دافع عن تواجد 'إسرائيل' على حدود إيران.. أردوغان يقع بالمحظور

دافع عن تواجد  'إسرائيل' على حدود إيران.. أردوغان يقع بالمحظور
السبت ٢٣ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٦:٥٧ بتوقيت غرينتش

في رده على سؤال حول إعتراض إيران على التغلغل العسكري والجاسوسي للكيان الاسرائيلي في جمهورية اذربيجان وخاصة بالقرب من حدودها، واحتمال تأزم الاوضاع بين البلدين، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان: "شخصياً لا أتوقع ذلك.... إيران ليست في موقف يخولها المواجهة مع أذربيجان بسبب علاقاتها مع إسرائيل.. نسبة الأذريين في إيران واضحة، وهذا طبعاً يدعو للتفكير، الأمر ليس بهذه السهولة.. ما حصل يعد خطأ، واعتقد أن الحكومة الجديدة في ايران لن تستمر في هذا الخطأ".

العالم كشكول

الحقائق التاريخية والجغرافية والسياسية، وفي مقدمتها الحقائق الدينية، كلها ترفض منطق الرئيس التركي جملة وتفصيلا، فهو ليس في موقف يخوله شرعنة التواجد "الاسرائيلي" العسكري والجاسوسي الهدام على الحدود الاذربيجانية مع ايران، فاذا كان نظامه جزءا من حلف الناتو ويرتبط بعلاقات عسكرية وامنية واقتصادية وتجارية إستراتيجية مع الكيان الاسرائيلي الغاصب للقدس والمقدسات الاسلامية، التي يدعي ليل نهار الدفاع عنها، فهذا شأن يخصه، أما ايران فلن تتحمل مثل هذا الوجود الارهابي الاسرائيلي قرب حدودها، مهما كانت ذرائعه.

اللافت في كلام اردوغان، هو تلميحه بورقة القومية الاذرية في ايران، وهو تلميح يعكس جهلا فاضحا بالتاريخ والجغرافيا والدين، ويكفي المراقب السياسي نظرة سريعة الى تاريخ جمهورية اذربيجان، التي اقتطعت من ايران، من قبل روسيا القيصرية، في عهد الدولة القاجارية، التي كنت تعتبر من اضعف الحكومات التي حكمت ايران، وكذلك يكفي نظرة سريعة الى مساحة الجزء المقتطع من ايران، والذي حوله السوفيت الى جمهورية، قياسا بحجم الجغرافيا الايرانية، واخيرا يكفي نظرة سريعة الى عمق العقيدة الدينية وتجذرها في نفوس الشعب الاذري في جمهورية اذربيجان، والتي مازالت عقبة كأداء امام كل محاولات تشويهها، من خلال فتح ابواب البلد امام الافكار المنحرفة كالوهابية والنزعة القومية العنصرية والانحلال الاخلاقي وتغلغل الصهيونية، هذه النظرة السريعة تؤكد بما لا يقبل الشك ان اردوغان يحرث البحر عندما يعتقد ان بامكانه، ان يستخدم ورقة القومية او ورقة الاستقواء بالناتو و"اسرائيل"، عندما يتحدث مع ايران.

الزمن كان كفيلا ليكشف حقيقة سياسة الرئيس التركي، التي جعل منها البعض "مدرسة" يجب الاحتذاء بها، فقد تبين وبشكل لا لبس فيه ان من الصعب ان ترفع لواء الاسلام، وتدعي قيادتك للاسلام السني، وانت تخاطب الشعوب بلغة قومية ضيقة وتسعى لبعث الدولة العثمانية التي كانت السبب الاكبر في كل ويلات العالم الاسلامي، وتدعي دفاعك عن فلسطين والقدس، وتقدم على مسرحيات استعراضية كمسرحية سفينة مرمرة، وانت تقيم علاقات استراتيجية عسكرية وامنية واقتصادية واجتماعية مع الكيان الاسرائيلي مغتصب فلسطين والقدس، ومع امريكا التي تعتبر الداعم الاكبر للكيان الاسرائيلي.

