لبنان: بعد 13 شهرًا من الفراغ.. حكومة ميقاتية من 24 وزيرًا

لبنان: بعد 13 شهرًا من الفراغ.. حكومة ميقاتية من 24 وزيرًا
السبت ١١ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش

وأخيرًا تصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا معلنا عن ولادة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من 24 وزيرًا، ووقعت المراسيم، على أن تكون أولى الجلسات يوم الاثنين في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون.

العالم _ لبنان

الحكومة اللبنانية الجديدة بعد انتظار 13 شهرًا أمامه استحقاقات كبيرة، أبرزها الأزمات المعيشية والاقتصادية والمحروقات ورفع الدعم، وصولًا إلى الانتخابات النيابية في أيار من العام المقبل، فهل ستكون ثمانية أشهر كافية وستساعد الظروف المحلية والإقليمية والدولية ميقاتي للمضي قدمًا في التقاط أنفاس البلاد؟!

ورأت صحيفة الاخبار اللبنانية اليوم السبت أنه إذا كان تأليف الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي انعكاساً لاستمرار سلطة القوي واستغلاله الطبقات الشعبية لتمتين نفوذه السياسي - الاقتصادي، فتنعم فئة قليلة جدّاً من المُنتفعين، فإنّ الأكيد أنّ التشكيلة الوزارية تُعبّر عن كلّ ما يتعارض مع مصلحة اللبنانيين لإنهاء الانهيار الاقتصادي - المالي - النقدي المستمر منذ سنتين.

فبين وزراء يتبنّون علناً سياسات الولايات المتحدة الأميركية، ويأتون مُسبقاً بمواقف ترفض التعاون الاقتصادي مع دولٍ أخرى، ملتزمين أفكار المؤسسات الدولية المالية والدفاع عن مصالح المنظومة القائمة، فهذا يعني أنّه لا أمل ولا ثقة تُستشفّ منهم. صحيح أنّ الوجهة واضحة منذ لحظة تكليف ميقاتي، أحد أعضاء النواة الصلبة لهذه المنظومة، ولكنّ المسألة اتّخذت شكلاً أكثر فظاظة مع إعلان الأسماء، انطلاقاً من هنا، يُمكن تحديد بيان الطوارئ الذي يجب أن تحكم الحكومة وفقه.

لا ثقة بالحكومة التي يترأسها نجيب ميقاتي إلّا إذا اتّخذت موقفاً ببناء دولةٍ مجتمعية تؤمّن بعدالة الفرص لجميع السكّان وتوفّر لهم الخدمات الأساسية.

عنوان الحلّ سياسي وليس تقنياً، أساسه الإجابة عن سؤال: عن مصالح مَن سيُدافع مجلس الوزراء الجديد؟ مصالح القطاع المصرفي والمالي وجميع المحظيين والمُنتفعين منه، الذين يُريدون تحميل نتائج خسائر البنوك لعامة السكّان؟ أم مصالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي سُرقت ودائعها وفقدت رواتبها قيمتها وانهارت قدراتها الشرائية وحُرمت من الحصول على البنزين والمازوت والدواء والاستشفاء والسكن...؟

يُفترض أن لا تحكم الحكومة الجديدة أكثر من 8 أشهر، وتسبق إجراء الانتخابات النيابية، إذا نُظّمت، المدّة قصيرة ولكنّها كافية لأن يتّخذ مجلس الوزراء إجراءات سريعة وفعّالة، يُمكنها أن تُشكّل أرضية للحلّ المستدام.
الخطوة الأساسية لمعالجة الأزمة في لبنان هي الاعتراف بحصولها وبتحديد الخسائر المُترتبة عنها وكيفية توزيعها، أي وضع خطّة إصلاح مالي، هدف الخطة هو إظهار الخسائر في مصرف لبنان والمصارف؛ إعادة هيكلة المصارف بطريقة تُمكّنها من ممارسة دورها في الاقتصاد والعودة للقيام بوظيفتها «الطبيعية» وأهمها تفعيل الإقراض ولا سيما للقطاعات الإنتاجية؛ إعادة هيكلة الدين العام حتى لا تبقى استدامته عبئاً على كلّ الأجيال المستقبلية؛ تحديد الرؤية الاقتصادية للدولة وعلى أساسها يتمّ اعتماد نظام سعر صرف جديد لإنهاء «عجيبة» تعدّد أسعار الصرف وجريمة الاستمرار في تثبيت الليرة على السعر الوهمي 1507.5 ليرة/ دولار. الحكومة الجديدة ليست بحاجة إلى تشكيل لجانٍ عدّة وتعيين المستشارين للبحث في «خطّة الإنقاذ المالي»، ولا لإضاعة الوقت على عشرات الجلسات الوزارية، فالخطّة التي وضعتها حكومة الرئيس حسّان دياب موجودة، ويمكن اعتمادها كأساس لانطلاق خطة إنقاذ مالي - اقتصادي، بعد تعديل أرقام الخسائر والسياسات بما يتناسب مع التغييرات التي طرأت على مدى السنتين الماضيتين، وليس بما يتناسب مع مصالح «حزب المصرف». يعني ذلك وجوب إطلاق التدقيق الجنائي في حسابات البنك المركزي والمصارف، وعزل رياض سلامة من منصبه ومحاكمته كمُشتبه باختلاس وتبييض أموال واستغلال وظيفي.

