تنديد دولي بتجسس "اسرائيل" على آلاف السياسيين والصحافيين والنشطاء

تنديد دولي بتجسس
الثلاثاء ٢٠ يوليو ٢٠٢١ - ٠٤:١٦ بتوقيت غرينتش

ندّدت منظّمات أممية وحقوقية ووسائل إعلام والاتحاد الأوروبي وحكومات، بما كشفته تقارير بشأن عمليات تجسس على مستوى العالم استهدفت نشطاء وصحفيين عبر برنامج "بيغاسوس" الذي طوّرته شركة "إن.إس.أو" (NSO) الإسرائيلية.

العالم - الاحتلال

ويتيح هذا البرنامج لدى إدخاله على هاتف ذكي الوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى مكالمات حامله.

ونشرت -الأحد- مجموعة من 17 وسيلة إعلامية دولية، منها صحف "لوموند" الفرنسية و"ذا غارديان" البريطانية و"واشنطن بوست" الأميركية، تقريرا بشأن هذا البرنامج زاد الشبهات التي تطول الشركة الإسرائيلية.

ويستند التقرير إلى قائمة حصلت عليها منظمتا "فوربيدن ستوريز" والعفو الدولية، تتضمن 50 ألف رقم هاتفي يعتقد أنها لأشخاص تعدّهم "إن.إس.أو" موضع اهتمام منذ عام 2016.

وتضم القائمة أرقام ما لا يقل عن 180 صحفيا و600 سياسي و85 ناشطا حقوقيا و65 رجل أعمال، وفق التحليل الذي أجرته المجموعة التي حددت العديد من الأرقام في عدة دول.

وأشار التحقيق إلى أن حكومات 10 بلدان على الأقل، من بين عملاء شركة (NSO) الإسرائيلية، أبرزها البحرين، وكازاخستان، والمكسيك، وأيضا المغرب، وأذربيجان، ورواندا، وكذلك السعودية، والمجر، والهند، والإمارات.

ويستخدم برنامج بيغاسوس للتنصت على نشطاء حقوق الإنسان، ومراقبة رسائل البريد الإلكتروني، والتقاط الصور، وتسجيل المحادثات، وذلك بعد اختراق هواتفهم.

واشتكى حقوقيون وإعلاميون ونشطاء فلسطينيون من تعرض أجهزتهم للاختراق من جهات يعتقد أنها تتبع للمخابرات الفلسطينية.

وتأسست شركة "إن إس أو" عام 2010، ويعمل بها نحو 500 موظف، وتتخذ من تل أبيب مقرًّا لها.

وصرّحت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار لمحطة "بي.بي.سي" (BBC) الإذاعية "نحن لا نتحدث هنا عن بضع دول مارقة، بل عن استخدام واسع النطاق لبرنامج تجسس من 20 بلدا على الأقل"، وقالت: "إنه هجوم كبير على الصحافة الناقدة".

وطالبت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، الاثنين، بـ"تنظيم" أفضل لتكنولوجيات المراقبة بعد فضيحة برنامج "بيغاسوس".

وقالت باشليه، في بيان: إن ما كشفته وسائل إعلام عن برنامج التجسس الذي طورته شركة إسرائيلية "يؤكد الحاجة الملحة إلى تنظيم أفضل لعملية بيع ونقل واستخدام" تكنولوجيات المراقبة "وضمان مراقبة شديدة لها".

وأضافت: "من دون إطار تنظيمي يحترم حقوق الإنسان، هناك ببساطة أخطار كثيرة أن يساء استخدام هذه الأدوات لترهيب المنتقدين وإسكات المعارضين".

وتابعت باشليه "على الحكومات أن تكف فورا عن استخدام تقنيات المراقبة هذه لانتهاك حقوق الإنسان، وعليها أن تتخذ إجراءات ملموسة للحماية من هذه الاختراقات للحياة الخاصة عبر تنظيم توزيع واستخدام وتصدير تقنيات المراقبة هذه".

ولفتت أيضا إلى أن المعلومات التي كشفت عن استخدام دول عدة لبرنامج بيغاسوس للتجسس على صحفيين أو مدافعين عن حقوق الإنسان "تثير قلقا بالغا، ويبدو أنها تؤكد أسوأ المخاوف عن احتمال تحوير استخدام هذه التقنيات لتقويض حقوق الإنسان بشكل غير قانوني".

من جهتها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، رفضها استخدام برنامج بيغاسوس الإسرائيلي، للتجسس على النشطاء والصحفيين.

وقالت المسؤولة الأوروبية: إن الأمر لم يتم تأكيده بعد، وأنه ما زال عبارة عن مزاعم. وأضافت "لكن إن كان ذلك قد حصل فعلاً، فإنه أمر مرفوض، ولا يمكن قبوله".

وشددت على أهمية حرية الصحافة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، دون أن تدلي بمزيد من المعلومات.

ونفت حكومة فيكتور أوربان في المجر، الاثنين، استخدام الاستخبارات المجرية برنامج "بيغاسوس" للتجسس على شخصيات وكذلك أي تعاون في هذا الصدد مع "إسرائيل"، وفق ما أفادت به العديد من وسائل الإعلام الدولية.