كان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الأميرال علي شمخاني، دقيقا في رده على تصريحات اردوغان، عندما قال في تغريدة على تويتر دون ان يذكر اسم الرئيس التركي:"قيام حاكم يزعم زعامة العالم الإسلامي بتضخيم الهيبة الخاوية للكيان الصهيوني، هل هو دليل على القوة أو الإسلام؟.. إن "الخشية من القوميات هي حصة حكومة تتعامل معهم بعنف شديد، فإيران حديقة من القوميات".

ان الخشية من القوميات والمذاهب الاخرى هي التي جعلت اردوغان يحتل اراض شاسعة من سوريا والعراق ويتدخل عسكريا في ليبيا وجمهورية اذربيجان، ويقوم بتوتير علاقات بلاده الاخوية والوثيقة مع ايران، التي وقفت الى جانبه عندما انقلب عليه العسكر عام 2016، فالرجل يبرر كل هذا الاحتلال والتدخل العسكري في شؤون البلدان الاخرى بهاجس الخوف الامني من القوميات الاخرى، بينما يهدد ايران باستخدام اوراق عنصرية محروقة، عندما تعترض على تواجد اكبر تهديد امني يتهدد المنطقة وليس ايران فقط، وهو تواجد الكيان الارهابي الاسرائيلي على حدودها، بغطاء تركي!.

اخيرا، سنمر وبالارقام على حقيقة العلاقة التي تربط تركيا بالكيان الاسرائيلي، وهي ارقام نقلناها من تقارير موثقة، ونترك الحكم للمسلم والعربي، ليحكم بنفسه على من يرفعون لواء الاسلام والدفاع عن فلسطين المحتلة والقدس الشريف.

-تعد تركيا أول دولة إسلامية تعترف بـ"إسرائيل" عام 1949.

-عقدت تركيا و"إسرائيل" اتفاقاً سريا واستراتيجيا عرف بـ” الميثاق الشبح” في خمسينيات القرن الماضي، الذي ظل طي الكتمان عقودا من الزمن، ويتضمن تعاوناً عسكرياً واستخبارياً ودبلوماسيا.

-اعتمدت تركيا طويلا على اللوبي الإسرائيلي في أمريكا لعرقلة إقرار أي تشريع يعترف بإبادة الأرمن، واستمر الأمر مع تولي حزب العدالة والتنمية.

-ساعدت "إسرائيل" الأتراك في عملية اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان عام 1999 في كينيا.

-اول مرة سحبت تركيا سفيرها عام 1982 بعد غزو لبنان، وأعيدت العلاقات الدبلوماسية الكاملة بينهما عام 1991.

-عام 1996 وقعت أنقرة وتل أبيب اتفاق الشراكة الاستراتيجية، وكانت علنية هذه المرة، وشمل الاتفاق بنودا عدة تتراوح بين تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري والتدريب.

-بعد تولي حكومة العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002، استمر الحزب بالاتفاقات السابقة مع "إسرائيل"، على الرغم من بعض الانتقادات الإعلامية خاصة مع اندلاع الانتفاضة الثانية.

-بدأ التوتر في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب عام 2009، إثر الحرب الإسرائيلية على غزة وبلغ التوتر ذروته عام 2010، مع الهجوم الإسرائيلي على سفينة “مافي مرمرة”، لكن هذا التوتر لم يمتد إلى اتفاقات بيع الأسلحة والتبادل التجاري!!.

-يبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا و"إسرائيل" ما معدله اكثر من 4 مليارات دولار سنويا، وازداد في السنوات الخمس الأخيرة رغم التوتر السياسي!!.

-تعد تركيا، من أكثر الدول الإسلامية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع "إسرائيل"، وان العلاقات العسكرية بقيت على حرارتها بخلاف الأوضاع السياسية، كما أن عضوية البلدين في حلف شمال الأطلسي تشكل بدورها معياراً أساسياً لاستمرار التعاون العسكري.

-قامت "إسرائيل" بتحديث طائرات اف 4 و اف 5 بتكلفة وصلت الى 900 مليون دلار، كما قامت بتحديث دبابات 170 دبابة تركية بتكلفة 500 مليون دولار.

-شراء صواريخ "اسرئيلية" مضادة للصواريخ البالستية بقيمة 150 مليون دولار.

