شاهد'فيضانات الموت' تكتسح ألمانيا وغرب أوروبا والبنية التحتية تنهار.. ما السبب؟

الأحد ١٨ يوليو ٢٠٢١ - ٠٣:٣٧ بتوقيت غرينتش

جسور منهارة، وشوارع وميادين غارقة في المياه، منازل وبيوت متضررة وتنساب المياه داخلها وخارجها، وسيارات محطمة،وآلاف البشر دون كهرباء وماء نظيف..حيث وقعت ألمانيا وغرب أوروبا، فريسة لفيضانات عارمة غير مسبوقة، وغير مألوفة في تلك الفترة من السنة.

العالم- اوروبا

أكثر من 168 قتيلاً، ومئات المفقودين والمصابين هي محصلة الفيضانات العارمة التي تضرب ألمانيا وبلجيكا وهولندا من جراء عاصفة "بيرنت".

وفي ألمانيا لقي نحو 141 شخصًا حتفهم في الفيضانات في أسوأ كارثة طبيعية تشهدها البلاد منذ ما يربو على نصف قرن.

ولا يزال المئات في عداد المفقودين كما لا تزال الاتصالات مقطوعة في بعض الأماكن، فيما ارتفع عدد القتلى في بلجيكا إلى 27 شخصًا، بحسب مركز الأزمات الوطني الذي ينسق جهود الإغاثة، وفقًا لما نقلته عنه وكالات الأنباء.

ولم تحصد فقط الفيضانات المدمرة الأرواح، بل عرت شبكة البنية التحتية في غرب أوروبا، بعد أن تساقطت تحت وطأة ضربات مياه الفيضانات الهادرة، وتركت الآلاف دون مياه شرب نظيفة، وكهرباء، واتصالات، لا يستطيعون مع سقوط الجسور وانهيار الطرق مغادرة أماكنهم، أو طلب المساعدة.

ظاهرة غير مألوفة

وعلى الرغم من أنه من المعتاد أن تسقط الأمطار في ألمانيا في هذا الوقت من السنة، إلا أن معدل التساقط الاستثنائي لم يكن في الحسبان، وغير مألوف، بحسب ما وكالة "دويتشه فيله" الألمانية، وهو ما وضع قضية التغير المناخي في قفص الاتهام.

يقول متحدث باسم رابطة منطقة "الرور" إن كمية المياه التي تدفقت ظهر الخميس عند منطقة "هاتينجن" وصلت إلى 1450مترًا مكعبًا في الثانية، أي 20 ضعف معدلها المعتاد في هذه الفيضانات على مدار فترة طويلة. لافتًا إلى أن فيضانًا بهذه الكمية لم يحدث منذ عام 1960 على الأقل.

فيما يقول أولريش فينداو من خدمة الإنذار من الفيضانات التابعة لحكومة دائرة "أرنسبرج": "لدينا في منطقة الرور مستويات مياه تزيد بمقدار متر عما ظهر حتى الآن"، مشيرًا إلى أن المنسوب وصل إلى ارتفاع جديد 7.21 متر، كما تم تسجيل قيم فيضانات في منطقة "هاتينجن" لم تسجل من قبل.

التغير المناخي في قفص الاتهام

موجة الفيضانات غير المسبوقة وغير المألوفة دعت الكثيرين للتساؤل عن السبب، فيما أشارت أصابع الاتهام إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

وتنقل وكالة "فرانس برس" الفرنسية عن جان جوزيل، عالم المناخ ونائب الرئيس السابق لهيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة، قوله إن "الكتل الهوائية المحملة بنسبة كبيرة من الماء، بقيت في مكانها في الأجواء أربعة أيام بسبب درجات الحرارة المنخفض".

وكانت النتيجة: هطول أمطار غزيرة، بين 14 و15 يوليو، وصل منسوبها إلى ما بين "100 و150 مليمترًا" أو ما يعادل شهرين من الأمطار، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

فيما يعتقد كاي شروتر عالم الموارد المائية، أنه "في الوقت الحالي، لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين إن هذا الحدث مرتبط بتغير المناخ"، إلا أنه يستدرك قائلاً إن هذه الظواهر المناخية القصوى أصبحت أكثر تواترًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى زيادة نسبة تبخر الماء من المحيطات والأنهار ما يتسبب في دخول كميات أكبر من المياه إلى الغلاف الجوي".

ووفقًا لـ يوهانس كواس، خبير الأرصاد الجوية في جامعة "لايبزيج" الألمانية، فإن هذا النمط من الطقس مع أنماط هطولات مختلفة سيصبح الوضع الطبيعي شيئًا فشيئًا، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام الألمانية.

مستقبل قاتم للبشرية

ما يحدث في ألمانيا وغرب أوروبا، حذر منه مسبقًا مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، حيث أشار إلى أن التغير المناخي تسبب في حدوث 6700 كارثة طبيعية من بينها فيضانات، وعواصف، وجفاف، وحرائق غابات وقعت خلال الفترة من 2000 حتى 2019.

وحث "المكتب" على بناء مبانٍ مقاومة للفيضانات، مشيرًا إلى أنها تمثل "أولوية"؛ نظرًا إلى أن الفيضانات أضرت بـ1.65 مليار شخص منذ بداية الألفية، أكثر من أي نوع آخر من الكوارث الطبيعية.

فيما قال ديباراتي جوها سابي، رئيس مركز أبحاث أوبئة الكوارث في جامعة لوفان في بلجيكا: "إذا استمر هذا المستوى من النمو في الظواهر الجوية الحادة على مدى السنوات العشرين المقبلة، فإن مستقبل البشرية يبدو قاتمًا للغاية بالفعل".