السفير الايراني الاسبق في لقاء خاص مع العالم...

أمريكا حولت افغانستان لثقب اسود من حالة عدم الاستقرار

الثلاثاء ٠٦ يوليو ٢٠٢١ - ٠٤:٤٤ بتوقيت غرينتش

اكد السفير الايراني الاسبق في العاصمة الافغانية كابول ابوالفضل ظهره وند، ان السبب وراء سحب الامريكان لقواتهم من افغانستان هو انهم لم ينجحوا من الوصول إلی غايتهم، وينوون حالياً الى إعادة الموقع العالمي لبلادهم، أي قیادة العالم، وترك افغانستان بعد ان قاموا بتحويله إلی ثقب أسود، كي تلتهم حالة عدم الإستقرار في أفغانستان أمن الدول المجاورة لها.

العالم- خاص بالعالم

العالم: بعد 20 عاماً من احتلال الولايات المتحدة الامريكية لافغانستان، هل اضطرت لترك البلاد ام انها ستخرج من افغانستان بكامل أرادتها؟ أي تعبير تفضلونه انتم؟

ظهره وند: بالتأکید اضطرّ الأمریکیون للمغادرة، والسبب أنّهم لم یصلوا إلی أهدافهم الإقلیمیة والإستراتیجیة فقد اضطروا للمغادرة، لهذا یمکن تحلیل هذا الموضوع وفقاً لهذا الکلام. لکنّهم لن یترکوا البلاد بصورة کاملة وبهذه السهولة، فهم یسعون بطریقة أو بأخری للبقاء في أفغانستان في ظلّ دور جدید من الأزمات والفوضی في هذا البلد.

العالم: الولايات المتحدة الامريكية خلال السنوات 20 الماضية في افغانستان انفقت ما لايقل من تريليوني دولار، وقدمت اكثر من 3500 قتيل، وكذلك آلاف الجرحى في هذا البلد، برأيكم لماذا قدمت امريكا هذا الحجم من الخسائر، وفي نهاية المطاف ماذا جنت؟

ظهره وند: لم یتمکّن الأمریکیون من الوصول إلی الشيء الذي کانوا یسعون إلیه، ولکن هذا لایعني إذا لم ینجحوا فانّهم سوف یکفّون عن السعي في الطریق للوصول إلی نجاح، حالیاً ینوي الأمریکیون إعادة الموقع العالمي لبلادهم، أي قیادة العالم، وفي الحقیقة فأنّ السیّد بایدن یمضي قدماً من خلال هذا الشعار وینتهج سیاسات السیّد ترامب.

لاحظ معي، نفس السیاسة التي أوجد من خلالها السیّد ترامب هذا الدوران في إطار إتّفاقیة الدوحة، فانّ السیّد بایدن ینتهج نفس السیاسة وربّما أسرع من سلفه، أو موضوع الصین علی سبیل المثال، الذي عرّفه السیّد ترامب علی أنّه تهدید حقیقي وأصلي، لایزال السیّد بایدن یمضي علی نفس النهج لسلفه، وعلی هذا الأساس، ومن أجل تحقیق هذه الأهداف ینوي الأمریکیون الإستمرار في العمل في أفغانستان بصفتها قاعدة أصلیة، کما تعلمون فأنّ إستراتیجیة طریق السيد "شي جین بینغ" تقوم علی نواة أو بلاطة تشمل المنطقة المحیطة بأفغانستان، ولو حدث وأن تفکك هذا البلد وسیطرت علیه مرحلة جدیدة من الأزمات، سیکون لهذا البلد تأثیرات مباشرة علی هذا الهدف الرئیسي للسیّد "شي جین بینغ"، وستلحق به خسائر جمّة، في الحقیقة سوف یصبح هذا البلد مانعاً أمام الصین کي یصبح القوّة الأولی.

