خبير اميركي يتحدث عن عام سيئ جدا للسعودية

خبير اميركي يتحدث عن عام سيئ جدا للسعودية
الخميس ٢٣ يونيو ٢٠١١ - ٠٢:٥٩ بتوقيت غرينتش

اعتادت المملكة العربية السعودية , مصدّرة النفط العالمية البارزة ، أن تكون مركز الاهتمام لكنها ستذكر هذا العام بصورة خاصة في الوقت الذي ينظر العالم أخيراً إلى مكان آخر للقيادة.

ومن الصعب تخيل عام أكثر كارثية للسياسة الخارجية السعودية من هذا العام.
ففي كانون الثاني/يناير فرَّ الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى المنفى في مدينة جدة السعودية الساحلية. والآن يريد النظام الجديد في تونس إعادة بن علي لمحاكمته.
وفي شباط/فبراير أُجبر الرئيس المصري حسني مبارك الذي ظل حليفاً للسعودية لفترة طويلة على أن يترك منصبه.
وفي غضون أيام انتقلت واشنطن من عبارات التأييد لمبارك إلى القول بأن الوقت قد حان لرحيله. ثم في آذار/مارس وبعد أن بدأت الاحتجاجات في البحرين تدفقت قوات سعودية تدعمها الدبابات عبر الجسر الذي يربط السعودية بجزيرة البحرين.

وفي الرياض وعواصم عربية أخرى في الخليج (الفارسي) كان الأمراء والمشايخ يتساءلون حول مدى صلابة الدعم الأمريكي لهم. وفي الشهر الماضي حصلوا على الإجابة في خطاب الرئيس الأمريكي الرئيسي حول السياسة الخارجية في الشرق الأوسط في 19 أيار/مايو عندما انتقد الرئيس أوباما بشدة طريقة تعامل البحرين مع المظاهرات.

ولتأكيد هذه النقطة فقد تم تخفيض اجتماع ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة مع أوباما، عندما زار الأمير البحريني واشنطن هذا الشهر، ليصبح مجرد "مرور عابر" قام به الرئيس الأمريكي [في الغرفة التي كان فيها الأمير سلمان]، كما أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لم تجامله بمؤتمر صحفي مشترك بعد اجتماعهما.

وحتى الهيمنة السعودية على أسواق النفط العالمية -- بحكم قيادة المملكة داخل "منظمة الدول المصدرة للنفط" ("أوپك") -- تتعرض لتهديد.

فقد انتهى اجتماع وزراء نفط " أوبك" الأسبوع الماضي في فيينا بخلافات حيث وصفه ممثل السعودية علي النعيمي بأنه "واحد من أسوأ الاجتماعات التي عقدناها على الإطلاق."

وقد قام النعيمي بعدها بقليل بقيادة مناورة لزيادة حصص الإنتاج لتهدئة أسعار النفط المرتفعة بيد ان ايران قادت كتلة من الدول الأعضاء في "أوبك" التي رفضت ذلك مُفضلة الحصول على عائدات عالية. وليس من الواضح من سيسبق من في موضوع إنتاج البرميل -- لكن من المتوقع أن يكون الرد السعودي زيادة الإنتاج من جانب واحد. وربما يساعد ذلك على خفض أسعار الغاز في الولايات المتحدة، لكنه يعني أن السعودية سوف "تقوم بالأمر وحدها" بدلاً من إظهار قيادتها لسوق الطاقة العالمي.

وفي الوقت نفسه، فمع وجود الملك عبد الله الذي يبلغ من العمر 88 عاماً وغيره من الأمراء الكبار في السن على الكراسي المتحركة أو يسيرون وهم يعرجون مستندين على العصي، يمكن تخيّل القصور السعودية كبيوت فاخرة للعجزة.

فولي العهد الأمير سلطان البالغ من العمر 87 عاماً هو مجرد ظل مبتسم لما كان عليه سابقاً وربما يعود مرة أخرى إلى نيويورك ليتلقى علاجاً إضافياً لمرض السرطان.

والأمير نايف البالغ من العمر 78 عاماً والثالث في ترتيب النسب لاستحقاق العرش قد عاد لتوه من سويسرا التي قضى فيها أكثر من شهر فيما يعتقد أن وجوده فيها كان لأسباب طبية.

وفي مكان ما في الخلفية نجد الأمير بندر بن سلطان الذي حاول مؤخراً تجنيد مرتزقة مسلمين من باكستان وماليزيا وإندونيسيا للدفاع عن السعودية والدول الأعضاء الأكثر ضعفاً في دول مجلس التعاون بالخليج الفارسي.

إن الخطة التي تقودها السعودية لتوسيع "مجلس التعاون " -- الذي هو خليط من مجموعة مشيخات مختلفة تشمل أيضاً الكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وعُمان -- إنما تحمل أيضاً دلالات على اليأس.

