فضيحة غسيل أموال واحتيال ضريبي كبرى جديدة في الإمارات

 فضيحة غسيل أموال واحتيال ضريبي كبرى جديدة في الإمارات
الإثنين ١٣ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٦:٠٢ بتوقيت غرينتش

تفجرت في الساعات الأخيرة فضيحة غسيل أموال واحتيال ضريبي كبرى جديدة في الإمارات تتجاوز مبلغ 10 مليارات دولار.

العالم- الامارات

وعلى إثر ضغوط دولية، قررت محاكم دبي تكليف إدارة الخبرة وتسوية المنازعات ديوان حاكم دبي بالبحث في قضية احتيال ضريبي عملاقة تعد الأكبر تاريخياً في العالم والمتورط فيها سبعة أشخاص.

وصرح هاشم القيواني مدير إدارة الخبرة وتسوية المنازعات أن القضية حولت لهم لإبداء الرأي، لافتاً إلى أنهم سيقومون -من مبدأ الشفافية- بإجراء دراسة معمقة لكل المستندات والملفات الخاصة بالقضية بشكل مستقل.

وقال إنها من القضايا المتشعبة كون المتهمين يخضعون للمحاكمة في دول عدة، لأن هذا الحجم من التعامل المالي يحدث في أمريكا ولندن ودبي، وهي التي فيها منازعات قانونية حول القضية، وهو ما يؤكد أيضاً النمو الاقتصادي في دبي ومكانتها العالمية.

وحول القضية التي تناولتها وسائل إعلام أجنبية وتتعلق بتهم غسيل أموال من خلال صفقات مرتبطة باحتيال ضريبي في إحدى الدول الأوروبية وإقامة أحد المتورطين في دبي، زعم القيواني أن الإدارة تعمل يداً بيد مع القضاء وأنهم جهة مساندة تسير وفقاً للتعليمات الصادرة من قبل الجهات القضائية.

وأكد أن الكلمة الفصل ستكون للمحكمة في نهاية المطاف، مشدداً على أن الدولة حريصة على تكريس مبادئ العدالة والإنصاف، وقال إن نوعية القضية وأطرافها يحددان زمن التقاضي إلى جانب مدى تعاون الأطراف.

وكان الادعاء العام في إحدى الدول الأوروبية اتهم مقيماً في دبي، أسس صندوق تحوُّط في لندن متخصصاً بصفقات المتاجرة بالتوزيعات النقدية للأسهم (Cum-Ex) بقضية احتيال ضريبي باعتباره العقل المدبر لعملية الاحتيال، حيث استغل التجار الثغرات القانونية للحصول على حسومات ضريبية مكررة على أرباح الأسهم، فيما قال المتهم عبر محاميه إنه بريء من التهم الموجهة له.

وتعود القضية إلى عام 2017، حيث استغل مجموعة واسعة من المحامين والمتداولين ثغرات قانونية في بعض الدول الأوروبية لاسترداد أموال ضرائب على أرباح الأسهم، وهم حالياً قيد المحاكمة، حيث وجهت السلطات في إحدى الدول الأوروبية في أبريل المنصرم تهماً رسمية إلى 6 أشخاص، بالاحتيال على سلطات الضرائب والاستيلاء على أموال الضرائب، مستخدمين بنكاً في دولة أخرى في معاملاتهم.

وفي 13 أبريل 2021، أضافت الدولة الأوروبية 6 أشخاص جدد لقوائم المتهمين بالاحتيال في القضية التي استمرت لسنوات، من خلال عمليات احتيال تركزت على استرداد ضرائب أرباح الأسهم، وذلك من خلال القيام بعمليات مالية يطلق عليها اسم (cum-ex)، وتهدف للحصول على أموال ضخمة عبر عمليات استرداد ضرائب تم دفعها للحكومة في تلك الدولة.

ومؤخرا رصد المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط تقريرا لمركز دراسات أوروبي أكد أن كبار المسئولين في الإمارات يتورطون في جرائم غسيل أموال وغض النظر عنها.

وقال المجهر الأوروبي ـوهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروبا، إن التقرير المذكور يضاف إلى سلسلة طويلة من تقارير أوروبية ودولية تصف الإمارات بأنها ملاذ جرائم غسيل الأموال ودعم جهات مشبوهة.

وقال مركز الديمقراطية للشفافية (DCT) إن المبالغ الكبيرة من المعاملات النقدية والتحويلات بين الدول في دولة الإمارات وحكامها الأثرياء، بالإضافة إلى محيطها الجغرافي لعدد من البلدان التي تزعزع استقرارها بسبب النزاعات، تجعل الدولة بيئة مثالية لجذب غسيل الأموال.