العالم: هل ستترك الولايات المتحدة الامريكية افغانستان وشأنها بعد الخروج من هذا البلد، يقال انها بعد الخروج فان القوات الامريكية مازالت متواجدة في الحدود الافغانية وتراقبه عن بُعد؟

ظهره وند: تقییمي الشخصي هو کما أسلفت في البدایة أنّ الأمریکیین سوف یبقون في أفغانستان، وسیسعون إلی الإحتفاظ بإدارة أزمة المنطقة في أیدیهم، وفي هذا السیاق فقد سعی الأمریکیون للحصول علی قاعدة في أسیا الوسطی، أي في قرقیزستان وطاجیکستان وأوزبکستان ولم یوفّقوا حتّی اللحظة في مسعاهم هذا، کما سعوا ولایزالون یسعون للحصول علی مبتغاهم في باکستان إلا أنّ رئیس الوزراء عمران خان رفض هذا الطلب بسرعة ولم یوفّر للأمریکیین هذه الفرصة، وحالیاً یستفید الأمریکیون من طاقاتهم في القواعد الموجودة في الخلیج الفارسي وأسطولهم المتواجد في بحر عمان، کي یقیّموا الأوضاع ویروا ما الذي یمکنهم فعله هنا.

المشکل الذي یواجهونه حالیاً هو أنّ جزء من الشرکات والکوادر الأمنیة موجودة في أفغانستان، فقد قام جهاز الإستخبارات المرکزیة الأمریکیة، السي آي ایه، بتدریب ثمانیة عشر ألف جندي من المواطنین الأفغان، ولکي یدیروا حربا داخلیة في البلاد بإمکان الثمانیة عشر ألف جندي أن یکونوا مؤثّرین في هذا الصدد، کما أنّ السیّد بیرنز یستطیع أن یدیر هذه الأزمة والأهداف التي یسعی إلیها بواسطة هؤلاء الجنود. هذا ما یخمّنه الأمریکیون علی أقلّ تقدیر، لهذا شخصیاً لا اتصور خروج الأمریکیین من أفغانستان من دون إجبار، بالتأکید یجب علی الشعب الأفغاني إتّخاذ قرار في موضوع تواجد الأمریکیین في البلاد والسلوك الذي یجب علیهم إتّباعه.

العالم: هل الولايات المتحدة الامريكية حالياً مجبرة على الانسحاب من افغانستان؟

ظهره وند: لم یکن هناك مبرّر لتواجده العسکري، لهذا السبب تجد قائدهم العسکري السیّد ماکنزي سوف یغادر الیوم أو غداً. کما أنّه بحوزتنا أخبار تقول أنّ الستمائة وخمسین جندي المُختارین للحفاظ علی أمن سفارة أمریکا في کابول، لربّما یغادرون مع أعضاء السفارة الأمریکیة خلال الاسبوع القادم بعد أن أصبحت عملیات طالبان أکثر جدّیة.

توضّح هذه العملیة من أنّ الأمریکیین لایریدون مشاهدة أيّ إصابات تلحق بقوّاتهم في أفغانستان، بل یریدون إدارة الأزمة بصورة غیر مباشرة إلی جانب تسلیم الحکومة الأفغانیة کمّیة من المعدّات والأجهزة العسکریة وتوفیر غطاء جوّي لقوّاتها، لهذا فهم یسعون إلی التحکّم بالعملیات الجوّیة کي یقدّموا المساعدات للقوّات الحکومیة.

العالم: بعد مرور 20 عاماً على الاحتلال، للاسف لاتزال تعرف افغانسان انها غير مستقرة واصبحت مركزاً لانتاج المخدرات في العالم، برأيكم لماذا؟

ظهره وند: لم یحضر الأمریکیون بهدف ایجاد الإستقرار في أفغانستان، بل حضروا من أجل الإستفادة من حالة عدم الإستقرار في هذا البلد کي یبرّروا تواجدهم في البلاد بهدف القیام بعملیاتهم خارج المنطقة. والآن یُطرح هذا السؤال بقوّة، وهو لماذا هذا الخروج غیر المسؤول؟

کما تعلمون فقد وقّعت أمریکا إتّفاقیة "کابیتالسیون" مع الحکومة الأفغانیة تعهّدت من خلالها العمل علی المحافظة علی أمن وإستقرار أفغانستان إلی سنة 2025، لکنّکم تشاهدون الیوم وکما یقولون هم فقد ضربوا تحت الطاولة، لهذا فأنّ أهدافهم توضّح نیّاتهم، فالنیّة منذ البدایة لم تکن الشعب الأفغاني، کما أنّ المخدّرات لا یمکن التنبّؤ بها، فلو تصوّرنا أنّ الحرب الداخلیة سوف تشتد، سوف یرتفع مستوی وحجم إنتاج المخدّرات في البلاد ونتیجة لهذا سوف تزداد عملیات التهریب وخروج اللاجئین الباحثین عن مکان آمن، وهذه إحدی نتائج الوضع الحالي في أفغانستان.