وكتبت صحيفة البناء ولدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة وحكومة عهد الرئيس ميشال عون الرابعة، وربح لبنان فرصة الخروج من نفق الانهيار، بعد حرب ضروس استثمر خلالها الفساد والاحتكار مليارات الودائع المحجوزة في التهريب والسوق السوداء والتحويل اللاشرعي للأموال تحت ستار الدعم الفوضوي المبرمج لتبديد الأموال وإشهار الإفلاس، فالإفلاس كان مطلب صاحب الحرب التي خاضها على ثلاثة جبهات، اقتصادية مالية لتسريع السقوط إلى القاع وتعميم الفوضى والجوع، وسياسية لمنع ولادة حكومة جامعة ودفع المقاومة لتحمل مسؤولية الانهيار، وبالتوازي حرب إعلامية منظمة عبر الإمساك مالياً بأضخم مؤسسات الإعلام تحت عناوين الثورة ومكافحة الفساد، وتنشيط منظمات بديلة للإمساك بالشارع تحت عنوان تحميل المقاومة وسلاحها مسؤولية الأزمة وتفاقمها، وتحويل كل المساعدات الخارجية من فساد مؤسسات الدولة إلى فساد منظمات المجتمع المدني، بأمل قطاف النتائج في الانتخابات النيابية.

الحصار المالي بوقف كل التدفقات بالعملة الصعبة عن لبنان، من تحويلات الاغتراب التي لاحقتها العقوبات بتهمة تمويل حزب الله وشبهات التبييض والمخدرات المفتعلة، إلى السياحة التي كان الخليج موردها الأول قبل المنع السياسي، وصولاً لقطع شريان التجارة والترانزيت عبر العقوبات على سورية، واستنزاف ما تبقى من مقدرات عبر تعطيل كل حل لعودة النازحين السوريين على رغم جاهزية الدولة السورية لتسهيل العودة، والحصار السياسي الذي بدأ باستقالة الرئيس سعد الحريري قبل سنتين تلاه حرم التعامل الداخلي والخارجي مع حكومة الرئيس حسان دياب وصولاً لإسقاطها بالضربة القاضية، وبعدها تعطيل فرص ولادة الحكومة مع تكليف كل من السفير مصطفى أديب وإعادة تكليف الرئيس سعد الحريري وصولاً لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، الذي كاد يصطدم بذات عقبات التأليف، لولا أن حدث ما لم يكن في الحسبان وتغير المشهد رأساً على عقب.

من جهتها اعتبرت صحيفة اللواء أن هذا هو لبنان، تنام على أمر، وتصحو على آخر، لكن في موضوع الحكومة، وكما ذكرت اللواء في عددها أمس، حدث ان ولدت حكومة العهد الرابعة، وهو على مشارف السنة السادسة والاخيرة، بعد سنة وشهر (13 شهرا) على استقالة حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها حسان دياب.

ومع هذه المحصلة، يسدل الستار عن مرحلة، ويفسح في المجال أمام مرحلة جديدة، حاول كل من رئيسي الجمهورية ميشال عون ونجيب ميقاتي رسم معالمها، في ما خصَّ إدارة الشأن العام، وما يرتبط من نتائج.

وبانتظار بعد غد الاثنين موعد الاجتماع الأوّل للحكومة لالتقاط الصورة التذكارية ولتأليف لجنة صياغة البيان الوزاري، تحدثت معلومات عن بيان «ببنود محددة» وبعيداً عن الجنوح الانشائي أو الفضفضة.