وذكر المركز أنه على الرغم من أن السلطات الإماراتية لديها الأدوات المناسبة والمعرفة التقنية لقمع هذه الأنشطة الإجرامية ومكافحة غسيل الأموال، فإنها غالبًا ما تختار غض الطرف، في ظل شبهات واسعة بتورط كبار المسئولين.

دبي ملاذ غسيل الأموال

وأبرز المركز أن إمارة دبي المعروفة باسم المركز المالي العالمي لجزرها الاصطناعية وناطحات السحاب العملاقة والثروة الفائقة تعد لبيئة الأكبر لجرائم غسيل الأموال.

وأشار إلى تقرير صدر مؤخرًا من مؤسسة كارنيجي الدولية، يظهر أن ازدهار دبي ليس نتيجة سنوات من التنمية الاقتصادية فحسب، بل يرجع نجاحها جزئيًا إلى “التدفق المستمر للعائدات غير المشروعة المتأتية من الجريمة والفساد”.

وذكر مركز الديمقراطية للشفافية (DCT) أن العدد الكبير من مبيضي الأموال الذين يستخدمون دبي كمكان للعمل منه هم من دول أوروبية وذلك باستغلال اللوائح المالية الضعيفة في دبي ومعايير الشفافية المنخفضة وأدوات الاستثمار المستقرة (من العقارات الفاخرة إلى المعادن الثمينة) ما يجعل
الإمارة بيئة مثالية لغسيل الأرباح المتأتية من الأنشطة غير المشروعة.


تجارة عقارات

وبحسب المركز فإن عمليات غسيل الأموال غالبا ما تتم عبر السماح للمستثمرين الأجانب بشراء أو امتلاك العقارات، وإنشاء شركات تجارية وإجراء المعاملات المالية دون الإعلان عن مصدر أموالهم أو المالك المستفيد من استثماراتهم.

وظرًا لأن وباء كورونا الحالي له تأثير كبير على قطاع السياحة والخدمات في دبي، والذي يعد مسؤولاً عن جزء كبير من اقتصادا ، فقد تصبح إمارة أكثر اعتمادًا على الدخل غير المشروع وفق المركز الأوروبي.

وقال إن دبي تحتوي على ما يقرب من ثلاثين منطقة تجارة حرة، وفي حين أن قوانين مكافحة غسيل الأموال الوطنية تنطبق عالميًا على جميع الشركات (داخل وخارج المناطق)، تختلف فعالية ومدى الإنفاذ من منطقة حرة إلى أخرى مع الحد لأدنى من التطبيق خارج هذه المناطق.

وأوضح أن هذا النقص في الاتساق في مستوى الرقابة وحتى النقص التنظيمي خارج المناطق، حيث يعمل الجزء الأكبر من الشركات، هو نقطة ضعف كبيرة أخرى في مكافحة غسل الأموال في دبي وباقي مناطق الإمارات.


لامبالاة من السلطات

وبغض النظر عن الجهود التشريعية التي تم تبنيها مؤخرًا، أكد التقرير على اللامبالاة المقلقة ليس فقط من قبل الحكومات الإماراتية ولكن حتى من قبل المجتمع الدولي تجاه السلوك الإشكالي والثغرات الإدارية بسبب ضعف تنفيذ هذه القوانين التي تجعل دبي الوجهة المثالية للأموال القذرة.

وأعرب مركز الديمقراطية للشفافية (DCT) عن قلق أوروبي إزاء دور دبي في تمكين النشاط الإجرامي المالي العالمي وآثاره العديدة المزعزعة للاستقرار على المستوى الدولي.

لذلك، حث أعضاء المفوضية الأوروبية على اتخاذ خطوات فاعلة لمحاسبة الإمارات على جرائم غسيل الأموال والتفكير في نهج خاص لسياسات مكافحة غسل الأموال تجاه أبوظبي وحكومتها مع الأخذ في الاعتبار المخاطر الأكبر الواضحة.

وإذا استمرت مكافحة غسل الأموال في دولة الإمارات في إثبات عدم فعاليتها، إن المركز الأوروبي شجع المفوضية الأوروبية على إعادة النظر في تحديث قائمتها للبلدان الثالثة عالية الخطورة فيما يتعلق بمعايير مكافحة غسل لأموال، من خلال تضمين دولة الإمارات.