إنّهم یقومون بتحویل هذا البلد إلی ثقب أسود، یسعی الأمریکیون إلی تلتهم حالة عدم الإستقرار في أفغانستان أمن الدول المجاورة لها، ولهذا السبب فقد رأیتُ وزیر خارجیة روسیا الإتّحادیة وهو یتحدّث معرباً عن قلقه من نمو قوی داعش في شمال أفغانستان.

العالم: الولايات المتحدة الامريكية ليست الاولى التي تقول انها تنوي المغادرة من افغانستان، ولكن في كل مرة لم تخرج منها، برأيكم لماذا؟

ظهره وند: أنا شخصیاً أتصوّر أنّ الأمریکیین لدیهم هذا الإستعداد، والسبب کما یدّعون أنّهم یخرجون من أفغانستان بطریقة محترمة، وقد خرجوا من البلاد بالفعل، الموضوع الذي طرحته لکم قبل قلیل هو أنّ الأمریکیین یرغبون بالتواجد في البلاد من خلال القوّات المرتبطة بوکالة المخابرات المرکزیة، سي آي ایه.

لهذا، لو حدث وأن تکوّنت الحرکات الشعبیة وتشکّل المجلس الأعلی للزعماء ونجح أفراد الشعب في الإمساك بزمام الأمور في مختلف مناطق البلاد، آنذاك یمکننا القول بکلّ ثقة أنّ الأمریکیین قد تمّ إخراجهم من البلاد، بکلمات أخری یصبح بإمکان الحرکات الشعبیة أن تتحوّل إلی مقاومة تنجح في تغییر المعادلات الإقلیمیة لصالح الشعب الأفغاني ولغیر صالح الأمریکیین، وهذه هي حالة أخری.

ولکن إذا ما فشلت الحرکات الشعبیة، بمعنی أنّ المجلس الأعلی للزعماء لم یتبلور، واستمرت حالة الحیرة والذهول والإرتباك بینما تقوم المدن بتسلیح سکّانها، أعتقد بأنّنا سنواجه حالة من الفوضی السیاسیة الناجمة عن عدم وجود حکومة، وهي الحالة التي تُعتبر بیئة صالحة لمساعي أمریکا والقوی الأمنیة المرتبطة بها.

العالم: يقال ان عناصر داعش والفرق الارهابية ستنوب عن الامريكان بعد انسحابهم من افغانستان، هل توافقون على هذا الرأي؟

ظهره وند: بشکل طبیعي، لاتُعتبر أفغانستان مکاناً لنمو وتربیة داعش بسبب الأبعاد الثقافیة والدینیة کما یحدث في بعض الدول العربیة. ولکن أن تکون حرکة داعش رأس مال أمریکي ولاعبا إقلیميا رئیسيا للأمریکیین فأنا أوافق هذا الرأي، لأنّ الأمریکیین إستفادوا من قواعدهم في "شیندن وبغرام وشور آبك" ونقلوا إلیها أفراد داعش من مناطق مختلفة إلی داخل أفغانستان، وحالیاً یقوم أفراد داعش بتنفیذ بعض الطلبات داخل البلاد کالهجوم علی مدرسة للبنات ومستشفی للنساء في غرب کابول وعملیات الإغتیال، کلّ ماسبق ذکره مجرّد طلبات تُعطی لأفراد داعش.

