الجزائر تفتتح مساراً جديداً للحلّ في ليبيا

الجزائر تفتتح مساراً جديداً للحلّ في ليبيا
الأربعاء ٠١ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٣:١٩ بتوقيت غرينتش

على رغم أن ترتيبات اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي، الذي عُقد في الجزائر، جاءت سريعة، وبمشاركة كلٍّ من: ليبيا، مصر، السودان، تشاد، الكونغو والنيجر، إلى جانب المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ومفوض «الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن»، إلّا أن مخرجاته تبدو الأهمّ حتى الآن، ولا سيما أنها ركّزت على محاولة التوصّل إلى رؤية مشتركة للمرحلة المقبلة في هذا البلد، بمساعدة دول الجوار، وفي مقدِّمها الجزائر التي تبدو راغبةً في الاضطلاع بدور أكبر في هذا الملفّ.

العالم - ليبيا

وجرى التشديد، في اللقاء، على ضرورة الإسراع في وضع الإطار الدستوري الذي ستجرى على أساسه الانتخابات المقرَّرة في الـ 24 من كانون الأول المقبل، وعلى إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا، فضلاً عن العمل على توحيد المؤسسة العسكرية، باعتباره أولويّة للحلّ السياسي.

في المقابل، لفتت وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، إلى المعوّقات التي تحوْل دون توحيد المؤسسة العسكرية، مطالبةً دول الجوار الفاعلة في الملف الليبي بممارسة ضغوطها في هذا المجال، ومبديةً، في الوقت ذاته، رغبة الحكومة الحالية في تسليم السلطة إلى سلطة منتخَبة في الموعد المحدَّد.

كذلك، أشارت المنقوش إلى استحالة إنجاح المسار الحالي من دون التزام الأطراف الخارجيين، وتنفيذ المخرجات التي جرى التوافق عليها سلفاً، وخصوصاً في ملف المرتزقة، معتبرةً أن الاستقرار لن يتحقَّق إلّا إذا جرى الاشتغال على المسارَين الأمني والسياسي بالتوازي.

وتطرّقت المناقشات إلى الأوضاع على الأرض، فضلاً عن الأزمة المتصاعدة بين رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، وموقف المشير خليفة حفتر من مسألة توحيد المؤسسة العسكرية. وفي ضوء ما سلف، يُتوقَّع أن تتمّ الدعوة إلى اجتماع آخر يضمّ أطرافاً دوليين، من أجل الضغط لتنفيذ مخرجات «مؤتمر برلين»، واستكمال المرحلة الانتقالية.

وناقش اجتماع الجزائر اتّساع هوّة الخلاف بين رئيس البرلمان الراغب في الترشُّح للانتخابات الرئاسية، وبين رئيس الحكومة الذي يرفض قيود صالح ومحاولاته استغلال منصبه لتحقيق مزايا تمكّنه من الفوز بالانتخابات التي يحتمل أن تجرى عبر التصويت المباشر من المواطنين، وليس البرلمان.

وبموجب اتفاق فيينا الذي أوصل الحكومة الانتقالية الحالية إلى السلطة، لا يحقّ للدبيبة الترشُّح إلى أيّ منصب في الانتخابات المقبلة، إلّا أنه لا يوجد ما يعيق وصول عقيلة صالح إلى كرسيّ الرئاسة. لكن رئيس البرلمان استجاب لضغوط مصرية ــــ إماراتية، بإرجاء الصدام مع الحكومة، عبر تأجيل ملفّ مساءلتها أمام مجلس النواب، مع إعلان الدبيبة عدم حضوره جلسة المساءلة التي عقدت أمس، وجرى فيها مناقشة مسألة الانتخابات بشكل رئيسيّ. وعلى رغم رفض الدبيبة، بدايةً، فكرة المساءلة أمام البرلمان، واتّهامه صالح ومؤيّديه بمحاولة عرقلة عمل الحكومة لأسباب واهية وغير صحيحة، إلّا أنه تعامل مع المسألة بشكل مختلف، بعد الاتصالات التي جرت معه بطلب تأجيل الجلسة لاستيضاح بعض النقاط، وهو ما استجاب إليه عقيلة صالح الذي بدأ يخشى من جولات الدبيبة الخارجية المتعدّدة. وعلى رغم تلويح عقيلة صالح بإقالة الحكومة من مجلس النواب وسحب الثقة منها، إلّا أن السيناريو الأقرب، في الأيام المقبلة، هو الإقدام على إقرار القاعدة الدستورية بما يسمح بتجنّب الصدام بين الحكومة والبرلمان من جهة، وبدء العمل الفعلي من أجل التحضير للانتخابات من جهة أخرى.
الهدنة الموقّتة في صراع صالح ــــ الدبيبة، لم يصاحبها هدنة على المستوى الأمني، إذ خرجت تظاهرات في طرابلس لمرتزقة سوريين يعملون في قوات الأمن التابعة للحكومة، على خلفية عدم تقاضيهم رواتبهم منذ أشهر. ولا يزال الملفّ الأمني غير مكتمل في يد الدبيبة الذي يرفض حفتر الاعتراف بتولّيه وزارة الدفاع وممارسته دوره كمسؤول عسكري، في وقت تنخرط فيه الميليشيات السورية في القوات الأمنية المسؤولة عن تأمين طرابلس منذ الاستعانة بها في ظلّ حكومة فائز السراج.