دوافع إساءة ماكرون للجزائر.. أكبر بكثير من كونها عنصرية أو إنتخابية

دوافع إساءة ماكرون للجزائر.. أكبر بكثير من كونها عنصرية أو إنتخابية
الإثنين ٠٤ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٧:١٧ بتوقيت غرينتش

من الخطأ الاعتقاد ان الاساءة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى الجزائر والشعب الجزائري، جاءت في اطار تداعيات الاجواء الانتخابية التي تعيشها فرنسا، او انه اراد منها منافسة الاحزاب اليمنية على اصوات الفرنسيين، وان ماكرون المرشح ليس ماكرون الرئيس، فما جاء على لسان ماكرون لا يعكس فقط حقيقة العقلية الاستعمارية العنصرية لماكرون والنظرة الاستعلائية التي ينظر بها الفرنسيون الى الجزائر، بل ان هذه التصريحات تستهدف ما هو اكبر من ذلك بكثير.

العالمكشكول

رحم الله الرئيس الجزائري الاسبق هواري بومدين عندما قال :"أعرف أننا على صواب حين لا ترضى عنا فرنسا"، فعدم رضا فرنسا اليوم على الجزائريين، يؤكد بما لا يقبل الشك انهم يسيرون على الطريق الصحيح، ويبدو ان هذا الطريق لا ينتهي في صالح فرنسا وكل من لا يضمر الخير للجزائريين.

من المؤكد ان تصريحات ماكرون، التي نقلتها صحيفة "لوموند" الفرنسية، والتي شكك فيها بوجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر، وان النظام السياسي الجزائري أعاد كتابة تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر على أساس كراهية فرنسا، وهي تصريحات لم يتم تكذيبها رسميا، لا يمكن تبريرها بالاجواء الانتخابية التي تعيشها فرنسا، فهذه التصريحات هي إساءة وإهانة كبرى للشعب الجزائري، وأكبر بكثير من امكانية ادراجها في نطاق التنافس الانتخابي، لاسيما انها جاءت بعد اسبوع من قرار فرنسي يخفض عدد تأشيرات الدخول المتاحة لمواطني البلدان المغاربية، وهو الأمر الذي دفع الجزائر إلى الاحتجاج رسميا.

تُرى هل يُعقل ان يكتب النظام السياسي الجزائري، تاريخ الاستعمار الفرنسي على اساس "حب فرنسا"، وجرائم هذا الاستعمار لا تعد ولا تحصى، وفي مقدمتها جريمة إبادة ضد الشعب الجزائري، ففرنسا قتلت منذ استعمارها الجزائر عام 1830 وحتى طردها منها عام 1962، 5 ملايين و630 ألف جزائري . مليون و نصف المليون شهيد فقط سقطوا خلال ثورة تحرير الجزائر بين عامي ( 1945_1962)، وباقي الشهداء سقطوا في المقاومة الشعبية التي بدأت منذ الغزو الفرنسي للجزائر عام 1832 ، منها ثورة الأمير عبد القادر الجزائري، وثورة الزعاطشة، وثورة فاطمة نسومر، وثورة الشيخ بوعمامة، وباقي الثورات الاخرى.

من المؤكد ان الهجمة التي تتعرض لها الجزائر اليوم، لا علاقة لها بالانتخابات والخطاب العنصري الذي ينخر فرنسا، بقدر ما لها علاقة بالمخطط الذي تقف وراءه الصهيونية العالمية والغرب، لاستهداف الجزائر، لمواقفها الرافضة للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، ولتغلغل هذا الكيان في القارة الافريقية، وعدم تخليها عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ووقوفها لى جانب محور المقاومة، ورفضها للحرب المفروضة على الشعبين السوري واليمني.

المخطط الصهيوني المُعد للجزائر، الذي تتولى فرنسا تنفيذه، هو سيناريو شبيه بالمخططت الاخرى التي استهدفت دول المقاومة والممانعة للهيمنة الصهيونية على المنطقة، كالعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، بهدف اضعاف جيشها واستنزاف ثرواتها وشرذمة شعبها وتجزأتها، وعلينا ان نتذكر هنا تصريحات بعض المسؤولين في الكيان الاسرائيلي، الذين اعلنوا صراحة ان كيانهم سيقف الى جانب المغرب في حال حصول نزاع بين البلدين على خلفية قضية الصحراء الغربية!.

القيادة في الجزائر كانت على علم بما يُدبر للبلاد، وهذا ما يفسر ردة فعلها القوية ، عندما استدعت سفيرها من فرنسا احتجاجا على مواقف ماكرون، كما اغلقت المجال الجوى الجزائري أمام الطيران العسكرى الفرنسى، وهي مواقف يراها المراقبون بانها ليست كافية، لوأد المخطط الصهيوني الذي تقوده فرنسا، اذا لم تستتبعها القيادة الجزائرية بقرارات اخرى منها، تقديم اعتذار رسمى لاستعمار فرنسا للجزائر، وتقديم تعويضات لضحايا الشعب الجزائري عن فترة الاستعمار، وتقديم خرائط مواقع التفجيرات النووية في الجزائر، وتسليم رفات و خرائط المقابر المجهولة التى دفن فيها الضحايا الجزائريين أبان الحكم الاستعمارى الفرنسى، واخيرا ان تقدم فرنسا تعهدا رسميا بعدم التدخل فى الشأن الداخلي الجزائري أو التحريض أو الإساءة للجزائر و شعبها.