ولکن علی المدی البعید بإمکان القوی التکفیریة، من ضمنها داعش، الإتّحاد مع بعض الأفراد داخل هیکلیة طالبان لأنّ مصیرهم واحد وجذور عقائدهم واحدة أیضاً، فهم یحلمون دائماً بالخلافة الإسلامیة ولدیهم أفکار مشترکة، وعلی هذا الأساس تعتبرهم أمریکا رأس مال لها في حروبها بالوکالة وتستفید منهم.

العالم: البعض يعتقد ان طالبان اليوم تختلف كثيراً عن طالبان التي عرفناها خلال 20 عاماً، فلها حضور دولي وفي المنطقة، تتصرف باستراتيجية، وتتكلم في الاجتماعات والمحادثات ككيان وليس كجماعة، كيف تنظرون انتم الى هذا الطرح؟

ظهره وند: مرّة تجد حرکة طالبان تغیّر الخطاب، وتارة تغیّر النهج والجهة بشکل کامل، شخصیاً بصفتي خبیر لا أعتقد أنّ حرکة طالبان قد تغیّرت جوهریاً، لکنّها تغیّرت من ناحیة الخطاب. أيّ تیّار أو أيّ مجموعة سوف تتغیّر خلال عشرین سنة، لا شكّ في هذا الأمر، والسبب أنّ العالم یتغیّر لکنّ الأمر المهم یتمثّل في أن نری هذه التغییرات التي تدّعیها حرکة طالبان علی أرض الواقع وفي المیدان، شخصیاً لا أری هذه التغییرات، ما هو السبب؟ أوّلاً أنّ حركة طالبان لیست أهلاً للحوار والتفاوض، فلو کانت قد تغیّرت لوجدنا ممثّلیها یجلسون علی طاولة المفاوضات.

العالم: ألم تجلس على طاولة المفاوضات في الدوحة؟ ألم تجلس مع الولايات المتحدة الامريكية؟

ظهره وند: کلا، لأنّ هؤلاء فاوضوا الجانب الأمریکي، بینما أصل القضیة هو الشعب الأفغاني والحکومة الأفغانیة.

العالم: اذاً ماذا حصل في طهران؟

ظهره وند: کانت طهران ترغب في أن تکون مؤثّرة، کانت طهران ترید رفع هذه المصاعب وهذه الورطة، حینما رأت طهران أنّ الحکومة الأفغانیة لاتستطیع الدخول في مفاوضات جادّة مع حرکة طالبان، کنّا نرید أن نری أین تکمن المشکلة کمّا تدّعي حرکة طالبان، شخصیاً أتصوّر أنّ الموضوع یتعلّق بالنظرة المعرفیة والایدولوجیة لطالبان والتي لم یطرأ علیها أيّ تغییر، والسبب أنّهم لایرون أيّ دور للشعب ویعتبرون الإنتخابات حراماً ولهذا لم یوافقوا علی المشارکة في السلطة بینما منح السیّد أشرف غني حرکة طالبان بین 40 إلی 50 في المائة من السلطة.

یتمثّل الأمر الآخر في عدم موافقة الحرکة علی توقّف المواجهات ووقف إطلاق النار الدائم، ومن ثمّ أدّعت الحرکة أنّها تحارب بهدف إخراج القوّات الأجنبیة من البلاد، حسناً لقد خرجت القوّات الأجنبیة ما هو التبریر الآخر لدیکم؟ أکثر من 110 آلاف شخص عسکري ومدني لقوا حتفهم خلال السنوات العشرین الماضیة، نصف هذا الرقم یتعلق بالأمریکیین وحلف الناتو، بینما النصف الآخر یتعلق بحرکة طالبان، والأمر المثیر للدهشة هو أنّه خلال السنتین اللتین اتّفقت فیها الحرکة مع الأمریکیین لم یلق جندي واحد سواء من الأمریکیین أو حلف الناتو مصرعه في أفغانستان، إذاً السؤال هو لمن تحاربون أنتم؟ لم یعد لکم شأن بالقوّات الأجنبیة وهي بدأت بالمغادرة في الوقت الراهن، إذاً لدیکم ما تضمرونه للشعب.

