استقالة نواب "التيار" لا تزال على "أجندة" باسيل… ما الجدوى؟

استقالة نواب
السبت ٠٤ سبتمبر ٢٠٢١ - ١١:٥١ بتوقيت غرينتش

استقالة نواب "التيار" لا تزال على "أجندة" باسيل… ما الجدوى؟

العالم - لبنان

لا يزال السجال الذي وقع في جلسة مجلس النواب الأخيرة بين رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس "​التيار الوطني الحر​" الوزير السابق ​جبران باسيل​، والذي انطوى على "تلويح متجدّد" من جانب باسيل باستقالة النواب الصامدين في تكتّل "لبنان القويّ"، يتفاعل في الأوساط السياسيّة، وسط تساؤلات جدّية عمّا إذا كانت هذه الخطوة "على الأجندة" بالفعل.صحيح أنّ طرح باسيل هذا جاء يومها في "معرض" الانتفاضة على قرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات بالكامل، وفي محاولةٍ منه لدفع البرلمان لاتخاذ "موقف قويّ" مساند لرئيس الجمهورية في "المعركة" التي كان يخوضها مع "الحاكم"، لكنّ الصحيح أيضًا أنّ الفكرة لم تكن "وليدة ساعتها"، وأنّ التلويح بها سابق لتلك الجلسة، وربما "لاحق" لها.

وتقول المصادر المتابعة مع أنّ "الرياح لم تجر" في هذه الجلسة كما كانت "تشتهي سفن" باسيل، الذي صنّف نفسه ممثّلاً "لأقلية نيابية"، وليس للأكثرية كما يروّج البعض، من دون أن يتّخذ "التيار الوطني الحر" أيّ خطوة من نوع الاستقالة، ثمّة من يجزم أنّ هذا النقاش لا يزال مفتوحًا داخل الأروقة "العونيّة"، وسط انقسامٍ في الرأي بين من يدفع باتجاهها، ومن يعتبرها غير ذي جدوى.في هذا السياق، ثمّة فريق قد لا يشكّل أقلّية داخل "التيار"، يعتقد أنّ الاستقالة، بعيدًا عن فائدتها "الشعبويّة" التي قد لا تكون بسيطة، قد تصبح "خيارًا وحيدًا" في حال استمرار التعثّر على خطّ ​تأليف الحكومة​، وعدم حصول التوافق المُنتظَر بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلّف ​نجيب ميقاتي​، في ضوء الحديث عن "اعتذار" مرتقب للأخير.

ويقول أصحاب هذا الرأي إنّ "سيناريو" تسمية شخصيّة جديدة لرئاسة الحكومة، من "العائلة السياسية" نفسها لميقاتي وقبله مصطفى أديب وسعد الحريري، لن يكون مقبولاً بعد كمّ التجارب "المُرّة" التي وقعت في الآونة الأخيرة، في حين أنّ "سيناريو" تسمية شخصيّة "متناغمة" مع "التيار" لا يزال مرفوضًا من قبل "الشركاء المفترضين"، وتحديدًا "الثنائيّ الشيعيّ".بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ الخيار الوحيد المتبقّي سيكون الاستقالة من مجلس النواب، الأمر الذي سيشكّل "ضربة قاضية" للجميع، خصوصًا لأولئك الذين باشروا بدرس خطوات "ضرب العهد"، بعد اعتذار ميقاتي، ومن بينها فرض "حرم سنّي" على أيّ شخصية تفكّر برئاسة الحكومة، وجعل "الفراغ" سيّد الموقف "حتى آخر العهد"، كما يعلن البعض جهارًا.

