الأزمة في تونس.. بين الداخل والخارج

الأزمة في تونس.. بين الداخل والخارج
الأربعاء ٢٨ يوليو ٢٠٢١ - ٠٥:٥٦ بتوقيت غرينتش

مازالت الازمة التي تعصف بتونس، غير واضحة المعالم رغم مرور ثلاثة ايام على الاجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد والمتمثلة بإقالة رئيس الحكومة وتجميد أعمال البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، فهناك من وصفها بانها "انقلاب" واضح المعالم على الدستور والديمقراطية، فيما وصفها آخرون على انها خطوات ضرورية لاعادة تونس الى السكة الصحيحة، بعد سنة كاملة من المناكفات السياسية العقيمة التي شلت البلاد.

العالم يقال ان

ما يعنينا في هذه السطور من الازمة التونسية، هو بعدها الخارجي، حيث يرى البعض ان ما جرى في تونس ما كان ليحدث لولا تدخل السعودية والامارت ومصر وفرنسا، من اجل التخلص من الاخوان المسلمين، ممثلين بحزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي، وهو العدو اللدود لهذه الجهات المذكورة.

المغرد السعودي الشهير بموقع توتير "مجتهد"، من الاشخاص الذين يعتقدون بوجود هذا العامل الخارجي، حيث ذكر وبتفاصيل، طبيعة هذا التدخل، حيث نقل عن مصادر مقربة من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، "ان الرئيس التونسي قيس سعيّد موعود منهما بـ 5 مليار دولار وديعة في تونس إذا نجح الانقلاب في تونس"، وان سعيّد حصل على وعد قطعي أن لا تدخل تونس في ركود بعد نجاح الانقلاب، مشيراً إلى أنّه وعبر اللجان الالكترونية (السعودية والإمارات) شغّلوا ٧٠٠ ألف حساب الكتروني في الفيسبوك معظمها حسابات روبوتية للتهيئة للانقلاب ثم تأييده.. ان ما يجري في تونس هو انقلاب يقوده الرئيس قيس سعيّد لإزاحة النهضة بالكامل على طريقة انقلاب السيسي لإبعاد الإخوان".

في المقابل، يرى البعض ان ما يجري في تونس هو شأن داخلي تونسي صرف، وليس هناك من دوافع خارجية له، والاجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي استهدفت من اعتبرهم السبب وراء الجمود الذي دخلت فيه تونس، والذي جعلها عاجزة حتى عن التعامل مع وباء كورونا، ومن بين هذه الجهات حزب النهضة، الا ان الذي حدث هو ركوب السعودية والامارات للموجة، عبر الاعلان عن تأيدهما للاجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي، فقط لانها طالت، من بين من طالت، عدوهما اللدود "الاخوان المسلمين"!!.

يستند اصحاب هذا الراي في تحليلهم هذا، الى التناقض الفاحش بين مواقف الرئيس التونسي قيس سعيّد، من القضية الفلسطينية، ومن التطبيع، ومن محور المقاومة، ومن القضايا القومية العربية الاخرى، وبين مواقف ابن سلمان وابن زايد، من هذه القضايا، فالرجل معروف عنه مواقفه الواضحة من التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وكان من اشد الرافضين لصفقة القرن التي روج لها ابن سلمان وابن زايد، حيث نُقل عنه قوله في هذا الشأن:"الفكر المنهزم لن يكون مقدمة للنصر، والقضية اليوم، هى الكيان المغتصب، الذي يجب أن ننهي أفعاله وتشريده للشعب الفلسطيني، والتطبيع خيانة عظمى، ومن تكون له علاقة مع الكيان المغتصب، فهو خائن، وفلسطين ليست ضيعة أو بستانا، حتى تكون موضوعا لصفقة".

اخيرا، ورغم كل هذا القيل والقال، ازء ما يجري في تونس، علينا ان ننتظر، بعض الوقت، وهو وقت لن يطول كثيرا، ونرى الخطوات الاخرى التي سيتخذها الرئيس التونسي، لتتكشف حقيقة ما يجري في تونس، وان كان ما جرى هو نتاج تراكمات سياسية داخلية تونسية، او نتيجة تدخلات خارجية، او نتيجة العاملين معا.