الأسد في الكرملين.. فماذا أنتم فاعلون؟!

الأسد في الكرملين.. فماذا أنتم فاعلون؟!
الثلاثاء ١٤ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠١:٠٤ بتوقيت غرينتش

عبر زيارة اخترقت الاجواء السياسية والامنية المعقدة في المنطقة، وصل الرئيس بشار الاسد الى موسكو، حاملا معه رسائل في كل اتجاه، خلطت الاوراق، واربكت المخططات السياسية لدول حاولت ترتيب المنطقة والاقليم على وقع احلامها المختلفة. زيارة حملت معها مئات الاسئلة التي شغلت الاروقة السياسية والديبلوماسية بمضامينها وما بعدها.

العالم - كشكول

قمة ليست بعادية، ستحرك كل خطوط السياسة والميدان، وتفرض اولوليات، مدخلها قتال الارهاب كمدخل الزامي للحل السياسي، اما في التوقيت فهي جاءت في مرحلة العبور والتحول في المنطقة، نحو مرحلة جديدة، ونقطة تأكيد على استراتيجية العلاقة بين البلدين، وعمقها وافاق قدرتها على رسم خريطة مختلفة، تعتمد على اسقاط المشروع التقسيمي لسوريا، وانهاء المشروع الامريكي لتحويل دول المنطقة الى دول فاشلة، بالاضافة الى الانطلاق نحو مرحلة تتجاوز تحويل سوريا الى نقطة استنزاف امنية وعسكرية، لمحور مكافحة الارهاب بشكل كامل، عبر التأكيد على اسقاط المراهنة على الارهاب الدولي في الشرق الاوسط كظاهرة متدحرجة نحو مناطق اخرى في الاتحاد الروسي او وسط اسيا.
الزيارة الثالثة للرئيس الاسد الى موسكو منذ بدء الحرب على سوريا، تؤكد عمق التنسيق الاستراتيجي والتحالف، وتشير الى مستوى الثقة بين الجانبين كحليفين، وترسخ الموقف الروسي الداعم للرئيس الاسد، من منطلق دعم الشرعية التي مصدرها صناديق الاقتراع والشعب السوري، والاحترام الروسي للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة الذي تستبيحه الدول الغربية، واللقاء الذي دام اكثر من ساعتين، كان بمعظمه لقاء خاصا بين القائدين، وبالرغم من قلة المعلومات التي ترشح عن القمة، الا ان المؤكد ان الزيارة ستنتج امور مهمة على الصعيد السياسي والامني، ومن اهم هذه المؤشرات، هو استمرار الدعم العسكري الروسي للجيش السوري في مكافحة الارهاب، ما يعني ان الرسالة وصلت الى القوى الاقليمية التي تدعم المجموعات المسلحة، ان الارهاب سيسحق في سوريا، ما يشي بأن هناك تنسيقا روسيا سوريا في اتجاه تحرير ما تبقى من أراض سوريا، وهذا ما اشار له الرئيس بوتين في كلامه " بذل أقصى الجهود الممكنة من أجل تضافر جميع قوى البلاد للسيطرة على كامل الأراضي السورية وكذلك الإمكانية لإعادة إعمار سورية بقدر ما تستطيعون وذلك في حال عدم وجود أي قوات مسلحة في الأراضي السورية ولكننا في الوقت ذاته لا نزال للأسف نشهد بعض الأعمال من قبل الإرهابيين الذين لا يسيطرون على بعض الأراضي فحسب بل وينشرون الرعب بين الناس "، وهذا يوضح الموقف الروسي ايضا من استمرار وجود قوات اجبنية على الاراضي السورية، والتي تعتبر كقوة احتلال، وخروجها وعودة الدولة السورية الى كافة اراضيها، هو اقصر الطرق لازالة العقبات التي تعترض المسار السياسي، فيما ترجح بعض المصادر ان هناك اتصالات روسية أميركية حول القوات الامريكية في سورية، كما يلاحظ المراقبون انه كان لافتا في حديث الرئيس الروسي، عندما قال " أهنئكم شخصياً بفوزكم المستحق بنتيجة ممتازة في الانتخابات الرئاسية هذه النتيجة أثبتت أن الناس يثقون بكم رغم المصاعب والتعقيدات التي مرت بها سورية في الفترة السابقة، الناس يربطون اسمكم بإعادة الحياة الطبيعية إلى سورية والتي تعملون كثيراً من أجل تحقيقها بما في ذلك سير الحوار بينكم وبين الخصوم السياسيين." وهذا الكلام اللافت يأتي بالدرجة الاولى في خانة رسوخ القيادة السورية صاحبة الشرعية الوطنية، والقوة العسكرية والسياسية التي انتجت نصراً، يعيد سوريا تحت قيادة الاسد، لتكون اللاعب المحوري في المنطقة والاقليم، في مواجهة تركيا وبعض الدول الاخرى. اما الرئيس الاسد فكانت اشاراته واضحة ومباشرة، عندما اكد ان الجيشين اسهما في قضية حماية البشرية جمعاء من الارهاب، وهذا يدلل على الانجاز الذي تحقق في القضاء على المجاميع الارهابية في سورية بالنسبة للانسانية كلها، ويتعدى جغرافية ضيقة، او مجالا اقليميا محدودا، بالتزامن مع الاضاءة على الانجازات في سوتشي واستانا.
في الايام القادمة سيكتب الكثير عن هذه الزيارة واهميتها، في الوقت الذي خرج فيه مسلحو درعا البلد، وكسر الحصار عبر ناقلة النفط الايرانية المخصصة للبنان، والانطلاق في مشروع ايصال الكهرباء والغاز الى لبنان عبر سوريا، نتائج كثيرة سنراها على الصعيد العسكري والسياسي، والتي تشكل صفعة قوية لمحور الشر الداعم للارهاب، ما يرسم ملامح لمرحلة جديدة لا خيار فيها الا الانتصار، والعبور الى الحل السياسي، ولسان حال الابتسامة العريضة في اللقاء يقول: هل رأيتم انه الاسد في الكرملين، فماذا انتم فاعلون!.

* حسام زيدان