الى الاسرى الستة الذين سطروا أسبوعين من الانتصار وهزيمة الاحتلال

الى الاسرى الستة الذين سطروا أسبوعين من الانتصار وهزيمة الاحتلال
الأحد ١٩ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٢٤ بتوقيت غرينتش

انتهى فجر اليوم الاحد الفصل “المادي” الزمني الأخير من “ملحمة” الاسرى الستة، الذين حرروا انفسهم وفروا بطريقة اسطورية من سجن “جلبوع” الإسرائيلي، ولكن ملحمة المقاومة التي مثلوا، ويمثلون ارفع فصولها، ما زالت مستمرة، وحافلة بالمفاجآت “الإبداعية”، فضرع البطولات لا ينضب.

العالم-مقالات

تسليم المجاهدين ايهم نايف كممجي، والمناضل يعقوب انفيعات لأنفسهما، بعد محاصرة المنزل الذي اختبأوا فيه لمدة 13 يوما في مخيم جنين، حرصا على أرواح الاسرة المقاومة الشجاعة التي وفرته لهم، يعني نهاية فصل، وبداية آخر، ربما اكثر ابداعا، وحافلا بقصص البطولة والفداء، وأين في مخيم جنين الذي سطر شهداؤه وأهله تاريخا حافلا من انتصارات تشكل كابوسا لجيش الاحتلال.

النصر لأبطال العملية الإبداعية الستة تحقق، والهزيمة المهينة الفاضحة للعدو ترسخت، وكتبت تفاصيلها بأحرف من العزة والكرامة، وعلى لوحة بارزة في أرشيف البطولات التاريخي، وسيكون هذا النصر وتفاصيله مرجعا نادرا يجري تدريسه في كل اكاديميات المقاومة في العالم اجمع.

***

لم تحتفل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بإعتقال الاسرى الستة، وسيظل قادتها مطائطي الرؤوس خجلا وعارا، لان فرارهم بالطريقة التي تم عليها، نسف اساطيرهم الأمنية الكاذبة، امام مستوطنيهم أولا، والعالم بأسره ثانيا، وأضاف أسبابا جديدة للرعب والهلع في صفوف الاحتلال وحاضنته الاستيطانية العنصرية.

الاسرى الستة، واكثر من خمسة آلاف من زملائهم المقاومين الابطال الذين يقبعون خلف قضبان الاحتلال، ويواصلون جهادهم بأشكاله كافة في وجه السجان، سيُحَررون يوما ما، ولعله بات اكثر قربا، افرادا او جماعات، في عملية تبادل اسرى، او تحرير كامل للأرض، مثل اقرانهم على مدى فصول تاريخ الانتصارات على الامبراطوريات الغاشمة المتغطرسة، ولن تكون دولة الاحتلال المصطنعة استثناء، وسيكون احتفالهم بعودة هؤلاء الابطال عرسا وطنيا ضخما، يرددون فيه الأغاني الوطنية ويرقصون “الدبكة” على انغام المزمار الوطني.

هزتنا، وربما الملايين مثلنا، الرسالة القلبية المعبرة الخالدة التي كتبها المجاهد محمود العارضة الى والدته، وستدخل كتب التاريخ المقاوم من أوسع بواباته الأدبية الصادقة، وقال فيها وهنا نقتبس حرفيا “حاولت يا امي المجيء لأعانقك، قبل ان تغادري الدنيا، لكن الله قدر لنا غير ذلك، انت في القلب والوجدان، وابشرك بأني اكلت التين، والصبر، والرمان، واكلت المعروف والسماق والزعتر البري، وأكلت الجوافة من ارضنا الطيبة، بعد حرمان استمر 25 عاما، وكان في جعبتي علبة عسل هدية لك”.

محمود العارضة قائد عملية التحرير البطولية جنبا الى جنب مع زميله زكريا الزبيدي، لم يتمكن من معانقة والدته الصابرة المرابطة، وربما كان على بعد مسافة قصيرة منها، ولكنه عانق التاريخ، وكل ابطاله، وشهدائه، وسيأتي اليوم الذي سيعانقها تحت رايات التحرير والنصر الابدي وعلى انقاض دحر الاحتلال، حيث سيكون طعم التين والعنب والزعتر والجوافة والسماق الذ طعما واطيب.

***

تحية من القلب لشجرة التين التي تباركت بإهداء بعض فاكهتها للأسير محمود العارضة، ورفاقه الخمسة المحررين، وتحية لأرض فلسطين المباركة التي جادت عليهم برمانها وصبرها وسماقها وجوافتها وزعترها البري، ورطبت حلوقهم بخيراتها، ونزلت الى امعائهم بردا وسلاما في ليالي صيف فلسطيني منعشة.

تتواصل الانتصارات: نفق حرية اعجازي، وانتصار مشرف لعملية “سيف القدس” ووصول “مازوت” كسر الحصار الطاهر الى الاهل في لبنان في اقل من ثلاثة اشهر، انها بداية مرحلة جديدة توثق بالبطولات الإبداعية، بداية الهزائم للاحتلال وكل عملائه.. والأيام بيننا.

عبد الباري عطوان / رأي اليوم