النظام المصري في طريق إنشاء سجون جديدة

النظام المصري في طريق إنشاء سجون جديدة
الثلاثاء ٢١ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٥٢ بتوقيت غرينتش

يبدو أن تحرك النظام المصري المتجدد في ملف حقوق الإنسان يستبطن وجها آخر، مغايرا لما يراد تصديره عالميا من انطباع بتحسين أوضاع المعتقلين السياسيين تحديدا. إذ إن التوسع في إنشاء السجون يستهدف، على ما يبدو، استيعاب أعداد أكبر من المعتقلين، بعدما اضطرت السلطات سابقا إلى زيادة قرارات العفو الرئاسي من أجل تخفيف الضغط في سجونها.

العالم - مصر

ويعد هذا التوسع امتدادا لسياسة أمنية جديدة بدأت منذ ما بعد عام 2011 عقب انهيار الجهاز الشرطي على وقع الاحتجاجات الشعبية، حيث تفيد الأرقام الرسمية بأن عدد السجون تضاعف من 43 في نهاية حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، ليصل إلى 78 حاليا، من بينها سجون عملاقة لا تزال قيد الإنشاء، فيما جرى تكثير أماكن الاحتجاز في أقسام الشرطة ومديريات الأمن التي نقلت وزارة الداخلية عددا كبيرا منها من أماكن تركز الكتل السكنية إلى مناطق أخرى، مع تعزيزها أمنيا من الخارج والداخل، وتوسيع أماكن الاحتجاز داخلها لتحوي ضعف الأعداد السابقة. وفي أقسام الشرطة التي بنيت في المدن الجديدة، أنشئت أماكن احتجاز أكبر على نحو يمكنها من استيعاب أشخاص من مناطق مختلفة، لا من منطقة القسم نفسها فقط.

يثير هذا التوسع مخاوف حقيقية في شأن إمكانية تزايد الاعتقالات السياسية

وإذ يثير هذا التوسع مخاوف حقيقية في شأن إمكانية تزايد الاعتقالات السياسية، فهو يأتي، بالفعل، بالتزامن مع تزايد معدلات الجرائم في مصر بحسب التقارير المحلية والدولية.

إذ تحتل مصر المرتبة الثالثة عربيا والـ24 عالميا في جرائم القتل، فيما تتزايد أحكام الحبس الصادرة فيها بحق آلاف الأشخاص في قضايا مطالبات مالية، كالنفقة عند الانفصال أو التعثر المالي لدى البنوك والشركات نتيجة الأزمة الاقتصادية وتبعات جائحة «كورونا»، وهي أرقام لا تصدر الحكومة المصرية أي بيانات رسمية بها.

وعلى رغم إفصاح مصلحة الأمن العام، قبل نحو 3 سنوات، عن بعض مما تضمنه التقرير السنوي حول الجرائم من قفزات في حوادث القتل والسرقة، إلا أن ذلك التقرير عاد إلى سريته من جديد ولم يعد متداولا على الإطلاق. ويؤكد مصدر أمني، أن زيادة نسب الجرائم، والمتوازية مع الزيادة السكانية، تعد من الأسباب الكامنة خلف اتخاذ قرارات ببناء سجون جديدة، متحدثا عن «تغييرات في التصميم والمساحات والخدمات التي سيتم توفيرها في محيط كل سجن جديد بما يضمن تلافي أخطاء سابقة».

ويلفت إلى أن بعض السجون، كطرة، يتم بناء بديل لها كونها أصبحت داخل الكتل السكنية، مشيرا إلى تقنيات حديثة يجري استخدامها راهنا في المراقبة.
وفي وقت يفترض فيه أن تسهم السجون الجديدة في التخفيف من الضغط الحالي، إلا أن هذا الأمر مرهون ببقاء الأعداد نفسها خلف القضبان، وهو ما لا يبدو مضمونا بأي حال من الأحوال.

وما يضاعف الشكوك في شأن هذه التغييرات، هو عدم طروء أي تعديل على السياسات الخاصة بالتعامل مع المسجونين، الذين توثق المنظمات الحقوقية تدنيا في الخدمات المقدمة لهم، وممارسة التعذيب بحقهم، فضلا عن حرمانهم من أبسط حقوقهم في الزيارات الأساسية.

وإذ يفتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، قريبا، سجنا جديدا يمثل «النموذج» الذي ستبنى سجون أخرى على صورته ضمن مخطط يجري تنفيذه حتى عام 2030، في جميع المحافظات المصرية، يبرز أمل بإمكانية مراعاة قرب المسافة بين المحبوسين وأقاربهم لتسهيل الزيارات، لكن يظهر أن ذلك أيضا سيظل رهن «الدواعي الأمنية».

المصدر: جريدة الأخبار