و'أنا من حسين'..

و'أنا من حسين'..
الخميس ١٩ أغسطس ٢٠٢١ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

لا يوم كيومك يا اباعبد الله فقد اريق اشرف واطهر دم على ارض نينوى أرض "كرب وبلاء"، تلك الارض التي شم تربها رسول الله (صلى الله عليه وآله) واعطت المزيد من الدروس والعبر للمؤمنين على مر الاجيال.

العالم - قضية اليوم

الروايات المعتبرة عند الفريقين اكدت اهتمام رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحدث الجلل الذي سيزلزل الامة ويرعب اعداء الله في كربلاء وفي كل بقاع الارض، فبكاه (صلى الله عليه وآله) وعقد المأتم له والبكاء عليه قبل ولادته ويوم ولادته وفي حضانته وحينما أخذ يحبو وحينما كَبُرَ وفي يوم استشهاده، ما يُعَدُّ من القضايا الغيبية التي أخبر بها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الدالة على صدقه وأنه (صلى الله عليه وآله) أصدق من برأ الله تعالى.

الروايات عن بكاء الرسول على الحسين الشهيد (صلى الله عليه وآله) كنا اسلفنا وردت عند الفريقين دون استثناء وهي كثيرة جدا ومتواترة بلا ريب، وتُعدُّ من القضايا الدالة على صدقه (صلى الله عليه وآله)، وعلى الاهتمام الرباني والرعاية الالهية التي واكبت اسشهاد الحسين (سلام الله عليه) حيث أُخبِر الرسول (صلى الله عليه وآله) بهذا الحدث الجلل عن طريق جبرائيل (عليه السلام) وغير ملك واحد بأمر الله تعالى، ومن ذلك ما اخبره به ملك المطر وثالثة غيره من الملائكة المقربين، فيما بكاه الرسول في غير محل واحد، وفي ازمنة متعددة متفاوتة ومواقف متكررة، فمرة بكى على الحسين في بيت أُم المؤمنين أُم سلمة، وأُخرى في بيت زوجه عائشة، وثالثة في بيت علي وفاطمة (سلام الله عليهما).

من كل ذلك نستشف الاهمية القصوى الغيبية التي رعت هذا الحدث الذي هز الارض وبكته ملائكة السماء وتعاطف معه المسلمون وغير المسلمين مستلهمين العبر والدروس لما احتواه من مضامين انسانسة ورسالية ترفض الاذعان للظامة والظالمين وتبذل المهج في سبيل احقاق الحق، وعدم الركون الى الباطل.

يوم عاشوراء.. هو يوم خيانة الامة لسبط الرسول (صلى الله عليه وىله) حيق قال (سلام الله عليه) هو "يوم والله قل ناصره وكثر واتره"، وقد أُعدم الناصرون له في ذلك اليوم إلا من ثلة قليلة شحيحة امتحن الله قلوب رجالها للايمان واشتروا الآخرة وربحوا الجنة من اصحابه في وقت كثر فيه الواترون الظالمون السالبون الحاقدون على رسول الله وآل بيته الاشراف الاطهار، المشتركون بسفك الدماء الطاهرة لسيد شباب اهل الجنة.. وقد اخزاهم الله في الدنيا والاخرة فلم يبق لهم اثر مطلقا، بعد ان وصلت دناءتهم وخبثهم الى قتل طفل رضيع ذلك انما يدل على مدى حقدهم على ال بيت الرسول الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بقوله تعالى ﴿إِنَّمٰا یُرِیدُ اَللّٰهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً﴾.

قسوة القلب وغلظته لدى هؤلاء القوم انما تشير الى المدى الهابط في عمق السفالة التي وصلوا اليها بمعاندتهم كتاب الله والوقوف بوجه كلام الله الذي طهر رسول الله وهذه العائلة الكريمة من الرجس وامر المسلمين بمودتهم بقوله تعالى ﴿قُلْ لا أَسْئَلُکُمْ عَلَیْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِی الْقُرْبی﴾.

العداء للرسول ولآل البيت لم يقتصر على تلك الفترة انما يتسع مع اتساع الزمن ومرور الاجيال، فكما حارب أولئك النفر المفلس الحاقد من قريش رسول الله واجتمعوا من كل قبيلة رجل لقتله ووأد رسالته، امتدت اياديهم الدموية من بعده لتطال سبطه الذي وصفه الرسول الاكرم وأخيه "الحسن" بسيدا شباب اهل الجنة، ثم امتدت مخالبهم الدموية بعد كربلاء لتنهش جميع من يوالي هذا الخط الرسالي من بعد تلك الحقبة والى يومنا الحاضر هذا.

