لماذا ألغى اوستن زيارته للسعودية في حين زار 3 من الدول الخليجية الاخرى؟

لماذا ألغى اوستن زيارته للسعودية في حين زار 3 من الدول الخليجية الاخرى؟
الجمعة ١٠ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٥:٣٢ بتوقيت غرينتش

غابت العربية السعودية عن المشهد الأفغاني تماما، ولم تسجل أراضيها استقبالا للاجئين الأفغان رسميا، يبدو المشهد مختلفا بطبيعة الحال، فالمملكة كانت الداعم الأساسي لحركة طالبان في الماضي ضد السوفييت بدعم أمريكي.

العالم- السعودية

اليوم باتت المملكة انفتاحية، وبات الإسلام الصحوي والوهابي، في ذاكرة ماضيها ليس أكثر، فيما “طالبان” تعود وقد اشترطت على المرأة نقابا، وانعزالا، وفصولا منفصلة للتعليم والعمل غير مكترثة لانتقادات الغرب، وهو مشهد كان بالقريب مشهدا مشابها في السعودية، ما قبل صعود الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي إلى الحكم.

الدول الخليجية، من الدوحة إلى الكويت، والإمارات، وحتى البحرين “الحديقة الخلفية للسعودية” كما في الأدبيات الخليجية، أعلنت رسميا استقبال اللاجئين الأفغان بطلب أمريكي، وهو ما طرح تساؤلات حول الغياب السعودي عن هذا الاستقبال، وإن كان متعمدا، مع وجود فتور سعودي مع إدارة جو بايدن، أو تخوفات سعودية من تواجد أفغاني على أراضيها، وعودة الإسلام السياسي، قبل أيام قليلة فقط تداول رواد التواصل الاجتماعي، مشهدا لافتا لطمس رأس إمرأة بالأسود في إعلان في أحد الشوارع السعودية، البعض وجده تصرفا فرديا، والبعض أبدى بعض المخاوف، مع عودة رجال طالبان، وصورتهم الحديثة وهم يطمسون صور النساء من على المحال التجارية، والصالونات بعد سيطرتهم على الحكم.

تتعزر الشكوك لعلها حول الموقف السعودي مما يجري في أفغانستان، وتحديدا بعد إعلان البنتاغون الأربعاء، أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن والذي يقوم للمفارقة بجولة خليجية، أرجأ زيارته دونا عن كل الدول الخليجية، إلى السعودية، وعزا قراره إلى “مشكلة في الجدول الزمني”، وهو تأجيل يطرح تساؤلات ولعله يتعدى ترتيب الجدول الزمني، فيما إذا كان الوزير أوستن عبر عن انزعاج بلاده من دور السعودية السلبي في أفغانستان، وكانت تأجيل زيارته بمثابة الرسالة، والإحراج للحليف السعودي، والذي بدأت زيارته (وزير الدفاع الأمريكي) مطلع الأسبوع لدول خليجية، وبعد أسبوع على انتهاء الولايات المتحدة انسحابها من أفغانستان.

واللافت أن الدوحة، حظيت بكامل الاهتمام الإعلامي، قال بعض الإعلام الأمريكي إنها الأكثر استفادة مما يجري في أفغانستان، وتقاربها مع طالبان، وتشغيلها مطار كابول، وهي التي زارها وزير الدفاع الأمريكي، إلى جانب الكويت التي حظيت بالشكر الأمريكي على دعمها، والبحرين التي حظي عناصر البحرية الأمريكية المتمركزين على أرضها بالإشادة من وزير دفاع أمريكا لعملهم البطولي، ضمن أضخم جسر جوي عسكري في التاريخ، ليبقى السؤال المطروح أين السعودية من كل هذا؟

يحدث هذا، وقد قررت إدارة جو بايدن، رفع السرية عن الوثائق المتعلقة بالهجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية، 11/ سبتمبر أيلول/ 2001، وذلك بعد 20 عاما على الحادثة التي تقول اتهامات بأن السعودية متواطئة في تلك الهجمات.

رفع السرية عن الوثائق الذي فسره معلقون، بأنه متعمد التوقيت، للإضرار بالسعودية، وما يترتب على إعادة فتح ملف أهالي الضحايا، والتعويضات المطلوبة، رحبت المملكة به من جهتها، وقالت سفارتها في واشنطن بإنها ترحب بالإفراج عن الوثائق، وإن المملكة بصفتها (تأكيد واضح في البيان) ضحية للإرهاب، تتفهم الألم، والمعاناة، التي لا توصف للعائلات التي فقدت أحباءها في ذلك اليوم الذي لا ينسى.

ومع ترحيبها هذا، حذرت السعودية بأن أي ادعاءات حول تواطئها في هجمات 11 سبتمبر، هو كما قالت ادعاءٌ خاطئ بشكل قاطع، وهو تحذيرٌ يشي بتجدد المخاوف السعودية من استغلال إدارة بايدن لهذا الملف، خاصة أن رفع السرية جاء بعد توقيع مئات من أسر ضحايا الهجمات خطابا مطلع شهر آب الماضي، يطالب الرئيس بايدن بالإفراج عن الوثائق التي يرون أنها تشير إلى تورط مسؤولين سعوديين، وهو التورط التي تقول السعودية إن التحقيقات السابقة لم تشر إلى وجود علم مسبق لدى السلطات السعودية بوجود هجمات 11سبتمبر، والتي وقف خلفها تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن.

بكل الأحوال، يبدو الانكفاء السعودي في الملف الأفغاني واضحا، وهو ما يدفع لتساؤلات حول وجود رغبة سعودية عامة بالانكفاء التدريجي عن الملفات الإقليمية السياسية، مع تواصل التعثر بملف اليمن المعقد وتواصل استهداف أراضيها من قبل الحوثيين، كما وانشغالها بملفات داخلية مع ترقب الملك القادم، والاستعجال بملفات اقتصادية، على رأسها الرغبة في إنجاح مدينة نيوم الاقتصادية المنافسة لدبي، والتنويع بمصادر الدخل بديلا عن النفط، تحقيقا لرؤية 2030، وسط انتقادات شعبية لغلاء البنزين، وارتفاع نسب البطالة، وانخفاض الدخل، وفرض الضريبة، وتحول المملكة لبيئة طاردة للوافدين، مع رغبتها في جذب الشركات العالمية، ومحاولة ترميم “نظام الكفيل” وصولا لإلغاء الكفالة، كل هذه ملفات تشغل بال صانع القرار السعودي.

خالد الجيوسي - رأي اليوم