في المقابل، يتريّث كثيرون في الذهاب إلى مثل هذا الطرح، باعتباره "غير مضمون" النتائج، ولو أنّ "المنطق" يفرض أن يؤدّي تلقائيًا إلى انتخابات نيابية مبكرة تعيد فرز المشهد السياسيّ، خصوصًا إذا ما "صدق" نواب "القوات اللبنانية" فسارعوا إلى ملاقاة "التيار" في منتصف الطريق، وقدّموا استقالاتهم من الندوة البرلمانية.لكنّ المعارضين يقولون أيضًا إنّ الاستقالة اليوم من البرلمان "لم تعد تحرز"، طالما أنّ الموعد الفاصل عن ​الانتخابات النيابية​ بات ضيّقًا، ولو أنّ المهل القانونيّة لا تزال تفرض إجراء انتخابات فرعية، لن يكون بوسع "العونيّين" مطالبة الفريق الآخر بإنجازها احترامًا للقانون، طالما أنّهم ساهموا في "تجاهل" هذا الاستحقاق منذ أكثر من عام.ويخشى هؤلاء أن تكون الاستقالة بمثابة "تسليم" للأكثرية النيابية، التي قد تستغلّ الفرصة لتحقيق بعض مآربها وغاياتها، ومن بينها إضافة إلى "الاستفراد في الحكم"، تعديل قانون الانتخاب، علمًا أنّ كلام رئيس مجلس النواب في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر عن وجود "متّسع من الوقت" لمثل هذه الورشة لا يبدو، في القاموس "العونيّ"، بريئًا ولا عفويًا.

ويريد "العونيّون"، ومعهم "القواتيون"، التمسّك بالقانون الانتخابي الحاليّ، الذي لم يُجرَّب سوى لمرّة واحدة، وهم يتوجّسون حتى من تعديل المواد التي تستوجب تعديلاً قبل الانتخابات المقبلة، خشية أن يذهب فريقٌ لتحويل أيّ جلسة تُخصَّص لهذا الغرض، إلى "ورشة" تطيح بالقانون عن بكرة أبيه، خصوصًا أنّ بري يعلن صراحة رغبته بتوسيع الدوائر، وصولاً لحدّ اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، ما يرفضه "العونيّون" لاعتبارات ديمغرافية كما يقولون.وبين هذا وذاك، لا يُعتقَد أنّ النقاش "العونيّ" حول الاستقالة سيوصل إلى مكان، لأنّ مثل هذه الخطوة تبقى "مُستبعَدة" برأي كثيرين، ممّن يعتقدون أنّه كان يمكن أن يكون لها معنى لو حصلت قبل أشهر، أو بالتزامن مع الاستقالات التي وقعت في البرلمان، والتي كان "العونيّون" أول المعارضين لها، بل الساخرين منها والشامتين من أصحابها. أما الاستقالة اليوم، فهي برأي المراقبين، مجرّد "تعقيد إضافي" على المشهد، قد لا يحقّق أيًا من أغراضه، لا لجهة "تبكير" موعد الانتخابات، التي أصبحت المهل الفاصلة عنها ضيّقة، فيما لو احتُرِمت المواعيد القانونيّة، ولا حتى لجهة "الشعبويّة"، خصوصًا بعدما أصبحت اهتمامات الناس في مكانٍ آخر، وهي تبحث عمّن يخلّصها من الإذلال اليومي الذي تشعر به، والذي لن ينتهي باستقالات في غير مكانها ولا زمانها.من هنا، يعتقد هؤلاء أنّ الحديث عن استقالات نيابية، وعن انقسام حولها، لا يعدو كونه مادة "للاستهلاك الإعلامي"، وربما للتغطية على "العجز" الحاصل في عملية تأليف الحكومة، ولإلهاء الرأي العام بنقاشات "هامشيّة"، بعيدًا عن فكرة "المحاصصة" التي لا تزال تهيمن على مفاوضات التشكيل، بعيدًا عن أيّ منطق، يفترض الإحجام عن كلّ الشروط والشروط المضادة لصالح تأليف حكومة اليوم قبل الغد.هكذا، يبقى التلويح بالاستقالة "على الأجندة" حتى إشعارٍ آخر، تلويح سيبقى على الأرجح "مضبوطًا" بحدود "التلويح" لا أكثر، ولن يتحوّل واقعًا، إلا في حالة واحدة، وهي ذهاب مجلس النواب الحاليّ إلى "التمديد" نفسه، هذا في حال لم يكن "التيار" شريكًا في مثل هذه الخطوة، التي لن تُعتبَر سوى "مؤامرة"، ولو كانت متوقعة سلفًا!.

مراسل العالم .