢٦ يونيو ٢٠٢١ - ١٠:٥٣ بتوقيت غرينتش

الطريقة البشعة والعلنية التي قُتل بها الناشط والحقوقي الفلسطيني البارز الشهيد نزار بنات، على يد قوات الامن التابعة للسلطة الفلسطينية، لم يكن هدفها إسكات صوت معارض، بقدر ما كانت رسالة الى كل الاصوات التي مازالت تتجرأ على الاعتراض، ورسالة الى "اسرائيل" لتطمينها على ان  التنيسق الامني سيتواصل بشكل اكثر اندفاعا، ورسالة الى امريكا بان الوقائع التي افرزها انتصار المقاومة في معركة سيف القدس، مثل اتساع رقعة شعبية المقاومة في القدس والضفة الغربية، لن تؤثر على توجهات السلطة.

العالم كشكول

عائلة الشهيد بنات، كشفت جانبا من بشاعة القتل، عندما ذكرت، أن قوة أمنية مؤلفة من 27 عنصرا من جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة، داهمت منزله الساعة ٣:٣٠ صباحا، والاعتداء عليه بالضرب المبرح بالهراوات على رأسه أثناء نومه ورشّه بغاز الفلفل فور استيقاظه، وفقد الوعي داخل منزله بسبب الضرب، وبعد استيقاظه اُعتقل عاريا ونقل إلى جهة مجهولة، ولم ينقلوه الى المستشفى الا وهو جثة هامدة.

لم تكن هذه المرة الاولى التي تعتقل فيه قوات الامن التابعة للسلطة الفلسطينية الشهيد بنات والاعتداء عليه وسجنه، فقد اعتقل اكثر من 7 مرات قبل ذلك، الا ان الاوامر هذه المرة لم تكن الاعتقال فقط، بل اغتياله وفقا لما ذكرته عائلته، التي طالبت بتوقيف المشاركين في عملية الاغتيال، وعددهم 27 عسكرياً، وحملت المسؤولية المباشرة لاستشهاد نزار للمدعو ماهر أبو الحلاوي، وهو نائب رئيس جهاز الأمن الوقائي في الخليل، الذي اصدر أمر الاعتقال، ونُفّذ في مكتبه.

كما طالبت عائلة بنات، وفقا لم ذكره ابن عمه عمار، بلجنة تحقيق أهلية، وإقالة محافظ الخليل جبريل البكري، وتحويله إلى لجنة تحقيق من أجل أخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه، نتيجة علمه المسبّق بعملية الاغتيال، وان العائلة لا تثق بلجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة، وتؤيد التحقيق الخاص الذي تُجريه هيئة حقوق الانسان ومؤسسة الحق.

والدة الشهيد نزار بنات اكدت ان ابنها كان مطاردا منذ شهرين من جانب عناصر السلطة، وهي مطاردة تكثفت بعد نشر بنات مقطعا مصورا على صفحته على موقع فيسبوك، تحت عنوان من "يقف وراء صفقة اللقاحات"، اتهم السلطة الفلسطينية بـ"المتاجرة بأرواح الشعب الفلسطيني"، بعد ان كشفت سلطات الاحتلال االاسرائيلي عن اتفاق ابرمته مع السلطة الفلسطينية على تحويل نحو مليون جرعة من لقاحات كورونا ستنتهي فعاليتها قريبا، على أن تحصل في المقابل على ذات الكمية من الشركة المصنعة، نهاية العام الجاري.

المقطع المصور للشهيد بنات عن فضيحة اللقاحات ، دفع السلطة الى التراجع عن استلام تلك اللقاحات التي شارفت على الانتهاء، تحت ضغط الراي العام الفلسطيني، الذي استنهضه الشهيد بنات.

المشاركة الواسعة للفلسطينيين في تشييع المناضل والمقاوم العربي الشهيد نزار بنات، يوم امس الجمعة، كشفت عن الشعبية الواسعة التي كان يتمتع بها الشهيد بين ابناء الشعب الفلسطيني، بكل توجهاتهم السياسية، فالشهيد تحرر من كل الايدولوجيات المزيفة، التي تفرق ولا تجمع، وتزرع البغضاء والعداء بدلا الوئام والانسجام، ايدولوجيته الوحيدة هي مقاومة المحتل، فكان يضع مقاومة المحتل، كعامل مشترك تجمعه مع جميع الاحزاب والفصائل والشخصيات الفلسطينية، فهو يقترب منها بمقدار اقترابها من المقاومة، ويبتعد عنها بمقدار إبتعادها عن المقاومة، ولا تهمه العناوين العريضة والطويلة، فإيدولوجيته المقاومة، وباقي الاشياء تفاصيل لا تقدم ولا تؤخر.