المسلمون.. والدرس الأفغاني

المسلمون.. والدرس الأفغاني
الإثنين ١٦ أغسطس ٢٠٢١ - ١٠:١٥ بتوقيت غرينتش

سيطرة طالبان على افغانستان بسرعة قياسية، وهروب الجيش والشرطة والقوات الامنية الافغانية، التي انفقت عليها امريكا 100 مليار دولار، وانسحاب القوات الامريكية وقوات الناتو من افغانستان، وهروب الالاف من الافغان المتعاونين مع امريكا من افغانستان دون ان يجدوا ملجأ يضمهم، وهجوم الالاف من الافغان على مطار كابول للخروج من افغانستان، رغم مرور 20 عاما على اسقاط حكم طالبان، وهيمنة امريكا على مقدرات هذا البلد، جعل اغلب العرب والمسلمين، يتوقفون طويلا امام هذا الدرس الافغاني الذي قد يتكرر في اي بلد عربي او اسلامي.

العالم كشكول

اول هذه الدروس هو ان "المتغطي بالامريكان عريان". رغم ان هذا الدرس ليس بالجديد، الا انه تم تاكيده وتثبيته في الدرس الافغاني، الذي استمر اكثر من 20 عاما، فقد باعت امريكا كل الافغان الذين تعاونوا معها وفتحوا لها ابوابهم، الا انها تمتنع اليوم حتى عن نقل المترجمين الافغان معها الى امريكا وتحاول ان تجد لهم مأوى في دول تدور في فلكها، بل انها اطلقت النار على الافغان الذين ارادوا الصعود مع الامريكين في طائرات في مطار كابول وقتلت عددا منهم.

ثاني هذه الدروس، كل الاحلام التي رسمتها امريكا للشعب الافغاني، من انها ستجلب الرفاهية والديمقراطية والحرية، في حال غزت هذا البلد، لم تتبخر فحسب، بل ان امريكا تركت افغانستان وهي على فوهة بركان الحرب الداخلية التي تهدد بنقسيمها وشرذمة شعبها.

ثالث هذه الدروس، بات بحكم المؤكد ان امريكا لم ولن تكن تفكر في استتباب الامن في ي بلد عربي او اسلامي غزته او احتلته او تدخلت في شؤونه، بل على العكس تماما، هي كانت ومازالت تسعى لضرب كل عناصر القوة في هذه البلدان، التي ترى فيها تهديدا لـ"اسرائيل"، وتهديدا لاطماعها ومصالحها غير المشروعة، لتبقى بحاجة الى امريكا دائما.

رابع هذه الدروس، ان الجماعات التكفيرية والمتطرفة، بغض النظر عن عناوينها، هي صناعة امريكية، تستخدمها امريكا في تمرير مخططاتها في البلدان العربية والاسلامية، تارة تعاديها وتحاربها، وتارة تقف الى جانبها وتقويها، كما كان الحال مع "القاعدة" و طالبان و "داعش" والجماعات التكفيرية الاخرى في افغانستان والعراق وسوريا واليمن.

خامس هذه الدروس، ان كل ما قيل عن الاموال الضخمة التي انفقتها امريكا على الجيش والقوات الامنية الافغانية، لا اساس لها من الصحة، بدليل ان هذه القوات لا أثر لها اليوم في المشهد الافغاني، فبمجرد ان اعلنت امريكا انها ستنسحب من افغانستان، حتى تبخرت هذه القوات، فهدف امريكا من الاساس لم يكن تشكيل جيش افغاني او قوات امنية قوية، فمثل هذا الجيش وهذه القوات ليست مدرجة على جدول اعمال امريكا في افغانستان، فليس هناك الا زراعة الافيون، والترويج للرذيلة، ونهب ثروات البلاد، واستغلال موقعها الاستراتيجي.

سادس هذه الدروس، انه حتى المال القليل الذي انفقته امريكا على الجيش الافغاني، كان بهدف افساد هذا الجيش، وهذه الحقيقة كشفت عنها الصحافة الامريكية، التي ذكرت ان الجنود الافغان كانوا يعيشون اوضاعا مزرية، وكل ما كانوا يفكرون به هو الراتب الذي سيتسلموه اخر الشهر، اي ان الامريكيين تعاملوا مع الجنود الافغان كموظفين وليس كجنود مقاتلين، الامر الذي جعل الفساد يستشري في المؤسسة العسكرية الافغانية، وفقد الجنود اي دافع وطني او عقيدي، يدفعهم للتضحية من اجل الوطن الذي سرقته امريكا والمسؤولين الذي نصبتهم على الشعب الافغاني والذين كانوا يعيشون في ابراج عاجية.

غير هذه الدروس، هناك دروس اخرى كثيرة يمكن ان تستخلصها الشعوب العربية والاسلامية، من الدرس الافغاني، حتى لا تتكرر مأساة الشعب الافغاني، للشعوب الاخرى، كالشعب العراقي والسوري واللبناني واليمني والليبي والصومالي و..، التي مازال بعض المغرضين والمغرر بهم بين هذه الشعوب، يربطون مصير بلدانهم وشعوبهم، بامريكا، ويعتبرونها الباب الذي سيدخلون منه الى المستقبل الزاهر والباهر، كما كان يطبل من قبل المغرضون والمغرر بهم من الافغان على مدى 20 عاما.