هل إنسحبت إيران من المفاوضات النووية؟

هل إنسحبت إيران من المفاوضات النووية؟
السبت ٢٥ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٤:١٣ بتوقيت غرينتش

من الواضح ان هناك ارادة امريكية أوروبية، تعمل على اظهار ايران على انها الجانب الذي يماطل ويحول دون إستئناف المفاوضات النووية التي بدأت ببين ايران ومجموعة 4+1 في فيينا، لاعادة الروح الى الاتفاق النووي، عبر اعادة امريكا اليه، ورفع الحظر الامريكي الاحادي الجانب وغير القانوني عن ايران، بينما الحقائق على الارض تكذب تلك المزاعم الامريكية الاوروبية جملة وتفصيلا.

العالم قضية اليوم

العالم اجمع كان شاهدا، كيف ضرب الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، بالاتفاق النووي عرض الحائط، وكيف ظهر كالديك الرومي منفوشا وهو يوقع على قرار انسحاب بلاده من الاتفاق، وكيف اتبع ذلك بأكثر من 2600 حظر امريكي ضد ايران، وكيف هدد العالم اجمع من التعامل التجاري مع ايران او شراء نفطها، وأغلق جميع المنافذ المالية التي يمكن ان يصل منها لقاحات كورونا او معدات طبية الى الشعب الايراني، وكان العالم يتفرج، فالجميع يخاف من امريكا، اما الدول الاوروبية الثلاث فرنسا وبريطانيا والمانيا، فبدلا من ان تعوض الخسائر التي لحقت بايران من جراء انسحاب امريكا من الاتفاق النووي وفرضها حظرا ظالما ضد ايران، رأيناها كيف تواطأت مع ترامب، وسحبت جميع شركاتها العاملة في ايران، واكتفت باطلاق شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع.

الرئيس الامريكي الحالي جو بايدن، الذي كان عضوا في ادارة الرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما عندما وقعت امريكا الاتفاق النووي الى جانب القوى الكبرى الخمس مع ايران، كان من اكبر المنتقدين لسياسة ترامب ازاء الاتفاق النووي، قبل وبعد الانتخابات الرئاسية ، وتعهد لناخبيه ان يُعيد امريكا الى الاتفاق النووي في حال فوزه في الانتخابات، ولكن بعد فوزه ، تنصل بايدن من كل ما قاله، وبدأ يغير من لهجته، حيث اخذ يحمل ايران مسؤولية ما وصل اليه الاتفاق النووي، واشترط عليها ان تعود عن سياسة تقليص التزماتها في الاتفاق النووي قبل عودة بلاده اليه، بينما الجميع يعلم ان ايران ما قلصت التزاماتها بالاتفاق النووي الا ردا على انسحاب امريكا وفرضها الحظر على ايران، وكذلك ردا على تقاعس اوروبا عن الالتزام بما تعهدت به في الاتفاق، ومسايرتها للسياسة الامريكية ضد ايران.

اليوم وبعد التجربة المرة لايران مع امريكا ، والدول الاوروبية الثلاث بريطانيا وفرنسا والمانيا، قبل واثناء وبعد الاتفاق النووي، وعدم احترام هذه الدول لتعهداتها، لم تعد ايران تثق لا بكلام الامريكيين ولا الاوروبيين، ولا حتى تواقيعهم، فهذه التجربة اثبتت لايران ان الرؤساء الامريكيين لا يحترمون حتى تواقيع بعضهم البعض، فترامب قبل ان يهين فرنسا وبريطنيا والمانيا وروساء هذه الدول، عندما تهجم على الاتفاق وانسحب منه، كان قد أهان امريكا والرئيس الامريكي اوباما قبلهم، كما ان هذه التجربة اثبتت ان الاوروبيين عاجزون على قول لا للامريكيين، لذلك فقد الكلام الامريكي والاوروبي اي اعتبار له لدى ايران، التي باتت تنتظر الافعال لا الاقوال، الامر الذي جعل الامريكيين والاوروبيين يروجون لكذبة ان ايران تتهرب من المفاوضات.

ليس هناك من تحدث اكثر من بايدن عن ان مريكا على استعداد للعودة الى الاتفاق النووي، بينما عمليا لم تلمس منه ايران اي اجراء في هذا الشأن، بل على العكس تماما، نراه بين وقت واخر يفرض على ايران حظرا جديدا متذرعا باسباب في غاية السخف، والاسخف من اسباب بايدن، هو سخف من يبررون تملصه من الوفاء بوعوده للناخبين في العودة الى الاتفاق النووي، بالقول انه مضطرا ان يُساير الصقور في الحزب الديمقراطي من المعارضين لعودة بايدن الى الاتفاق النووي.

الخطأ الذي وقع فيه بايدن، انه فتح حسابا على الحظر الذي فرضه سلفه ترامب على ايران من اجل الحصول على تنازلات منها، في مجالي البرنامج الصاروخي الدفاعي ، ودورها الاقليمي، اعتقادا منه ان الحظر سيُجبر ايران في النهاية على رفع الراية البيضاء، الا ان ايران اثبتت وبالدليل القاطع انه لا يمكن حصرها في نطاق المخططات والتحليلات الامريكية والاسرائيلية، وانها لا تستجدي المفاوضات من اجل المفاوضات، كما انها لم ولن تربط مستقبلها بالاتفاق النووي، واللافت ان امريكا والغرب أدركا بعد تأخير، هذه الحقائق بشكل اوضح وافضل، لذلك نراهما بدآ بتحميل ايران مسؤولية توقف المفاوضات، رغم ان ايران لم تغادر طاولة المفاوضات ولم تنسحب منها، وكل الذي حدث هو ان الحكومة الايرانية الجديدة تعمل على تقويم المحادثات التي اجرتها الحكومة الايرانية السابقة، وانها ستعود الى المفاوضات قريبا جدا ، كما اعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان.

بعد اليوم على امريكا الا تفتح حسابا على سياسة الحظر الفاشلة على ايران، وان تكف عن التلاعب بالالفاظ ، وان تدعم اقوالها بخطوات ملموسة، فتراجع ايران عن تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي، مرتبط بجدية امريكا بالعودة الى الاتفاق النووي ورفع الحظر غير القانوني عن ايران، وهي جدية، يجب ان يظهرها الامريكيون بالفعل لا بالقول.

أمين أمين – العالم