لبنان.. عندما قيل لـ'الحزب': دخيلك!

لبنان.. عندما قيل لـ'الحزب': دخيلك!
الجمعة ١٧ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٤:١٠ بتوقيت غرينتش

وصلت الدفعة الأولى من صهاريج المازوت الإيراني إلى لبنان بسلام، مُتجاوزة المخاطر الأمنية، والعقوبات الأميركية على إيران، وقانون قيصر المتعلّق بسوريا، واعتراضات بعض القوى الداخلية.

العالم ـ لبنان

كيف ينظر "حزب الله" إلى هذه العملية المذيلة بتوقيعه وكيف يرد على من يعتبر أنها تجاوزت القواعد القانونية المرعية الإجراء؟

تجيب صحيفة "الجمهورية" بمقال لـ"عماد مرمل" يقول فيه: مع إنجاز المرحلة الأولى من رحلة النفط العابر للحدود، شعر "حزب الله" بأنّ المهمة نُفذّت بنجاح كما كان مخططاً لها من دون أي أخطاء او عثرات، علماً أنّ حمولة الصهاريج التي عبرت أمس ليست سوى أوّل غيث الباخرة الإيرانية الأولى التي تحوي نحو 40 مليون ليتر من المازوت يحتاج نقلها إلى ما يقارب 20 يوما، تكون خلالها قد وصلت الباخرة الثانية إلى مرفأ بانياس وهكذا دواليك، بحيث إن عملية النقل ستصبح روتيناً يومياً حتى إشعار آخر.

ويؤكد المواكبون لـ"غرفة العمليات" النفطية في الحزب أنّ هناك إقبالاً من مختلف الطوائف والمناطق على طلب حجز كميّات من المازوت وفق الآلية المحددة، نتيجة النقص الكبير في هذه المادة الحيوية لدى قطاعات واسعة. وعُلم انه من ضمن المناطق التي وردت منها طلبات للحصول على المازوت الوافد، المتن وكسروان وجزين وطرابلس...

ومع أنّ الحزب يبدو حريصاً على عدم وضع قراره باستيراد النفط الإيراني في إطار تحدّي خصومه المحليين والخارجيين أو استفزازهم، إلا أنّ ذلك لا يُلغي في رأي القريبين منه الحقائق الاستراتيجية التي تحملها البواخر والصهاريج، إلى جانب كسر الاحتكار النفطي، ومن أًهمها سقوط مفاعيل الحصار وقانون قيصر على طريقة تدحرج حجارة الدومينو، وصولا إلى إعادة وصل ما انقطع من شرايين وجسور بين لبنان وسوريا، "الأمر الذي من شأنه أن يفتح الباب أمام تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما بعد ركودٍ فَرضته القيود الأميركية وحسابات السلطة". والأهم، وفق هؤلاء، أنّ هذا المسار من إعادة بناء الثقة وتفعيل العلاقات سيسمح للبنان بأن يحجز مكاناً متقدماً له في ورشة إعمار سوريا لاحقاً.

وامتداداً لهذه المقاربة، يعتبر المحيطون بـ"حزب الله"أنّ مشهد دخول الصهاريج عبر الحدود الشرقية أثبتَ بالدليل القاطع صوابية خيار الحزب بخوض الحرب في سوريا ضد التكفيريين، لحماية عمقه الحيوي.

أما على الضفة الأخرى، فإنّ معارضي "حزب الله" في الداخل لم يتقبّلوا صورة الصهاريج النفطية العابرة للحدود، بل اعتبروا أنها تشكل "تكريساً لدويلته المستقلة وانتهاكاً اضافياً لسيادة الدولة وقوانينها"، مُتسائلين عما إذا كانت تلك الصهاريج تمر عبر المعابر الشرعية وتخضع إلى آلية استيفاء الرسوم الجمركية والمعايير المتعلقة بالبيع والضرائب؟

لكنّ المعنيين في الحزب يلفتون إلى أنّ مبادرته نابعة أساساً من تقصير الدولة وامتناعها عن تأدية واجباتها في تأمين المشتقات النفطية للمواطنين، "وبالتالي، هو لم يتدخل إلّا بعدما استنفد كل فرص المعالجة من خلال الجهات الرسمية، وعندما اتخذ القرار باستيراد النفط الإيراني كان سبّاقاً إلى محاولة إدخاله عبر المرافئ اللبنانية الشرعية والأطر الرسمية، خصوصاً أنّ آلية الاستيراد برمّتها قانونية، بدءاً من التحميل في إيران، مروراً بالشركة المختصة والبواخر الناقلة وصولاً الى التفريغ في مرفأ بانياس. غير أنّ المفارقة العجيبة هي أن الذين يتهموننا الآن بتجاوز الأطُر الشرعية هم الذين رفضوا أن ترسو السفن على الشواطئ اللبنانية وأن تفرغ حمولتها في المنشآت النفطية وفق الأصول، بذريعة الخشية من العقوبات، وقد تلقّينا اتصالات كثيرة فحواها: "دخيلكن.. أجلبوا المازوت والبنزين عبر سوريا، لأنّ لبنان لا يتحمّل هذه المخاطرة"، بل هناك من أبلغَ إلينا أنّ "الحكومة لن تتشكّل إذا أتينا بالبواخر إلى لبنان مباشرة".

ويشير المعنيون في الحزب إلى أنّ "البعض كان يحذّر من عقوبات او ضربات إذا أتينا بالنفط، فلمّا لم تحصل لا هذه ولا تلك، تحوّل هذا البعض نحو افتعال إشكاليات حول آلية مرور النفط وحيثياتها، على قاعدة "عنزة ولو طارت"، بدل ان ينصَبّ الاهتمام على التعاون لمعالجة هموم الناس، وفي طليعتها أزمة البنزين والمازوت التي استنزَفت طاقتهم وكرامتهم".

عماد مرمل ـ الجمهورية