الاردن.. و وهم «الهلال الشیعي»

الاردن.. و وهم «الهلال الشیعي»
الإثنين ٢٦ يوليو ٢٠٢١ - ١٢:٥٢ بتوقيت غرينتش

من دون ان يقدم حتى دليلا واحدا على مزاعمه، قال الملك الاردني عبدالله، في مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأمريكية: ان "الأردن للأسف تعرض لهجمات بطائرات مسيرة اتضح أنها تحمل بصمة إيران"، وعندما سأله المذيع، عما إذا كانت تلك الهجمات قد وقعت في الأشهر الأخيرة، أجاب الملك الاردني:"كان ذلك خلال نحو عام مضى"!.

العالم يقال ان

اللافت ان الملك الاردني، شعر ان اتهامه كان من الصعب تصديقه، لعدم وجود اي مبرر يدفع ايران او حتى فصائل المقاومة في المنطقة لمهاجمة الاردن، فحاول ان يلف الاتهام بضبابية متعمدة، عندما استدرك قائلا: "كما أن ما يطلق على إسرائيل من سوريا ولبنان ولا يصيبها يسقط في الأردن"!!.

ومن اجل ان يُشرك الاردن مع القلق الامريكي الاسرائيلي السعودي، قال الملك عبدالله :"لقد شهدت التكنولوجيا الباليستية تطورا ملحوظا؛ حيث رأينا أثرها على القواعد الأمريكية في العراق، كما شهدنا أثر الصواريخ الموجهة إلى السعودية من اليمن، وإلى إسرائيل من خلال سوريا ولبنان إلى حد ما"!!.

ومن اجل تبرير قلق الاردن بطريقة اكثر اقناعا!!، بعيدا عن صواريخ اليمن وقصف القواعد الامريكية في العراق، قال الملك الاردني : "اذا انحرف أحد الصواريخ الموجهة إلى إسرائيل عن مساره، فإنها تصل إلى الأردن، لذا فإن لدينا هذه التخوفات"!!.

من الواضح ان الكلام الاخير للملك الاردني هو اعتراف صريح انه ليس هناك من يهدد الاردن ولا يسعى الى الاضرار به، وكل ما هناك ان بعض المقذوفات، كما يزعم ملك الاردن، قد تنحرف عن طريقها وتسقط في الاراضي الاردنية، من دون قصد، الا انه كما يبدو لابد من الانخراط في "القلق والتخوفات" الامريكية والاسرائيلية والسعودية بإي ثمن، كما كانت تخوفات الاردن من "الهلال الشيعي"، الذي اعرب عنه الملك عبد الله عام 2004 في حديثه مع صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية، والذي تراجع عنه فيما بعد وغيره الى "هلال ايراني"!!.

اللافت ان المقصود من "الهلال الشيعي" سابقا، و"الهلال الايراني" لاحقا، من وجهة نظر الملك الاردني، هو ايران والعراق وسوريا ولبنان، وهو "هلال" لم يسجل التاريخ ولا مرة واحدة انه شكل خطرا على الاردن، هذا في حال وجوده فعلا كما يزعم الملك عبدلله، فإيران لم تتخذ حتى موقفا واحدا يمكن ان يُشم منه رائحة عداء للاردن، رغم انخراط هذا البلد وبشكل كامل في العدون الذي شنه الطاغية صدام على ايران على مدى 8 سنوات، اما العراق فكان ومازال شريان الاردن للطاقة الرخيصة والمجانية، رغم اعتراف رئيس الوزراء الأردني السابق معروف البخيت، عام 2014، بوجود 1300 تكفيري اردني يقاتلون في العراق وقتل منهم اكثر من 200 شخص، وهي ارقام رسمية، بينما الارقام الحقيقية هي اضعاف هذه الارقام، حيث شحن السفاح ابو مصعب الزرقاوي الاردني الالاف من التكفيريين والانتحاريين والذباحين معه الى العراق. اما سوريا التي كانت ترى في الاردن عمقها الاستراتيجي، كافأها الاردن، باحتضان غرفة الموك، وهي مقر قيادة وتنسيق وإصدار أوامر، للجماعات الارهابية والتكفيرية في سوريا وخاصة في درعا والقنيطرة وريف دمشق وريف حلب الشمالي، تديرها امريكا وفرنسا وبريطانيا والأردن وبعض دول الخليج الفارسي، تشكلت في عام 2013.

اللافت ان هذه الغرفة تشكلت من اجل حماية "اسرائيل"، وادارة المعارك وفقا للمصلحة "الاسرائيلية"، حيث تم تقديم مختلف أشكال الدعم للجماعات التكفيرية والارهابية، شريطة ان تحترم "الخطوط الحمراء"، التي وضعتها الغرفة، وهي :

-عدم المساس والاقتراب وتهديد الحدود الاسرائيلة بأي طريقة كان.

-حماية الحدود مع الجولان المحتل من أي تسلل إلى داخل إسرائيل.

-عدم الاقتراب من محافظة السويداء وبعض القرى في القنيطرة والإقرار بحقها في الوجود.

-الالتزام بكل ما يصدر عن غرفة الموك من مختلف الأوامر كالانسحاب أو الهجوم.

-عدم إقرار أو شن أية معركة أو عملية عسكرية إلا بموافقة من الغرفة عن طريق ممثلي الجماعات التكفيرية والارهابية.

-في حال خالف فصيل هذه الشروط يتم معاقبته بطرائق عدة كقطع الإمداد، وإيقاف الرواتب عن مقاتليه.

اخيرا، لا نملك الا ان نشيد بـ"الشعور القومي" للملك الاردني، فهو لا يتوانى عن اتهام ايران بانها تقف وراء الطائرت المسيرة التي استهدفت الاردن، دون تقديم اي دليل، ولا حتى اي مبرر يدفع ايران لإستهداف بلاده، بينما وانطلاقا من هذا "الشعور القومي الجارف"، ظل يدافع عن السعودية في مقابلته مع قناة "سي ان ان " الامريكية، رغم اعترافه ولاول مرة بتورط السعودية في قضية "الفتنة" التي استهدفت عرشه، إثر تورط احد اكبر رموزها وهو باسم عوض الله، مستشار ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في الفتنة، حيث قال الملك عبد الله: "تم التعامل مع هذا الملف كشأن داخلي، ونعرف جميعا أن باسم عوض الله، الذي عمل في السابق في الأردن، هو مستشار رفيع المستوى في السعودية، ويحمل جوازي سفر سعوديا وأمريكيا.. لاحظنا وجود ارتباطات خارجية بما يخص هذه القضية، لكن كما قلت، نتعامل مع هذا الملف كشأن محلي.. أعتقد أنه بالنسبة للأردن، لن يساعدنا توجيه أصابع الاتهام للآخرين، فهناك ما يكفي من تحديات في المنطقة"!!.

اخيرا، كنا نتمنى الا يوجه الملك الاردني اصابع الاتهام الى ايران، دون اي دليل، فهناك ما يكفي من تحديات في المنطقة، كما كنا نتمنى ان يتعامل بذات "الشعور القومي" مع الشعب اليمني ايضا، كما تعامل مع السعودية، لا سيما ان الجميع يعلم، ان اليمن هم اصل العرب.

أحمد محمد