هذه الخلافة أو الإمارة الاسلامیة لن یقبل بها العالم ولسنا علی إستعداد للإعتراف بها، أین هدفها؟ ما هو دور أفراد الشعب في الإمارة؟ لماذا یجب علی الناس أن یصبحوا ضحایا؟ هذه الأسئلة رئیسیة، بینما حرکة طالبان من وجهة نظري الشخصیة لم تتغیّر ما عدا في ظاهر واسلوب الحوار وقد تقدّمت قلیلاً في الحوار السیاسي لیس إلا، أمّا من حیث التوجّهات فهي نفس التوجّهات السابقة، لا بل بإمکاني القول أنّ الحرکة تبدو أکثر تصمیماً في بعض الأمور.

العالم: انتم تعتقدون ان طالبان لم تتغير خلال السنوات الماضية، وانما في بعض الاساليب والتصرفات الظاهرة قد تغيرت، أليست كذلك؟

ظهره وند: نعم هذا فحسب، حینما نقول وننادي بالمفاوضات فهذا یعني الحصول علی مزیّة أو امتیاز، بمعنی أن تمنح وتأخذ في المقابل، لکنّ حرکة طالبان حینما جلست مع الأمریکیین لم تمنح أيّ شئ بل أخذت فحسب، هذا أحد المآخذ علی السیّد ترامب، فقد أضفی علیهم الشرعیة وأطلق سراح خمسة آلاف سجین تابعین للحرکة، ما سبّب في أن تصل الحرکة إلی هذا الوضع في وقتنا الراهن.

أمّا بالنسبة لحرکة طالبان إذا کانت تدّعي أنّها قد تغیّرت کان بإمکانها الدخول في مفاوضات وحوارات مع الحکومة الأفغانیة إلی درجة قیامها بتشکیل حکومة إنتقالیة، لکنّ زعماء الحرکة لم یعیروا أشرف غني أيّ إهتمام وقالوا سوف نضع حکومته جانباً ونشکّل حکومة مشترکة.

کلّ هذا إن دلّ علی شئ فإنّما یدلّ علی أنّ حرکة طالبان لاتزال تحمل الأفکار السابقة، ولکن إذا کانت تروّج للإمارة الإسلامیة ولیس للخلافة، أعتقد من وجهة نظري أنّ هذه التغییرات سیاسیة تهدف إلی التخفیف من الحساسیات من أجل الوصول إلی الهدف المرسوم کخطوة أولی، أمّا في الخطوة الثانیة فأنّ هذه الحرکة سوف تتّجه صوب الخلافة الإسلامیة، وإن دلّ هذا علی شئ فإنّما یدل علی فطنة وذکاء الحرکة، فتغییراتهم تتماشی مع تأثیر خطابهم من أجل الوصول إلی أهدافهم في البعد السیاسي.

العالم: طالبان تصر على انشاء امارات اسلامية، هل هذه الفكرة مقبولة في الشارع الافغاني؟

ظهره وند: لایزال الشعب الأفغاني متأثّراً بما فعلته حرکة طالبان کما أنّه لایری أيّ شئ ایجابي من أقوالها، بمعنی حینما ینادي زعماء الحرکة بالإمارة الإسلامیة لایعلم الشعب أيّ إمارة یقصدون هل هي إمارات عربیة متّحدة أم ماذا؟ لایبدو أيّ شئ واضحا حتّی الآن، علماً أنّ حرکة طالبان تعلم جیّداً أنّ الدول الإقلیمیة ودول العالم تبدي حساسیة تّجاه اسلوب حکم طالبان في الماضي لهذا السبب تقوم بتسویق تسمیة إمارة إسلامیة بهدف إفهام العالم أنّها لاتنوي التوسّع بل تنوي تطبیق هذا النوع من الحکم داخل أفغانستان فقط، أي بمعنی تعیین أمیر لشمال البلاد وآخر لغربها وثالث لجنوبها، کما هي الحال في الإمارات العربیة المتّحدة ومن ثمّ تعیین أمیر للمؤمنین.

ولکنّ الجمیع یعلم أنّ هذا الأمر یفتقد إلی منظور محدّد وواضح، وبالإمکان إقامة تحالف مع القاعدة وداعش وجبهة النصرة والتیّارات التکفیریة الأخری في المنطقة ومن ثمّ تغییر هذا التحالف إلی خلافة إسلامیة وهذا الموضوع یقلق الشعب الأفغاني کثیراً، ویشعر بالوحشة والرعب من التقدم الذي تحققه حرکة طالبان.

