عجز مالي يلازم اميركا منذ عقود والدين العام قد يتضاعف في 2037

عجز مالي يلازم اميركا منذ عقود والدين العام قد يتضاعف في 2037
الثلاثاء ٠٥ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٣:٣٦ بتوقيت غرينتش

هل تواجه الولايات المتحدة الاميركية "التي تعاني من عجز في ميزانيتها منذ عقود"، انكماشا في اقتصادياتها إذا توقفت عن الاقتراض وباشرت الاقتطاع من نفقلتها؟ في وقت اعلن فيه الرئيس الاميركي جو بايدن خلال كلمته في البيت الأبيض يوم امس الاثنين، أنه لا يمكنه ضمان أن بلاده ستتفادى التخلف عن سداد استحقاقات ديونها "للمرة الأولى في تاريخها"، في ظل الخلاف الشديد بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس حول رفع سقف الدين.

العالم - كشكول

سقف الدين هو الحد الأقصى الذي يسمح به الكونغرس للاقتراض، وهو محدد حاليا بما يزيد بقليل عن 28 تريليون دولار، وتتوقع الخزانة بلوغه في 18 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، مايعني ان يأتي تتويجا لما يعانيه الرئيس الأميركي من تدهور حاد في شعبيته إثر سلسلة من القرارات الخارجية ومشاكل السياسة الداخلية التي يواجهها حالياً في الكونغرس.

فقد أظهر آخر استطلاع للرأي لـ(أسوشييتد برس) بالتعاون مع مركز (نورك) للأبحاث أن 50% فقط من الأميركيين يوافقون على أداء بايدن مقابل 49% من الذين يعارضون أداءه في البيت الأبيض.

الأرقام اعلاه تظهر تراجعا كبيرا في شعبية بايدن مقارنة بشهري تموز/يوليو حين دعمه 59% من الأميركيين وشهر آب/أغسطس حين دعمه 54% من الأميركيين.

تفاصيل الين العام الاميركي

يذكر، أن الدين العام الأميركي ينقسم إلى قسمين: الأول مملوك بواسطة الجمهور، مثل السندات التي يشتريها الأفراد والمؤسسات المالية سواء أكانوا أميركيين أو أجانب، والآخر مملوك بواسطة الحسابات الحكومية الاتحادية أي هيئات حكومية كصناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد والرعاية الصحية.

وزيرة الخزانة الاميركية جانيت يلين حذرت من حصول ركود في الاقتصاد الاميركي اذا تخلفت واشنطن عن سداد الديون ولأول مرة في تاريخها، واعتبرت يلين انه من الضروري رفع حد الدين الفيدرالي من قبل الكونغرس، وذلك قبل الموعد النهائي المحدد في 18 من تشرين الاول/اكتوبر الحالي.

واضافت ان الفشل في رفع الحد قد يؤدي الى اول تخلف اميركي عن السداد، معربة عن دعمها لما يسمى بعملية المصالحة من اجل التوصل الى اتفاق لرفع حد الدين الفيدرالي.

تحذيرات مكتب الموازنة الفيدرالية

في هذه الاثناء، حذر تقرير أصدره مكتب الموازنة "وهو هيئة غير حزبية تابعة للكونغرس"، من أن الدين العام الأميركي المملوك للجمهور قد يبلغ ضعف إجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2037، إذا أبقت واشنطن على سياساتها المالية والضريبية الراهنة.

وأوضح مكتب الموازنة في تقريره أن الدين العام الأميركي المملوك للجمهور والذي يشكل حاليا 70% من إجمالي الناتج المحلي، سيرتفع إلى 109% بحلول العام 2026 وإلى 200% عام 2037.

من الواضح أن أميركا بحاجة إلى كبح جماح الدين العام المتصاعد. لكن يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن حريص على فعل العكس تماما. والحق أن المخاطر أكبر من أن يتجاهلها.

بايدن زار الجمعة الماضية الكونغرس الاميركي لتحفيز المفاوضات بين نواب الحزب الديموقراطي وحثهم على تجاوز خلافاتهم حول خطتيه الاقتصاديتين، غير انه وصف موقف الجمهوريين بـ"المتهور" و"الخطير" منددا بشأن الخلاف في الكونغرس حول رفعِ سقف الدين.