عداء المنافقين وأعداء دين الله اليوم للمؤمنين الموالين لله ولرسوله ولآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) انما هو امتداد لعداء رسول الله وآل بيته الاطهار.. هو امتداد لمن لعداء كل من يحمل تلك الرسالة التي ضحا من اجلها الحسين مؤكدا انه "لم يخرج أشرا ولا بطرا انما خرج لطلب الاصلاح في أُمَّة جده رسول الله" (صلى الله عليه وآله) بعد ان اجتهد المنافقون في حرف تلك الرسالة وحرف دين الله بما تشتهي انفسهم خدمة لملكهم ومصالحهم الدنيوة الرخيصة.

من هنا جاء قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): "حُسَيْنٌ مِنِّی وَ أَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاط"، فقول الرسول الاكرم و"أنا من حسين" تشير الى امتداد الرسالة بفعل التضحية التي ضحاها سيد شباب اهل الجنة في كربلاء التي احيت دين الله من بعد ان كاد المنافقون يحرفون دين الله الى حيث تشتهي سفنهم ومراكبهم الى مرافئ الذل والعار.

قولنا ليس مزاجيا ولا عاطفيا ولا تنظيريا.. وله واقع ملموس في حياتنا اليومية، وكما نشاهد ونشهد في يومنا هذا كيف تسارع وتقاطر اصحاب النفوس الضعيفة المريضة التي لم تشبع من نهب ثروات وخيرات الدنيا وبلدانهم لتمتد اياديهم الوسخة العفنة للتطبيع مع المحتلين اعداء الله ورسوله واعداء دين الله.

انه نفس الخط المنحرف اجتهد في الامعان في ايذاء المسلمين بقبول المحتلين السارقين لارض فلسطين كأصدقاء لهم دون المسلمين وبدل نصرتهم، وقفوا بكل عنجهية فارغة ذليلة بوجه من يريد تحرير العرض والارض المغتصبة من المحتلين الناهبين الذين وعدنا الله بزوالهم على ايدي رجال اولي بأس شديد.. ووقوفهم بوجه كل حر شريف يسعى لتحرير بلاده من يد المحتلين الاميركان المنتفعين من خيراتنا الناهبين لثرواتنا كما في اليمن السعيد باهله الذي سعى ويسعى لتحرير ارضه من الاميركان واذنابهم الاعراب الاشد كفرا ونفاقا وكما هو حال العراق الذي دفع الاميركان والصهاينة وذيولهم الاعراب ليستنفروا جنودهم التكفيريين جنود الشيطان الرجيم من الجماعات الإرهابية التكفيرية التي مارست ابشع الجرائم بحق العراق وابنائه من تفجير ومفخخات واحزمة ناسفة وقتل بالجملة نصرة لنفس الخط الارهابي الدموي المعادي للاسلام والمسلمين منذ عهد الرسالة المحمدية والثورة الحسنية الخالدة.

يقول المرجع الديني البحريني آية الله الشيخ "عيسى قاسم"، أن الامام الحسين (عليه السلام) يجمع الناس جميعا على طريق الإسلام ويعلّم المسلمين العزة ولا يترك للذل أن يجد في قلوبهم سبيلا، وأن الإسلام نفهمه ونفقهه في كربلاء، وانه يُحرم على الأمة الاسلامية أن تعطي فرصة نصر لليزيد الاميركي الصهيوني، وأن الحرب على إحياء ذكرى عاشوراء واضحة في البحرين وأن منطلق هذه الحرب سياسي.

وسابقا.. قال المسيحي الماروني جوزف هاشم الهاشم وهو "سياسي وصحفي وشاعر ووزير لبناني أسبق": "يا إبن فاطمة وعلي وهل عظمة ارفع من هذه القلل!؟.. يامن ورثت العظمة والخصال السامية كلها، لم تخدعك وساوس الدنيا الملونة، وضحيت بروحك العظيمة نذرا، لو لم تكن لما رفرف لواء الهي، لست إمام الشيعة فقط، بل قائد لكل الخلق والعباد، الذين رفعت مكانة إيمانهم الى القلل.

السيد ابو ايمان