العشرات من النشطاء تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري في الإمارات

العشرات من النشطاء تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري في الإمارات
الأربعاء ١٣ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٦:٣٢ بتوقيت غرينتش

يستمر العشرات من النشطاء والحقوقيين والقضاة والمحامين وغيرهم من أبناء الإمارات في دفع ثمن جريمة الإخفاء القسري التي سلطتها عليهم قوات جهاز الأمن الإماراتي وأدت بهم إلى السجون ثم إلى محاكمات جائرة افتقرت لكل معايير المحاكمات العادلة.

العالم- الامارات

وأكد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أن جريمة الاختفاء القسري التي تعرض لها النشطاء في الإمارات ما زالت تفلت من العقاب حيث لم يتم فتح تحقيقات جدية فيها ولم تقع محاسبة المسؤولين عنها وعن كل الانتهاكات التي انجرت عنها.

وقال المركز إن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي في المادة 47 ينص على ضرورة إحالة المحتجزين على النيابة العامة في غضون يومين.

إلا أن قانون جهاز أمن الدولة الإماراتي لعام 2003 يمنح ضباط أمن الدولة صلاحيات واسعة لاحتجاز الأشخاص لفترات طويلة دون أي تدقيق قضائي.

من جهة أخرى تسمح المادة 28 من قانون جهاز أمن الدولة، عند قراءتها مقرونة بالمادة 14، لرئيس جهاز أمن الدولة باحتجاز أي شخص لمدة 106 أيام “إذا كان لديه من الأسباب المعقولة” أن الشخص متورط ضمن أمور أخرى منها في “المساس بسلامة وأمن الدولة… أو… بسلامة الوحدة الوطنية” أو “أعمال تخريبية أو… أي نشاط ضار باقتصاد الدولة” أو “كل ما من شأنه إضعاف مركز الدولة وإثارة العداء ضدها أو زعزعة الثقة بها”.

بالنظر للمادة 14 (5) من “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، التي تنص على أن “يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية أمام أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويجب أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو يفرج عنه”، فإن قانون جهاز أمن الدولة ينتهكها بشكل واضح. حيث أن هذا القانون يُعرض الأشخاص لخطر الاختفاء القسري وبالتالي للتعذيب.

تنص المادة 5 من “الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006″على أنه: “تُشكل ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية جريمة ضد الإنسانية كما تم تعريفها في القانون الدولي المطبق وتستتبع العواقب المنصوص عليها في ذلك القانون”. لم تُوقع الإمارات على الاتفاقية أو تصدق عليها بعد.

لاتزال حكومة الإمارات تراوح مكانها في مسألة التوقيع على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري خلافا لما تعهدت به حين الاستعراض الدوري أمام مجلس حقوق الإنسان لسنة 2013.

كما لم تنضم للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2002 ولازالت تتحفظ على بند الشكاوى في اتفاقية مناهضة التعذيب مما يحرم العديد من الضحايا من فرص التظلم واسترجاع الحقوق.

إذ أعلنت سلطات دولة الإمارات أنها لا تعترف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب كما أكدت أنها ليست معنية بالتسوية عن طريق التحكيم بينها وبين غيرها من الدول فيما يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تنفيذها.

ويضاف إلى ذلك عدم مصادقة دولة الإمارات على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ضحايا الإخفاء القسري في الإمارات

في 28 مارس 2017 أصدر الفريق العامل بالاختفاء القسري بالاشتراك مع أصحاب ولايات آخرين نداء عاجلا حث فيه حكومة الإمارات على الكشف فورا عن مكان وجود المدافع عن حقوق الإنسان أحمد منصور.

وكان منصور اعتقل من قبل جهاز أمن الدولة يوم 20 مارس 2017 على الساعة الثالثة فجرا بعد مداهمة منزله بدبي وتفتيش كل غرفه وجميع محتوياتها بما فيها غرف الأطفال واقتياده بعدها إلى مكان غير معلوم وذلك على خلفية تدويناته على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي ودفاعه عن الناشطين الحقوقيين.