-في ديسمبر 2013 تقدمت تركاس، الفرع التركي لشل، باقتراح مد خط أنابيب غاز طبيعي من حقل لفياثان-مرسين ، يمتد وصولاً لجنوب تركيا، بتكلفة 2.5 بليون دولار ويمكنه نقل 16 بليون م³ من الغاز، وصفت الشركة هذا المشروع بأنه مشروع جذاب على الرغم من المخاطر السياسية القائمة بسبب توتر العلاقات الإسرائيلية التركية!!.

-بدأت زورلو القابضة في العمل على مشروع خط أنابيب بحرية بقيمة 2.5 بليون دولار، لمدة 20 عام، لنقل الغاز الطبيعي المكتشف في لفياثان في "اسرائيل" الى تركيا. نجح مجال الطاقة فى أن يخلق قاعدة مشتركة للتعاون الاستراتيجي بين تركيا و"إسرائيل"، فالأخيرة تساند من البداية مشروع مد خط أنابيب من مدينة باكو إلى ميناء جيهان لنقل النفط والغاز من بحر قزوين إلى البحر المتوسط بهدف الحد من اعتماد الغرب على خطوط النفط المارة عبر إيران وروسيا، كما تساند "إسرائيل" التطلعات التركية الرامية إلى تحويل تركيا إلى مركز عالمي للطاقة، وهو الأمر الذي أسهم بشكل كبير فى توثيق التعاون الاستراتيجي بين البلدين فى ظل حكم حزب العدالة والتنمية، وجعلهما يتجاوزان العراقيل التي وقفت أمام تطور العلاقات بينهما، وهو ما يؤكد على أن التعاون الاقتصادي ركيزة أساسية فى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وليس فقط التعاون الأمني والعسكري؟ .

-مشروع القرن الإستراتيجي الذي تشكل تركيا محوره الأساسي بتكلفة تتجاوز حاجز الـ 12 مليار دولار. ويهدف هذا المشروع إلى ربط البحور الأربعة، قزوين والأسود والمتوسط والأحمر، ويساعد على ربط منطقة آسيا الوسطى بالشرق الأوسط ضمن رؤية تركية لدور محوري في مشروع طاقة أكبر يمتد من الصين شرقاً إلى أوروبا غرباً ومن تركيا شمالاً إلى الهند جنوباً. ويتضمن هذا المشروع من ضمن ما يتضمن أنابيب لنقل النفط والغاز والماء والكهرباء والألياف الضوئية من تركيا إلى "إسرائيل"؟

-مشاريع التعاون الأمني بين "إسرائيل" وتركيا قد ساهمت في تغيير موازين القوى في المنطقة، ولا ننسى التحول التركي نحو دعم المعارضة المسلحة السورية، واتاح لها تعاونا مع "إسرائيل"، ليحقق أهداف تركيا في مد نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.

-وصل التبادل التجاري بين تركيا و"اسرائيل" في العام 2017 إلى 4.3 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى في التبادل بين دول الشرق الأوسط، وهو نتاج الاتفاقية الإستراتيجية التي تم التوقيع عليها في العام 2016 الخاصة بتصدير المنتجات الكيميائية والنفطية التركية إلى أنقرة، علماً أن الاتفاقية أتت بعد قطيعة دبلوماسية بين البلدين!!. تتمحور الصادرات التركية لـ"اسرائيل" حول صناعات بتروكيميائية باعتبار أن تركيا مركز ترانزيت لتوريد الطاقة باتجاه أوروبا.

-تعتبر تركيا الدولة الأولى تصديراً للأسمنت والحديد إلى "إسرائيل"، فقد صدرت مليون طن من الإسمنت لـ"إسرائيل" خلال عام 2017 وأن تل أبيب استوردت 9،8 مليون طن من الإسمنت من تركيا، من أصل 16،9 مليون طن مجمل ما استوردته "اسرائيل" خلال الأعوام الـ 15 الأخيرة أي 59 في المئة من مجمل ما تستورده.

-تعتبر تركيا المزود الأول للحديد لـ"إسرائيل" حيث غطت منتجات الحديد التركية 45 في المئة من مجمل احتياجات "إسرائيل" في عام 2017 وبمبلغ وصل إلى أكثر من نصف مليار دولار.