المعارضة الاردنية

المعارضة الاردنية
الإثنين ٢٠ يونيو ٢٠١١ - ٠٢:٥٢ بتوقيت غرينتش

الاسطورة تروي على النحو التالي: شمعون بيرس، بصفته وزير الخارجية في حكومة الوحدة برئاسة اسحق شمير، التقى سرا في لندن في صيف 1987 بالحسين ملك الاردن، وتوصل معه الى صيغة متفق عليها لاتفاق سلام شامل، عاد الى البلاد، اغري للتلميح بالانجاز لوسائل الاعلام، أثار غضب شمير، واضطر الى التراجع. هكذا فقدت اسرائيل الفرصة الكبرى الاخيرة للتسوية مع المملكة الاردنية على مستقبل المناطق.

الواقع، كما يتبين، كان مختلفا، ومخيبا للامال أكثر بكثير. في كتابه "الملك حسين، سيرة سياسية" (اصدار دبير، ترجمة دفنا برعم) يروي المؤرخ البريطاني – الاسرائيلي آفي شلايم تفاصيل قصة الغرام الثلاثية بين الحسين، بيرس وعرفات.

الملك الاردني ورئيس وزراء اسرائيل بيرس التقيا، بعد قطيعة عقد من الزمان، في لندن في تموز 1985. الموضوع الذي بحثا فيه لم يكن السلام بل مؤتمر السلام. الحسين حث على عقد محفل دولي، يحرك مفاوضات بين اسرائيل وجيرانها، بمشاركة وفد يضم "فلسطينيين مؤيدين لـ م.ت.ف ". بيرس، بصفته رئيس حكومة الوحدة، لم يكن يميل للموافقة. الامريكيون ترددوا، لم يروا معنى خاصا في أي مؤتمر، احتقروا الحسين وعرفات وكانوا مشغولين بحث سقوط الامبراطورية السوفييتية. الفلسطينيون رقصوا في كل الاعراس. عرفات، الضعيف بعد الهزيمة في لبنان، بحث عن صيغ نجاة وصيغ سحرية. تلوياته جننت الحسين، الذي أكثر من الخروج بخطابات متزمتة مع وضد م.ت.ف .

الاتصالات السرية مع اسرائيل استمرت حتى نيسان 1987، حتى بعد التداول. أو أنه عندها عقد في لندن اللقاء التاريخي بين بيرس والحسين، والذي انتهى بصياغة وثيقة مشتركة. ماذا كان في الوثيقة؟ لا شيء.

"اتفاق لندن"، كتب البروفيسور شلايم يقول، "عني فقط بالمسيرة". كانت فيه تفاصيل لخطوات رسمية تؤدي الى انعقاد مؤتمر شرق اوسطي متعدد الاطراف، بمشاركة فلسطينية غير مباشرة، تؤدي الى اقامة طواقم بحث ثنائية الاطراف، تؤدي ... وهنا ينتهي الخيط. بيرس والحسين لم يتعهدا بأي تسوية دائمة أو اتفاق نهائي. في وثيقة لندن لم يجرِ الحديث عن الحدود، المناطق، العاصمة، اللاجئين، المستوطنين ولا حتى عن كيان فلسطيني ناهيك عن دولة. كانت هذه ورقة عمل لموظفين يعدون لمؤتمر وهمي. ليس أكثر من ذلك. قرار الامم المتحدة 242، الذي تعلق به منظمو المؤتمر الذي لم ينعقد، لم ينطوي على مضمون حقيقي. في صيف 1987 لم تفوت أي فرصة للسلام.

بيرس، مرة اخرى خلافا للاسطورة، روى عن نتائج اللقاء لرئيس الوزراء شمير فور عودته و "تلا الوثيقة على مسمعه". شمير هز كتفيه بلا مبالاة؛ لم يرغب في مؤتمر، في يرغب في شيء. بيرس، إذ يرى الى أين تهب الربح، لم يرفع اتفاق لندن لاقرار المجلس الوزاري ولم يحل بسببه حكومة الوحدة. وعن حق: الاتفاق الاجرائي حقا لم يكن يستحق أزمة ائتلافية. الحسين شعر بالاهانة، فقد الثقة ببيرس، وبدلا من مؤتمر سلام عقد في عمان قمة ثرثرة عربية اخرى.

بعد نحو سنة من اللقاء عديم النتائج في لندن، اندلعت الانتفاضة الاولى، وفي تموز 1988 فك الاردن كل ارتباط له عن المناطق. حسم الامر، الخيار الاردني مات.

فهل مات حقا؟ البروفيسور شلايم يعتقد أن نعم: "اتفاقات اوسلو والسلام الاسرائيلي – الاردني"، كتب يقول، "قضت على الرؤيا العابثة (لليمين الاسرائيلي) باسقاط المملكة الهاشمية واقامة جمهورية فلسطينية".

غير أن التاريخ من شأنه أن يخدع المؤرخ. عندما سيتعين على عبدالله ملك الاردن، بضغط الثورة الديمقراطية، حل النظام الملكي واجراء انتخابات حرة ومتعددة الاحزاب في بلاده، فلمن ستكون عندها الاغلبية في البرلمان في عمان؟ على حد رأي كل الخبراء – للفلسطينيين. الاردن الديمقراطي سيصبح جمهورية مع حكومة، معظم وزرائها يمثلون أحزابا فلسطينية.

الديمقراطية، وليس هذيان اليمين الاسرائيلي، كفيلة بان تشق الطريق لما حتى لم يبدأ بيرس والحسين عمله في لقاءات لندن المريحة والعقيمة التي عقداها: تحقيق الحل الاردني – الفلسطيني السخيف والمنسي.

سيفر بلوتسكر

يديعوت

19/6/2011

تصنيف :
كلمات دليلية :