وقال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، في مؤتمر صحفي: إن "المدير العام (للاستخبارات) أبلغني أنه لم يحصل أي تعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية" على هذا الصعيد.

من جهتها، نددت الحكومة المغربية -الاثنين- بما وصفتها "الادعاءات الزائفة" حول استخدام أجهزتها الأمنية برنامج "بيغاسوس" للتجسس على هواتف صحفيين، مشيرة إلى استعدادها لتقديم أدلة "واقعية علمية".

وقالت الحكومة، في بيان: إنها "ترفض هذه الادعاءات الزائفة، وتندد بها جملة وتفصيلا"، مؤكدة أنه "لم يسبق لها أن اقتنت برمجيات معلوماتية لاختراق أجهزة الاتصال، ولا للسلطات العمومية أن قامت بأعمال من هذا القبيل".

وتحدّت الرباط وسائل الإعلام التي نشرت هذا التحقيق أن تقدم "أدلة واقعية علمية قابلة للفحص بواسطة خبرة وخبرة مضادة مهنية، محايدة ومستقلة، تثبت صحة ما تم ادعاؤه".

وأشارت إلى أنها تحتفظ بحقها في "ترتيب ما ترتئيه من نتائج"، عادّةً أن ما نشر "يتوخى المس بصورة البلاد"، و"بوضعها الاعتباري وبمصالحها العليا".

من جهته، أورد موقع ميديا بارت الإخباري في مقال الاثنين أن "أرقام الهواتف النقالة لليناييغ بريدو وإدوي بلينيل (مؤسس مشارك للموقع) وردت ضمن قائمة من 10 آلاف استهدفتها أجهزة الاستخبارات المغربية باستخدام برنامج تجسّس قدّمته الشركة الإسرائيلية"، وأعلن تقدّمه بشكوى أمام النيابة العامة في باريس.

وكان الناطق باسم الحكومة الفرنسية أكد الاثنين أنه "سيكون هناك بالتأكيد تحقيقات، وستطلب توضيحات"، من دون أن يذكر تفاصيل إضافية.

وفي الكيان حيث مقر الشركة المطورة لبرنامج التجسس، قال حزب ميرتس الليبرالي الشريك في الائتلاف الحاكم -الاثنين-: إنه سيسأل وزارة الحرب عن صادرات برامج تجسس إسرائيلية ربطتها تقارير إعلامية باختراق هواتف صحفيين ومسؤولين ونشطاء حقوقيين في شتى أنحاء العالم.

وقال وزير الصحة نيتسان هورويتز رئيس حزب ميرتس للصحفيين: إنه سيلتقي وزير الحرب بيني غانتس الخميس؛ لمناقشة صادرات مجموعة "إن.إس.أو" المرخصة من وزارة الدفاع. ولم يصدر تعليق على الفور من وزارة الحرب التي تصدّر تراخيص هذه الصادرات.

وتشمل قائمة الصحفيين الذين اخترقت هواتفهم الصحفي المكسيكي سيسيليو بينييدا بيرتو الذي قتل بعد أسابيع قليلة من ظهور اسمه، إضافة إلى أرقام هواتف صحفيي منظمات إعلامية من حول العالم منها "وول ستريت جورنال" و"فرانس برس" و"سي إن إن" و"نيويورك تايمز" و"الجزيرة" و"فرانس24″ و"ميديا بارت" و"أسوشيتد برس" و"لوموند" و"بلومبيرغ" و"ذا إيكونوميست" و"رويترز" و"ذا غارديان".

وستكشف أسماء شخصيات أخرى مدرجة في القائمة التي تشمل رئيس دولة ورئيسي حكومة خلال الأيام المقبلة.

والتقى صحفيون من "بروجيكت بيغاسوس" بعض أصحاب هذه الأرقام، وحصلوا على 67 هاتفا لإجراء تحاليل عليها في مختبر تابع لمنظمة العفو الدولية.

وتأكد اختراق أو محاولة اختراق برنامج تجسس المجموعة الإسرائيلية 37 جهازا بما فيها 10 هواتف في الهند، وفقا للتقارير الصادرة الأحد.

ومِن ما ورد في القائمة أيضا رقمان لامرأتين قريبتين من الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل في قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018.

وكان تطبيق "واتساب" تقدم بشكوى عام 2019 ضد "إن.إس.أو" متهما إياها بتوفير تكنولوجيا لاختراق هواتف ذكية يملكها مئات الصحفيين والحقوقيين وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني، بمن فيهم مواطنو دول مختلفة منها الهند.

و"إن.إس.أو" ليست الشركة الإسرائيلية الوحيدة التي يشتبه في أنها تزود حكومات أجنبية ببرامج تجسس مع عدم مراعاة لحقوق الإنسان، وحصولها على الضوء الأخضر من وزارة الحرب الإسرائيلية.

فقد استخدم برنامج "ديفيلزتونغ" الذي طوّرته مؤسسة "سايتو تيك إل تي دي" ضد نحو 100 سياسي ومعارض وصحفي وناشط، كما أكد -الخميس- خبراء في "مايكروسوفت" و"سيتيزن لاب".