نحن نعلم أنّ النواحي والبلدات التي تسقط والتي سقطت بید حرکة طالبان لا تمتلك مقوّمات المقاومة، لکنّ الولایات والمحافظات التي یقطن فیها معظم الشعب الأفغاني فهي تمرّ في حالة من عدم الاستقرار والخوف والأمل.

العالم: حسب الاخبار والتقارير، فقد سيطرت طالبان على مناطق لا يستهان بها في افغانستان، وفرضت سلطتها على مناطق كثيرة في هذه البلاد، ما هي الاخبار المتوفرة لديكم حول هذا الموضوع، وهل هناك مناطق معرضة لان تسقط وتكون تحت سلطة طالبان؟

ظهره وند: وفقاً لآخر الآخبار التي وصلتنا فأنّ المدن والبلدات التي سقطت بأیدي حرکة طالبان بلغت مائة مدینة وبلدة من مجموع 370 مدینة، والأمر المثیر للإهتمام هو أنّ أغلب هذه البلدات والمدن تقع في شرق وشمال شرق البلاد، أي أطراف فیض آباد وبدخشان، هذه المدن التي سقطت لم یکن سقوطها بسبب طالبان بل بسبب ضعف الحکومة والفراغ الذي تبلور نتیجة للخروج غیر المسؤول من قبل الأمریکیین، والسبب هو أنّ الأمریکیین في السابق کانوا یزوّدون القوّات الحکومیة بالمعلومات ویوفّرون غطاء جوّيا لها.

ولکن کلّ هذه الأمور توقّفت، ولهذا السبب اضطرّت القوّات الأمنیة المتواجدة في المخافر والمراکز إلی مغادرة المناطق کي یتجنّبوا القتل وأیضاً لعدم وصول الإسناد اللازم لهم، ولهذا سقطت وتسقط هذه البلدات والمدن، فالسبب الرئیس لهذه الهزائم هو ضعف الحکومة المرکزیة وفقدان الدعم والإسناد الأمریکي.

العالم: الظروف الحالية هل هي ناتجة عن محادثات طالبان مع الولايات المتحدة الامريكية، أم انها ناتجة عن محادثات الدوحة؟

ظهره وند: شخصیاً أعتقد أنّ هذا الوضع کان متوقعاً للأمریکیین، وهذا بالضبط نتیجة إتّفاقیة الدوحة، بمعنی الإعتراف بحرکة طالبان وإضفاء الشرعیة علیها، وإطلاق سراح سجنائها، وفي النهایة إضعاف الحکومة المرکزیة، لهذ کانت هذه النتیجة التي نشهدها.

العالم: هل حضور طالبان يعني تطهير عرقي في افغانستان؟

ظهره وند: لو نظرنا إلی حرکة طالبان علی أنّها عامل مستقل یبدو الإحتمال ضعیفاً من أنّهم إتّخذوا قراراً في نهایة المطاف أن یصطفوا إلی جانب الشعب، ولکن إذا کانت عاملاً مرتبطاً، أو أن نری باکستان کمخرجا من خلف الستار، أعتقد شخصیاً أنّه سوف یحدث تطهیر عرقي في البلاد، والسبب یعود إلی وجود ثلاثة أضعاف من البشتون داخل باکستان مقارنة بالبشتون داخل أفغانستان، کما یوجد "الکوچي"، من المؤکّد أن ینتقل هؤلاء إلی داخل أفغانستان. لهذا علینا أن ننتظر ونری ما إذا کانت حرکة طالبان مستقلة أم مرتبطة بإحدی الجهات.

جدير بالذكر أن قناة العالم ستقوم بإجراء لقاء خاص مع أحد قادة حركة طالبان الكبار أو أحد متحدثيها لسؤاله عن رأيه في المواضيع المختلفة التي تشهدها افغانستان وسيتم الاعلان عن تفاصيل وزمان بث اللقاء تباعا.