عطوان: تصريحات برايس وميقاتي حول المازوت الايراني، ما حلولكم يا سادة!

عطوان: تصريحات برايس وميقاتي حول المازوت الايراني، ما حلولكم يا سادة!
السبت ٠٩ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

المثل العربي يقول “لا راحمنا.. ولا تارك رحمة الله تنزل علينا” ينطبق بالكامل على الحكومة الامريكية وطريقة تعاطيها مع الازمات اللبنانية، وخاصة ازمة  المحروقات، وانقطاع التيار الكهربائي عن كل البلاد طيلة الأشهر الأخيرة الماضية.

العالم-لبنان

نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية، خرج علينا بالأمس بتصريح استفزازي ينطوي على الكثير من العجرفة والغرور قال فيه “ان وقودا من بلد خاضع لعقوبات عديدة مثل ايران ليس حلا مستداما لازمة الطاقة في لبنان، هذه لعبة علاقات عامة برأينا، وليس محاولة لإيجاد حل للمشكلة”.

اذا كان وصول ثلاث ناقلات نفط إيراني الى ميناء طرطوس السوري، ونقلها بالصهاريج الى لبنان، بمبادرة من السيد حسن نصر الله زعيم “حزب الله” وتجاوب سريع من السلطات الإيرانية، لا يشكل حلا مستداما، فما هو الحل الأمريكي يا سيد برايس؟ ان يموت الشعب اللبناني من الجوع والحر في الصيف، والجوع البرد في فصل الشتاء القارص المقبل؟

السيد حسن نصر الله كان صادقا كعادته دائما عندما قال اثناء استقباله لحسين امير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني الجديد “ان ايران حليف قوي لا يخذل حلفاءه” في إشارة واضحة الى الولايات المتحدة التي لم تخذل حلفاءها في لبنان فقط، وانما كل الشعب اللبناني عندما فرضت حصارا تجويعيا عليه لسنوات سواء بشكل مباشر او عبر بعض الأنظمة العربية، أدى الى انهيارها اقتصاديا وافلاسها ماليا، وتدميرها خدماتيا.

المتحدث “المفوه” برايس يصف هذه “الفزعة” الإيرانية النفطية لإنقاذ الشعب اللبناني من الجوع والحر والمرض بإرسال ناقلات المحروقات الى لبنان هي مجرد “حملة علاقات عامة”، لكن السؤال هو: لماذا لم تقم ادارته بحملة علاقات عامة مماثلة، وبلاده أمريكا هي التي اخترعت علم العلاقات العامة، وأول من درسه كإختصاص أساسي في جامعاتها؟

التطبيق الأمريكي “العملي” لعلم العلاقات العامة يتمثل في الحصارات الخانقة، والمدمرة للشعوب، وعلى رأسها الشعب اللبناني، وقبله السوري، والإيراني، والفلسطيني، وتوظيفها لإشعال فتيل الحرب الاهلية، والا لماذا لم تبادر هي، او حلفاؤها في الخليج (الفارسي) الى قطع الطريق على هذه “الفزعة” الإيرانية، والمبادرة بإرسال المحروقات الى لبنان ودون أي تمييز طائفي، وتكسب بذلك عقول وقلوب الشعب اللبناني؟

السيد امير عبد اللهيان الذي “حرث” لبنان طولا، وعرضا، اثناء زيارته له، والتقى معظم قياداته، ابتداء من سماحة السيد نصر الله ومرورا برئيس الوزراء وانتهاء برئيس الجمهورية، اعلن عن تعهد بلاده بإنشاء معملين لتوليد الكهرباء، واعمار مرفأ بيروت فورا، اذا طلبت الحكومة اللبنانية، وهذا افضل عرض للحلول “المستدامة” لازمات لبنان التي يتحدث عنها الخواجة برايس وحكومته، فهل قدم “الحليف” الأمريكي أي تعهدات مماثلة غير التهديد بفرض عقوبات إضافية لمفاقمة الازمات اللبنانية الخانقة؟

أمريكا تهدد بالمزيد من العقوبات، وايران تتعهد باستمرار وصول ناقلات المحروقات الى لبنان، في كسر “مزدوج” لهذه العقوبات، الأول على سورية التي تخضع لقانون “قيصر” سيء الذكر، والثاني المفروض على لبنان، مما يظهر الفرق بين الحليف الشجاع الذي ينحاز انسانيا للشعب الفقير المعدم المحاصر المجوّع ويهرع لتوفير متطلباته الحياتية الأساسية، والحليف الآخر الذي يريد خنقه بالأزمات حتى يلفظ انفاسه الأخيرة.

فوجئنا، وربما مثل الكثيرين غيرنا، بتصريحات السيد نجيب ميقاتي رئيس وزراء لبنان التي اطلقها امس بعد لقائه بغبطة البطرك الماروني بشارة بطرس الراعي وقال فيها “السعودية قبلتي السياسية.. وقبلتي كمسلم.. شحنات النفط الإيرانية تشكل انتهاكا لسيادة لبنان”.

نحن لا نطالب السيد ميقاتي بأن يتخلى عن قبلته السعودية، واتخاذ طهران قبله له، ما عاذ الله، ولكننا نتمنى على قبلته هذه السياسية والدينية، التي تعتبر اكبر مصدّر ومنتج للنفط في العالم، ان تبادر بإرسال شاحنة واحدة فقط الى مرفأ بيروت او طرابلس محملة بالوقود الى الشعب اللبناني، وفي هذه الحالة سنكون من المصلين الواقفين في الصف الأول خلف امامته هذه، ومن اعلى الأصوات الداعية لها بالأمان، والازدهار، وطول العمر.

*رأي اليوم/عبد الباري عطوان