وقضى منصور سنة كاملة في مكان غير معلوم مع تعرضه للتعذيب وغياب محامي وقلة الزيارات قبل أن يحال على المحاكمة بتاريخ مايو 2018 ويحاكم بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها مليون درهم إماراتي (حوالي 270 ألف دولار أمريكي) بسبب نشاطه الحقوقي على شبكات التواصل الاجتماعي.

كما أن سلطات دولة الإمارات عملت على انتهاك حقوق الأكاديمي والناشط الحقوقي د.ناصر بن غيث والنيل من كرامته ومن أمانه الشخصي ومن حقه في محاكمة عادلة منذ إيقافه في أغسطس 2015.

فقد تعرض بن غيث للتعذيب ولسوء المعاملة وللاختفاء القسري وسلطت عليه المحكمة الاستئنافية الاتحادية عقوبة الحبس لعشر سنوات برئاسة قاضي مصري بجلسة 29 مارس 2017 من أجل تغريدات نشرها على حسابه بالتويتر وجدت فيها سلطات دولة الإمارات تعكيرا لصفو العلاقات مع الدولة المصرية عبر الانترنت وإثارة للفتنة والكراهية والعنصرية والطائفية وإضرارا بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.

وحصل المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان على تسجيلات لأمينة العبدولي ومريم البلوشي تسربت من سجن الوثبة وأفادت ضمنها أمينة العبدولي بمداهمة منزلها في الفجيرة من قبل أعوان جهاز امن الدولة في 19 نوفمبر 2015.

وتعرض أمينة للاعتقال التعسفي ونقلها هي وشقيقتها موزة العبدولي ومريم البلوشي إلى سجن سري واحتجازها بغرفة ضيقة دون نوافذ وإخضاعها لعمليات تفتيش مهينة من قبل حارسات نيباليات ومغربيات وتقييدها من يديها وتعصيب عينيها وضربها على الوجه وسبها وشتمها وتهديديها بإسقاط حضانتها واعتقال أقاربها وإجبارها على الوقوف لساعات طويلة أثناء الاستنطاق وتكفلت الحارسة أم حميد بضربها حتى تسقط مغمى عليها من شدة التعذيب وحرمت من المشي لأكثر من ستة أشهر.

كما أفادت مريم سليمان البلوشي ضمن التسجيل المسرب وعمرها 21 عاما وهي طالبة في آخر سنة في كلية التقنية، من مدينة كلباء اعتقالها من قبل جهاز أمن الدولة ومكوثها في مقر احتجاز سري مدة 5 أشهر وتعرضها للتعذيب والضرب على الرأس وتهديدها بالاغتصاب ومنع مستلزمات النساء عنها وخاضت إضرابا عن الطعام في أكثر من مرة احتجاجا على سوء معاملة الحراس النيباليين لها وعلى ما تعرضت له من الضرب والمعاملة القاسية.

تعمدت سلطات دولة الإمارات في الأشهر الأخيرة توظيف معتقلين سياسيين من أجل تبرئة دولة الإمارات مما ينسب لها من انتهاك لحقوق الإنسان وحط من كرامة المعتقلين وهو ما حصل مع المعتقل السياسي عبد الرحمن بن صبيح والذي ظهر على تلفزيون أبوظبي في 14 جويلية 2017 لينفي تعرضه للاختطاف وللاختفاء القسري والتعذيب والمعاملة المهينة والمحاكمة الجائرة.

كما فعلت سلطات دولة الإمارات بالمثل مع المعتقل عيسى بن خليفة السويدي ضمن القضية المعروفة ب” إمارات 94 ” والذي ظهر على قناة دبي في 18 أوت 2017 ليفيد بالمعاملة الحسنة التي لقيها في السجن ولإدانة دولة أخرى.

ولم تقدم سلطات دولة الإمارات أية إيضاحات بخصوص إخراج المعتقلين من سجنهما وإظهارهما في الإعلام وما إذا كان ذلك بأمر من النيابة العامة المشرفة على السجون أم بتعليمات من السلطة السياسية.