ولتجنب الاتجاهات الديمقراطية لـ "الربيع العربي" يقال إن مملكتي الأردن والمغرب كانتا قيد النظر في الشهر الماضي حول انضمامهما إلى "مجلس التعاون " ويبدو أن الملك عبد الله قد تلقى خطاباً من ملك الأردن عبد الله الثاني يطلب فيه العضوية، ومصرحاً أنها حقيقة واقعة بناء على اعتقاده بأنها تبدو فكرة جيدة. غير أن معرفة المغرب بذلك لأول مرة -- وفقاً لوزير من دول الخليج الفارسي -- كانت عندما تلقى وزير خارجيتها مكالمة هاتفية من نظيره الإماراتي.

 إذا كان توسيع "مجلس التعاون " مشروعاً سعودياً لتعزيز النظم الملكية وإعادة تأكيد قيادة العالم العربي الذي يبدو بلا دفة فإنه بالتأكيد لم ينجح بعد. وقد تعرض موكب الملك الأردني هذا الأسبوع للهجوم بالحجارة والزجاجات أثناء مروره ببلدة في جنوب البلاد.

وقد ساءت الأمور بالنسبة للسعودية بوصول ضيفهم من الجحيم -- الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. فبعد أسابيع من محاولة تأمين خروجه من صنعاء، استدعى انفجار غامض -- في مسجد القصر الرئاسي الذي كان يصلي فيه صالح -- إلى الإجلاء الطبي العاجل للرئيس اليمني بعد إصابته بجروح بليغة -- هو ونصف المجلس الوزاري حيث نقلوا جميعاً إلى مستشفى في الرياض.

إن السعوديين يحبون التدخل في صنعاء لكنهم لا يريدون أن تلاحقهم مشاكل اليمن إلى الرياض. كما أن هبوط اليمن السريع إلى الفوضى من شأنه أن يؤدي إلى زيادة حرية عمل "تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية" في تلك البلاد، مع تداعيات محتملة على السعودية ربما تؤدي إلى زعزعة الاستقرار.

وهناك أيضا الفوضى الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية. فالأمير تركي الفيصل -- الذي هو محل احتفاء في وسائل الإعلام الأميركية لكونه رئيس الاستخبارات السابق والسفير السابق إلى واشنطن، رغم فصله من الوظيفة الأولى وإبعاده عن الثانية -- قد خاض مؤخراً بقوة في هذا الموقف المتردي.

ففي افتتاحية له في صحيفة "واشنطن بوست" في 12 حزيران/يونيو أعطى الأمير تركي دعماً حماسياً للفلسطينيين حيث كتب يقول، "إن السياسات الداخلية الأميركية والتعنت الإسرائيلي لا يمكن السماح لهما بالوقوف حجر عثرة أمام حق الفلسطينيين بمستقبل يحمل حياة كريمة وفرصاً مماثلة لأولئك الذين يعيشون في دول غير محتلة." وقد صرح أن السعودية سوف تستخدم "قوتها الدبلوماسية الكبيرة" لدعم مساعي الفلسطينيين بالاعتراف الدولي في الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر.

وحيث أن العالم السياسي للسعودية ينهار من حولها، فإن تركيز الأمير تركي على القضية الفلسطينية هو على الأرجح محاولة للقبض على عنصر القوة الوحيد الباقي والمتاح للمملكة. لكن تركي وفقاً لمقال افتتاحية في صحيفة "واشنطن بوست" في 15 حزيران/ يونيو، كان بالفعل يكرر نفس حماس والده الملك فيصل الذي يتمتع بمكانة رفيعة في السعودية لن يصل إليها ابنه قط. فقد قال الملك المتوفي في عام 1974، "أعظم أمنية لي أن أصلي في القدس قبل أن أموت"، (ناهيك عن أنه لم يكلف نفسه عناء الصلاة هناك في السنوات التي كانت فيها الأردن مسيطرة على البلدة القديمة قبل عام 1967).

وفي عموده كتب تركي مذكراً العالم بما يسمى "مبادرة التسوية العربية" من عام 2002 التي عَرَضت على إسرائيل السلام مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وحل متفق عليه لقضية اللاجئين إلا أن الاقتراح قد عانى أيضاً من امتناع السعودية عن متابعة مبادرتها الدبلوماسية. لكن على وجه التحديد، إذا ما تم مقارنتها مع فوضى هذه الأيام، يمكن أن تُذكر المبادرة باعتبارها ذروة السياسة الخارجية السعودية.

وفي الغالب يصف الدبلوماسيون دورهم بأنه جس النبض في الدول التي يزورونها. ولكن عندما يتعلق الأمر بنظام حُكم زعماء كبار السن يذهب الذهن مباشرة إلى الرياض، وهذه المقولة تحتوي على حقيقة ضمنية قاتمة أخرى.

بقلم : سايمون هندرسون?