بعد إنضمامها الى "منظمة شنغهاي".. هل تتجه إيران شرقاً؟

بعد إنضمامها الى
السبت ١٨ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٣:٤٩ بتوقيت غرينتش

ياتي انضمام ايران الى "منظمة شنغهاي للتعاون"، كدليل اضافي يؤكد على ان عصر الهيمنة والسياسات الأحادية في طريقها الى الاضمحلال والزوال، وان نظاما عالميا جديدا بدأ يتبلور، ومن ابرز سمات هذا النظام القطبية التعددية.

العالم قضية اليوم

يوم أمس الجمعة، وامام قمة "منظمة شنغهاي للتعاون" التي تعقد في العاصمة الطاجيكية دوشنبه، اعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، انضمام ايران الى المنظمة كعضو دائم، بعد ان كانت تشارك في اعمال قمم المنظمة كمراقب.

انضمام ايران الى "مظمة شنغهاي للتعاون" الى جانب الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، جاء بعد معارضة قوية من امريكا، المدافعة الشرسة عن النظام العالمي الحالي القائم على الاحادية القطبية والهيمنة.

اللافت ان اهم الدول الاعضاء في "منظمة شنغهاي للتعاون"، التي تأسست في العام 2001، والتي تُعد منظمة سياسية واقتصادية وأمنية إقليمية، تتعرض لعقوبات امريكية احادية الجانب، ومن هذه الدول ايران وروسيا والصين، لذلك سيكون بامكان هذه الدول تحت مظلة المنظمة، ان تقلل من الضغوط الامريكية لادنى مستوياتها، بفضل التعاون الاقتصادي والتجاري بينها، والقائم على قواسم جتماعية وسياسية وثقافية مشتركة.

اغلب المراقبين يرون ان العالم عانى كثيرا من النظام الاحادي القطب الذي تهيمن عليه امريكا، وهو نظام لم يعد صالحا مع صعود قوى اقتصادية مثل الصين والهند وايران وروسيا، لذا ومع ظهور تكتلات، مثل تكتل شنغهاي الامني الاقتصادي، او تكتل اوراسيا، اخذ العالم يتجه نحو القطبية التعددية، وهي تعددية تمنح الشعوب والدول حرية اتخاذ القرار، من اجل جميع مصالحها بعيدا عن الارهاب الاقتصادي.

صحيح ان انضمام ايران الى "منظمة شنغهاي للتعاون"، سيربط السوق الايرانية بسوق حجمه 3 مليار نسمة، وصحيح ان هذا الانضمام سيجعل من ايران حلقة وصل لأوراسيا عبر ممر يربط الشمال بالجنوب، الا ان اهمية هذا الانضمام ستتضاعف لو علمنا انه جاء بعد "وثيقة الشراكة الاستراتيجية"، وهي اتفاقية مدتها 25 عاما، وقعتها ايران والصين، في آذار/مارس الماضي، وشملت المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والصناعية، وهذا التزامن سيعطي زخما كبيرا للاقتصاد الصيني ليتمدد في مناطق كانت محظورة عليه، كما ستمنح ايران في المقابل حرية اكبر على التحرر من الحظر الامريكي الاحادي الجانب، وهذا التحرر لا يعني اندفاع ايران بشكل كامل نحو الشرق، رغم خيبة الامل التي شعرت بها ايران من الدول الاوروبية التي تواطأت علنا مع امريكا في الحصار الذي فرضته وتفرضه عليها، فطهران لم ولن تضع بيضها في سلة واحدة، وستظل تتخذ من الاعتدال نهجا، في السياسة كما الاقتصاد، وتحاول ان تنسق علاقات سياسية واقتصادية مع جميع دول العالم، على اساس الاحترام المتبادل وعدم الاعتداء والتدخل في الشؤون الداخلية.

من المؤكد، ان يوم امس الجمعة كان يوما حزينا على امريكا، ويبدو ان هذا الحزن سيتضاعف في قابل الايام، فامريكا المتراجعة عسكريا، في افغانستان والسعودية والعراق وسوريا ولبنان واليمن، والمأكولة هيبتها في المنطقة برمتها، ما عادت بامكانها ان تمارس دور "شقي الحي" الذي يفرض الاتوات على الجميع، وعلى الجميع ان ينصاع، فالصين وروسيا وايران والهند، على وشك تجاوزها اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، فهذه الدول المنضوية تحت لواء "منظمة شنغهاي"، هي دول كبرى، من ناحية الانتاج والسكان، وهي التي سترسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي، الذي لن يكون في أي حل من الاحوال تحت هيمنة أمريكا.

أحمد محمد – العالم