تفجير مطار كابول.. فوضى مدروسة

تفجير مطار كابول.. فوضى مدروسة
السبت ٢٨ أغسطس ٢٠٢١ - ٠٣:٥١ بتوقيت غرينتش

من السذاجة إستبعاد دور امريكا في التفجير الدموي الذي وقع في مطار كابول، بمجرد وجود 13 عسكريا امريكيا بين قتلى التفجير، فالتاريخ الاسود للمستعمر الغربي وللمحتل الاسرائيلي، متخم بجرائم ارتكبتها الحكومات الغربية، ضد مواطنيها في التجارب على الاسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية. والعصابات الصهيونية، ضد اليهود في مختلف دول العالم، من اجل تحقيق مصالحها غير المشروعة، لذلك لا نعتقد ان الدولة العميقة في امريكا ستنصب سرادق العزاء من اجل 13 جنديا، سقطوا في احداث كابول المريبة.

العالم قضية اليوم

لا نكشف سرا ان قلنا ان امريكا لم تغزو بلدا عربيا او اسلاميا، من اجل مصلحة الشعب العربي والمسلم في هذا البلد، ولا من اجل نشر الديمقراطية وحقوق الانسان بين مواطنيه، ولا لبناء نهضة اقتصادية في ربوعه، فهي تدخل من اجل خرابه ودماره، ونشر الفوضى فيه، فأمريكا لا ترى مستقبلا لـ"اسرائيل" الا في خراب ودمار الدول العربية والاسلامية المحيطة والقريبة بها ، وما حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان والصومال وفي سيناء مصر، الا جانبا من جوانب "الفوضى الامريكية الخلاقة".

ان افغانستان ليست استثناء في هذه القاعدة، فامريكا التي غزتها عام 2001 كان هدفها الاول والاخير من وراء هذا الغزو، تحويل افغانستان، الى مركز لتصدير الفوضى والاضطرابات الى جميع دول المنطقة، لذلك لم تعمل امريكا رغم احتلالها هذا على مدى عقدين من الزمن، على بناء جيش افغاني عصري وقوي، ولم تعمل على بناء تنمية اقتصادية يمكن ان تنتشل الشعب الافغاني من الفقر المدقع الذي يعيشه، وهذه الحقيقة انكشفت عندما سيطرت جماعة طالبان على افغانستان في ايام قليلة دون ادنى مقاومة من الجيش الافغاني الذي كان قوامه 300 الف جندي.

امريكا عندما تنسحب مضطرة من اي بلد احتلته، فهي لا تخلف وراءها الدمار والفقر فقط، بل انها تعبث بالبنيه الاجتماعية، وتزرع الطائفية والنعرات العرقية بين ابناء هذا البلد، واهم من كل هذا وذاك، تقوم بتصنيع الجماعات التكفيرية كـ"داعش" واخواتها، كما اعترف بذلك كبار المسؤولين الامريكيين، امثال الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب و وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلينتون، من اجل ديمومة الفوضى في هذا البلد.

من الواضح ان الفوضى التي تسود الانسحاب الامريكي المريب من افغانستان، لم تكن فوضى مفاجئة، بل هي فوضى مدروسة، فقد تم الاعداد لها بعناية، لتكون بيئة لوقوع تفجير ضخم كما هو تفجير كابول، من اجل تمزيق المجتمع الافغاني، و وقوع قتلى بين العسكريين الامريكيين، جاء من اجل اعطاء مصداقية لـ"الفوضى"، وان كان هناك من يعزو سقوط عسكريين امريكييين بالتفجير، الى خطأ في تنفيذ "الفوضى"، ولكن هذا الراي لا يمس بأصل فكرة "الفوضى المدروسة" التي تشرف عليها امريكا، بهدف تحريض عصاباتها التكفيرية في افغانستان على بعضها البعض، للابقاء على هذا البلد، مرتعا للارهاب والفوضى والخراب.

التفجير الذي وقع في مطار كابول، كان متوقعا، فقد حذر منه الجميع، لذلك من الصعب جدا تصور ان المخابرات الامريكية، لم تكن تتوقعه، وهي التي كانت ومازالت تمسك بالملف الامني في افغانستان منذ عقدين من الزمن، كما ان طالبان، التي باتت تمسك بالارض في افغانستان، و "داعش" التي تم نقلها من سوريا والعراق الى افغانستان، خرجتا من مطابخ امريكا و"اسرائيل"والسعودية.

بات مؤكدا، ان افغانستان التي تركت امريكا فيها اطنانا من الاسلحة المتطورة، والتي تحتضن جماعات تكفيرية وهابية، تتنافس فيما بينها على تطبيق هذا المذهب السعودي، اصبحت على حافة هاوية الحرب الاهلية، وهي حرب كانت بحاجة الى شرارة بحجم تفجير كابول، لاشعالها بهدف تحويل افغانستان الى خنجر في خاصرة الصين وروسيا وكل من تعتبرهم امريكا، تهديدا لمصالحها غير المشروعة ، ولأمن "اسرائيل".

سعيد محمد – العالم