عملية 'النصر المبين' حركت ركود جبهات مأرب

عملية 'النصر المبين' حركت ركود جبهات مأرب
الثلاثاء ١٤ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٤١ بتوقيت غرينتش

فتحت التطورات الميدانية التي شهدتها جبهة مأرب أخيراً، الباب أمام المزيد من التكهنات حول نية صنعاء الحقيقية حيال تحرير مدينة مأرب.

العالم - اليمن

ففيما تسري أحاديث عن أن صنعاء لا تنوي اقتحام المدينة، إنما تهدف من محاصرتها والتقدم نحوها إلى وضْعها كورقة ضغط على طاولة المفاوضات مع الرياض، تؤكد مصادر في صنعاء لصحيفة "الاخبار" أن قرار «تحرير كل مناطق اليمن» قد اتخذ من قبل القيادة، وأن لا مساومة على مسألة هامة كهذه.

وما بين تحرير المدينة أو الاكتفاء بمحاصرتها، تتحدث المصادر عن أولويات تفرضها المعركة، تأخذها القيادة الميدانية في الاعتبار.

تؤكد المصادر، أن العمليات التي نفذها الجيش واللجان جنوب مأرب في إطار معركة «النصر المبين» الثالثة «منفصلة عن المعارك التي كانت تدور رحاها غرب مأرب في الأسابيع الماضية»، وتوضح أن قوات صنعاء «باتت تحيط بمأرب من الشمال والغرب وجزء من الجنوب، فيما تتواجد قوات التحالف ومرتزقتها في جزء من الجنوب حيث تمتلك امتدادا نحو محافظة شبوة، وفي الشرق إلى صافر وحضرموت وصولا إلى الحدود السعودية»، لافتة إلى أن «قوات صنعاء تسيطر حاليا على أغلب مديريات محافظة مأرب، فيما تبْقى المدينة و3 من مديرياتها كمناطق اشتباك».

«القرار السيادي والوطني لقيادة أنصار الله، يقضي بتحرير كل المناطق اليمنية من العدوان ومرتزقته، وصولا إلى عدن وحضرموت والمهرة، وليس فقط مأرب»، تجزم المصادر، مبينة أن «تكتيكات التقدم والتراجع في المعركة تحددها القيادة الميدانية وفقا للمعطيات السياسية والعسكرية التي ترصدها بدقة وتتعامل معها وفق الموقف المطلوب».

وفي هذا السياق، تقول المصادر للاخبار إن «عملية الدخول إلى مدينة مأرب من دون الأخذ في الاعتبار السيطرة على منابع النفط، ستكلف الكثير عسكريا وسياسيا»، كما أن السيطرة على صافر، حيث الحقل النفطي، «يمكن أن يتخذها التحالف ذريعة لاستهداف المنشآت النفطية وتدميرها».

ولذا، ترى المصادر أن «إطباق الحصار على مدينة مأرب من كل الاتجاهات، وفرض انسحاب المقاتلين التابعين للتحالف، خيار مطروح على الطاولة، كما خيار تمكين مقاتلي قبائل مأرب الموالين لصنعاء من السيطرة على المدينة وإسقاطها من الداخل».

نجحت حركة أنصار الله في عقد تفاهمات مهمة مع عدد من قبائل مأرب

وتقول المصادر، لقبائل مأرب دور كبير في تحديد مستقبل المدينة والمعركة عليها، لافتة إلى أن «بعض الشخصيات المحسوبة على بعض قبائل مأرب تستغل المبادرة التي تقدم بها قائد حركة أنصار الله، عبد الملك الحوثي، في آذار 2020، للترويج لفكرة أن الحركة غير قادرة على دخول مدينة مأرب»، وبالتالي «تعمل هذه الشخصيات، بدفع من التحالف السعودي، على عرقلة أي تفاهم قد تتوصل إليه أطراف قبلية أخرى مع أنصار الله لتجنيب مدينة مأرب تداعيات المعركة»، مضيفة أن «أغلب العناصر المسلحين في مدينة مأرب بالتحديد، هم ليسوا من أبنائها، بل من المرتزقة الذين استقدمهم التحالف من خارج محافظة مأرب، وضمهم تحت لواء قوات هادي ومسلحي حزب الإصلاح».

وتتوقف المصادر عند مشاركة عناصر قبليين في عملية «النصر المبين» الثالثة إلى جانب الجيش واللجان، مشيرة إلى أن «حركة أنصار الله نجحت في عقد تفاهمات مهمة مع عدد من قبائل مأرب، الأمر الذي ترجم بمشاركة أعداد كبيرة من أبناء قبائل مراد في معركة النصر المبين الثالثة الأخيرة، كان لها الفضل في حسم المعركة لمصلحة قوات صنعاء»، متابعة أن «الحركة تعمل على تحييد أكبر عدد ممكن من القبائل لتجنيب مدينة مأرب تداعيات المعركة المقبلة».

تعمل السعودية بجد من أجل استقطاب القبائل والشخصيات الأساسية فيها، على الرغم من أن عددا من هذه القبائل بدأ يعدل من مواقفه المؤيدة للرياض، نتيجة المسار الطويل من الوعود غير المحققة والتعامل المهين الذي تتبعه القيادات السعودية مع القبائل وأبنائها.

وفي هذا الإطار، تقول مصادر قبلية إن «السعودية تحرص على أن تكون القبائل خط الدفاع الأول عنها انطلاقا من مأرب، فيما يضع حزب الإصلاح كل ثقله القبلي في مأرب، لأن القراءة الخاصة به تؤكد أن خسارة معركة المدينة ستكون خسارة للحرب في اليمن ككل، مع ما يعنيه ذلك من مآلات مجهولة بالنسبة إلى الحزب وخلفيته العقائدية الإخوانية».

على أن المزاج القبلي تغير في اليمن، وهو آخذ - في مأرب خصوصا - في التبلور على نحو جديد. وبحسب المصادر، فإنه «في حين لم تقتنع كل القبائل بموقف أنصار الله حتى الآن، فإن نسبة كبيرة منها قد بدأت بالفعل في التشكيك في موقف السعودية وخطابها في اليمن ككل انطلاقا من مأرب».

هنا، يبدو أن عامل الوقت يلعب لمصلحة حركة «أنصار الله» التي تراهن على تبدل ملحوظ في موقف القبائل، إن لم يكن إلى درجة تدفعها إلى الانخراط في المعركة ضد قوات هادي و«التحالف»، فعلى الأقل إلى درجة تحيدها، ما يسهل على الحركة استكمال تحرير المحافظة، الذي سيؤدي، من ضمن ما سيؤدي إليه، إلى تعزيز رؤية صنعاء للحل في أي مفاوضات مقبلة، والقائمة في الأساس على «وقف العدوان وانسحاب قوات التحالف ومرتزقتها ورفع الحصار، مقابل وقف عملياتها».

المصدر: جريدة الأخبار