جرائم إغتيال علماء إيران والشهيد القائد سليماني لا تسقط بالتقادم

جرائم إغتيال علماء إيران والشهيد القائد سليماني لا تسقط بالتقادم
السبت ٢٥ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٨:٤٢ بتوقيت غرينتش

في خضم الاخبار التي تتوالى من نيويورك عن النشاط الدبلوماسي الايراني المكثف واللقاءات التي يجريها المسؤولون الايرانيون على راسهم وزير الخارجية الايراني حسين اميرعبداللهيان، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، مرّ المراقبون مرور الكرام أمام خبر لقاء، كان يحمل العديد من الرسائل، وهو اللقاء الذي جرى بين مسؤول الدائرة القانونية الدولية بوزارة الخارجية الايرانية رضا نجفي وبين المديرة التنفيذية للجنة مكافحة الارهاب في مجلس الامن الدولي میتشل کونینسك، في مقر البعثة الدائمة للجمهورية الاسلامية الايرانية في نيويورك.

العالم كشكول

في هذا اللقاء اعادت ايران الى الاذهان اهم واخطر القضايا التي يحاول الغرب وعلى راسه امريكا التغطية عليها، من اجل دفنها، لمعرفته ان التطرق لمثل هذه القضايا داخل المنظمة الدولية، يعري نفاق الغرب ، وتواطأه مع الكيان الاسرائيلي الارهابي اولا، ويكشف عن ازادواجية فاضحة للمنظمة الدولية في التعامل مع قضايا الارهاب ثانيا.

الحضارة الغربية التي جعلت من الانسان مركزا للكون، وجندت كل امكانيات وثروات الارض لخدمته، انطلاقا من فكرة ان الجنة التي تحدثت عنها الاديان لا وجود لها الا على الارض، وعليه يجب استغلال كل ما فوق وتحت الارض لاسعاد هذا الانسان، ولكن وبعد ان استعمر الغرب الشعوب وسرق ثرواتها ، واستهلك الارض واستنزافها، تبين ان الانسان الذي تعنيه الحضارة الغربية هو "الانسان الغربي" حصرا، اما "الانسان الاخر" ، انسان الحضارات الاخرى ومن بينها الحضارة الاسلامية، فلا مكان له في الفكر الغربي ولا اعتبار له، واذا ما جعل الغرب من دور لهذا الانسان الاخر، فدوره ينحصر في خدمة "الانسان الغربي"، وهذه الرؤية هي التي بررت للغرب استعمار واستعباد الشعوب "الاخرى"، ونقل مئات الالاف من "الانسان الاخر" ليعملوا في مزارعه ومعامله كعبيد.

هذه المقدمة القصيرة، كانت ضرورية لمعرفة الاسباب الكامنة وراء النفاق الغربي ومعاييره المزدوجة حول الارهاب وحقوق الانسان، فهذا الغرب يقيم الدنيا ولا يقعدها عندما يعثر انسان غربي بحجر ويسقط على الارض في دولة أخرى، فنراه يجند كل امكانياته ويستغل نفوذه للضغط على تلك الدولة وتدفيعها ثمن "جريمة" سقوط ذلك الانسان، حتى بات جواسيس وعملاء ومرتزقة وقتلة الغرب في الدول الاخرى، يتمتعون بحصانة "الحضارة الغربية" ، ولا يحق لاي دولة ان تتعرض لهم حتى لو ارتكبوا جرائم ارهابية وتم اعتقالهم بالجرم المشهود.

اللقاء الذي جرى بين المسؤول الايراني والمسؤولة الاممية امس في نيويورك، كان محوره هذه النظرة الغربية المتعالية التي انعكست على قرارات الامم المتحدة ايضا وافقدتها حياديتها، ففي اللقاء دعا المسؤول الايراني، منظمة الامم المتحدة، الى اتخاذ موقف حازم تجاه الاعمال الارهابية ضد العلماء النوويين الايرانيين والقائد الشهيد قاسم سليماني، وتبديد الشكوك من قبل المنظمة ازاء اتخاذها معايير مزدوجة في مكافحة الارهاب.

رغم ان المسؤول الايراني، ومن منطلق دبلوماسي، استخدم عبارة "الشكوك"، الا ان الحقيقة غير ذلك، فالمعايير المزدوجة التي تتعامل بها الامم المتحدة، اضحت معايير ثابتة لا يحوم حولها الشكوك ابدا، فعندما يجند الغرب كل امكانياته ونفوذه في المنظمات الدولية، من اجل معاقبة روسيا، على "جريمة" تسميم جاسوس روسي مزدوج في بريطانيا، رغم ان "الجريمة" مازالت تحوم حولها الشكوك، نرى هذا الغرب المتعجرف، والمنظمات الدولية الخرساء وعلى راسها منظمة الامم التحدة، لا يقفا متفرجان فحسب، على الجرائم الارهابية التي ينفذها عملاء "اسرائيل"، والمتمثلة باغتيال العلماء النوويين الايرانيين، بل ان هذه الجهات اخذت تعلن دعمها لهذه الجرائم الوحشية وتعتبرها حقا مشروعا لـ"اسرائيل"، والتي باتت تتباهى بوقوفها وراء هذه الجرئم جهارا نهارا.

لم يُفتضح امر منظمة الامم المتحدة، ولا الدول الغربية ولا قانون الغاب ( قانون الحضارة الغربية) ، كما أفتضح في الجريمة الارهابية الكبرى التي ارتكبتها امريكا والمتمثلة باغتيال الشهيدين القائدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، وسط بغداد، رغم كل التضحيات التي قدمها الشهيدان من اجل منع تمدد "داعش" سوريا، وان تكون جارا للدول الاوروبية في حوض البحر المتوسط، فهذا الغرب المهووس بالعنصرية وسيادة حضارة الرجل الابيض، دعم ومازال الجريمة النكراء التي ارتكبها الارهابي الاكبر ترامب، واللافت ايضا ان الامم المتحدة، مازالت تلوذ بالصمت المخزي والعار.

من الواضح ان الحجر الذي القاه المسؤول الايراني خلال لقائه المسؤولة الاممية، في بركة الحضارة الغربية الراكدة، لن يحرك الماء فيها، بعد ان اصبح آسنا، ولكن ستبقى ايران تطالب بتحقيق العدالة لعلمائها وابطالها الذين سقطوا ضحية النظرة الغربية المتعجرفة الى الشعوب الاخرى، لاسيما الشعوب التي تملك جذورا تضرب في اعماق التاريخ، كالشعب الايراني، فهذا الحق لن يسقط بالتقادم، كما ان ايران، وبشهادة التاريخ، لم ولن تتنازل يوما عن قطرة دم واحدة لشهدائها.