أكثر من ربع الديون جاءت بزمن ترامب

صرّح بايدن أن "أكثر من ربع الدين الأميركي، بما يصل إلى 8 تريليونات دولار، جاء خلال السنوات الأربع لحكم الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، لذلك على الجمهوريين المساعدة في رفع سقف الدين".

واعتبر ان موقف الجمهوريين من سداد الديون قلة مسؤولية منهم، وأن عرقلتهم تهدد بدفع الاقتصاد الاميركي إلى الهوة مع اقتراب استحقاق 18 تشرين الأول/أكتوبر لتسوية الخلاف، مشيرا الى ان الأمر يعود للسيناتور ميتش ماكونيل "زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ " قائلا: "لا، لا يمكنني ذلك. الأمر يعود لميتش ماكونيل"، الذي يقود المعارضة لرفع أو تعليق سقف الدين السيادي. لكنه أضاف "لا يسعني أن أصدق" أن ذلك سيحصل فعلاً، علماً أنه سبق أن رفع الكونغرس أو علق سقف الدين 78 مرة منذ 1960.

بايدن يتمسك بموقف بلده الحازم تجاه الصين

أعلنت إدارة بايدن الإثنين، أنها لا تعتزم "تأجيج التوتر التجاري مع الصين" لكنها تتمسك بموقفها الحازم تجاه بكين لعدم احترامها تعهداتها بموجب الاتفاق الموقع مع الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2020، وقررت واشنطن الإبقاء على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضتها الإدارة السابقة على منتجات صينية بقيمة 370 مليار دولار في السنة، مع اعتماد آلية إعفاءات لمساعدة الشركات الأميركية المتوسطة والصغرى المتضررة بشدة جراء هذه العقوبات.

وحضت بعض مجموعات الأعمال الأميركية الأكثر نفوذاً في مطلع آب/أغسطس إدارة بايدن على خفض هذه الرسوم مشيرة إلى أن الصناعات الأميركية تتكبد "أكلافاً متزايدة".

كيف أدار أوباما أزمة 2008 المالية؟

في أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، أدار الرئيس باراك أوباما أكبر عجز في الميزانية مقارنة بأي رئيس آخر منذ الحرب العالمية الثانية (مع التعديل وفقا لتأثيرات الإيرادات والنفقات التلقائية لدورة الأعمال). وتخطاه في ذلك خلفه، دونالد ترمب.

الواقع أن بايدن يخطط لأن يتفوق على سفليه. فعلى الرغم من أن إجمالي الدين الفيدرالي الأميركي يبلغ الآن 107٪ من الناتج المحلي الإجمالي - وهو رقم غير مسبوق في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية - إلا أن ميزانية إدارة بايدن لعام 2022 جعلت البلاد تسجل أكبر عجز في وقت السلم على الإطلاق.

يذكر أن وزارة الخزانة الأميركية أعلنت في نهاية العام 2011 أن الدين العام للولايات المتحدة ارتفع إلى 15 تريليون دولار، أي ما يوازي نحو 48 ألف دولار لكل مواطن.

غير ان الاقتصاد الأميركي سجل في حزيران/يونيو الماضي أكبر ارتفاع في معدل التضخم منذ عام 2008 كما كشفت بيانات وزارة الخزانة الأميركية أن عجز​ الموازنة بلغ تريليونين و236 مليار دولار في الفترة بين تشرين الأول/نوفمبر 2020 وحزيران/يونيو 2021.

لذلك فان أكبر ارتفاع في معدل التضخم في 13 عاما هو ما سجله الاقتصاد الأميركي خلال شهر حزيران/يونيو المنصرم وفق بيانات حكومية، ما يزيد أعباء المستهلكين ويناقض توقعات البيت الأبيض والاحتياطي الفدرالي بأن ارتفاع الأسعار سيتلاشى في الأشهر المقبلة.

السيد ابو ايمان