السياسة الامريكية تجاه سوريا.. تراجعات مرنة أم إعادة تموضع؟

السياسة الامريكية تجاه سوريا.. تراجعات مرنة أم إعادة تموضع؟
الأربعاء ١٥ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٠١ بتوقيت غرينتش

احداث مفصلية مهمة سبقت لقاء الرئيس الاسد مع نظيره الروسي، لكن الاهم فيها، سلسلة التراجعات المرنة للإدارة الأميركية في سورية بدأت منذ الاتفاق على إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق خفض التصعيد عبر خطوط التماس، عوضاً من خطوط المعابر، حيث يجعل الأمر يجري تحت إشراف الحكومة السورية.

العالم - كشكول

ليأتي بعده الانسحاب الامريكي من افغانستان وانهاء مرحلة العمليات العسكرية الكبرى للولايات المتحدة الامريكية، ومن ثم اتخاذ امداد لبنان بالغاز والكهرباء عبر سورية، جسر للنجاة من تبعات الحصار على الولايات المتحدة في المنطقة، وانطلاق عملية تنفيذ اتفاق درعا، وتسليم السلاح وتسوية الاوضاع، واخراج درعا بما تحمله من اهمية جيواستراتيجية من دائرة الصراع، وعودة الدولة السورية اليها، ما يؤشر ان الاوضاع ذاهبة نحو الحلحلة في شمال البلاد وتحديدا في ادلب، بالذات بعد لقاء الاسد وبوتين في موسكو.

تشير هذه التطورات الى رغبة امريكية بسحب السياسات التي اتبعتها الادارات السابقة بعد فشلها، هكذا رأى اسامة دنورة الخبير الاستراتيجي الذي اضاف ان " المؤشرات التي تتراوح ما بين تكتيكية واستراتيجية حاضرة، فتصريحات الملك عبد الله من واشنطن، والدعم الروسي لتطهير درعا البلد من المجموعات الارهابية، والموافقة الامريكية الضمنية على تزويد لبنان بالغاز، والحديث عن شرط مصري لتطبيع العلاقات مع تركيا يتعلق بانسحاب الاخيرة من سورية، كل ذلك يشي بأن هناك سحباً للسياسات الامريكية"، وتابع دنورة " الاتفاق المتعلق بالغاز يرتبط بحيثياته المعلنة بحاجة لبنان للطاقة وأزمته الاقتصادية، ولكن العين لا يمكن ان تخطئ على هامشه تراجعاً امريكياً في التصلب ازاء الحصار على سورية."

وبيّن دنورة ان " ما يحدث يوحي بأن نوعاً من التفاهمات التي تم ابرامها في قمة بايدن - بوتين تجد طريقها للتنفيذ التدريجي، ولكن عمق هذه التفاهمات ومداها فيما يتعلق بسورية امر قد يخضع لاجراءات بناء الثقة حول الصيغ المحتملة لملء الفراغ بعد الانسحاب الامريكي." وشرح دنورة " الامريكي لديه توجه استراتيجي على ما يبدو لاختتام "الحروب الابدية"، وهو التوجه الذي شرع به ترامب واستمر به بايدن، وضرورات التخلص من "المستنقعات" التي تغرق فيها الولايات المتحدة لتركيز الامكانيات المادية والسياسية ضد الصين هي ضرورات حتمية" واضاف " هناك مساحات من الاطر المحافظة والمرتبطة بالكيان الاسرائيلي تسعى لاعاقة التوجه الامريكي نحو الانسحاب من سورية والعراق، كما ان الضجة والآراء المنتقدة والمحبطة تجاه الانسحاب الامريكي من افغانستان قد تتسبب بتأخير خطوة أخرى مماثلة تجاه سورية، او بربطها بتطورات سياسية تخفف من وطأة هذا الانسحاب على تقييم ادارة بايدن في ادارة الازمات"

واكد اسامة دنورة الخبير الاستراتيجي ان " الولايات المتحدة بلا شك بحاجة للعق جراحها الكثيرة، وهي بحاجة لاستجماع قواها في مواجهة اكثر حدة ضد الصين، ولكنها في الوقت ذاته تواجه احتمالات تعرضها لاطلاق نيران سياسية مصدرها الجمهوريون وانصار الكيان الاسرائيلي وسواهم، في حال قررت التخلي عن سيناريو استمرار الفوضى في سورية، كما ان التفاهمات المرغوب بمقايضتها مقابل الانسحاب مع كل من روسيا وايران تمثل عاملاً آخر قد يؤخر انجاز الانسحاب الامريكي، بما في ذلك الضغط على تركيا لدفعها للانسحاب."

اما الكاتب السياسي محمد العمري اكد انه " في الشمال السوري الأمر مختلف حيث الاحتلال الأمريكي والتركي متواجدان هناك بالاضافة لوجود المجموعات المسلحة والانفصالية وازدياد حدة الصراع الاقليمية مع تنامي الأدوار هناك."

واضاف العمري " لذلك على مايبدو يحتاج الشمال السوري بشقيه لمسارين الأول هو باتجاه الشمال الشرقي وهو مرهون بالانسحاب الأمريكي وعودة قسد للتفاوض مع الحكومة السورية بضمانة روسيا، مع احتمال استغلال التركي للانسحاب الامريكي للتوسع هناك عبر اذرعه العسكرية." وتابع الكاتب السياسي محمد العمري " الشمال الغربي المتوقف على إما توافق في اطار استانا او العمل العسكري المباشر من قبل الجيش السوري وحلفاؤه".

* حسام زيدان