هل تقف أمريكا و"إسرائيل" خلف انقِلاب البرهان الثاني؟

هل تقف أمريكا و
الثلاثاء ٢٦ أكتوبر ٢٠٢١ - ١١:١٦ بتوقيت غرينتش

الجنرال عبد الفتاح البرهان قاد يوم الاثنين انقلابه الثاني في السودان، واعتقل رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته، وجميع الوزراء وأعضاء مجلس السيادة من المدنيين. وأعلن حالة الطوارئ، وأعطى الضوء الأخضر لقواته لإطلاق الرصاص على كل من يتظاهر أو يحتج على هذه الخطوة التي ستدخل البلاد حتما في حالة من عدم الاستقرار، وربما حمامات دماء.

العالم - مقالات وتحليلات

وكتب عبدالباري عطوان اليوم في صحيفة رأي اليوم: هذا الانقلاب جاء متوقعا، لأن الثنائي الحاكم في السودان البرهان وحميدتي، لا يريدان تسليم السلطة إلى المدنيين تطبيقا لبنود الوثيقة الدستورية، المقرر في شهر تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل، وأقدم على اعتقال السيد حمدوك رئيس الوزراء وجميع طاقمه، لأنهم رفضوا تأييد هذا الانقلاب، والتنازل عن حقهم في تقاسم السلطة وتطبيق الوثيقة المذكورة آنفا.

***

كان لافتا أن هذا الانقلاب يتزامن مع تواجد جيفري فيلتمان المبعوث الأمريكي إلى القرن الإفريقي، وفيلتمان هذا لمن لا يعرفه، هو أكبر الداعمين لإسرائيل، وأحد مهندسي الحرب الدموية في سورية، وصفقة القرن، وزعزعة أمن لبنان واستقراره، وقيادة المؤامرة ضد “حزب الله” ومحور المقاومة.

قوى إعلان الحرية والتغيير التي قادت الثورة المدنية السودانية عام 2019 من المفترض أن تستلم السلطة الشهر المقبل، بعد انتهاء فترة قيادة الجنرال البرهان للمجلس السيادي المختلط، ولكن البرهان الذي قاد هذا الانقلاب، بدعم من فيلتمان و[إسرائيل] نقض العهد، واستولى على السلطة، ونصب نفسه حاكما فعليا للسودان.

من لم يلتزم بالوثيقة الدستورية، ويلتقي بنيامين نتنياهو، ويطبع العلاقات مع النظام الإسرائيلي العنصري في فلسطين المحتلة، ويحول الجيش السوداني إلى جيش من المرتزقة بالزج به في حرب اليمن، ويتحمل وحليفه حميدتي مسؤولية المجازر في دارفور، لا يمكن أن يصلح لقيادة السودان، البلد العربي الإسلامي، وشعبه الذي وقف دائما في خندق المقاومة والكرامة.

معظم الأنظمة العربية التي رضخت للإملاءات الأمريكية، وسقطت في مصيدة التضليل الإسرائيلية ووعودها الكاذبة بالرخاء والمعونات المالية، وهرولت نحو التطبيع و”سلام أبراهام” المسموم تعاني من الفوضى وعدم الاستقرار، والقلق المتعاظم من مفاجآت المستقبل المرعبة.

لعنة التطبيع ستظل تطارد الجنرال البرهان وزمرته العسكرية، والشعب السوداني الذي انتفض ضد مؤسسة الفساد العسكرية عام 2019، ونزل إلى الشوارع لعدة أشهر، ولم يرحل عنها إلا بعد الإطاحة بها، هذا الشعب لن يستسلم، ولن يرضخ، ولن ترهبه التهديدات الأمريكية بوقف المساعدات المالية، وسيحافظ على إرث بلاده المقاوم، مهما كانت التضحيات.

السودان مقدمٌ على مخاض عسير، ومرحلة غير مسبوقة من الفوضى وعدم الاستقرار، ويواجه شعبه مخطط إسرائيلي أمريكي لتفكيك بلاده إلى دول عديدة على أسس عرقية، فعددٌ كبيرٌ من محافظاته تشهد حالة من الغليان والغضب، بعد تدهور أحوالها المعيشية، في محاولة لتطبيق المؤامرة السورية وقبلها العراقية، في السودان، كخطوة لنقلها إلى الجزائر.

لا نستبعد حدوث انقلاب حقيقي على انقلاب البرهان، وربما بقيادة "سوار ذهب" آخر، ينحاز إلى الشعب وهويته العربية والإسلامية ويكنس كل هؤلاء المطبعين، وإرثهم التطبيعي الخياني، ويعيد للسودان مكانته كدولة وازنة في القارة الإفريقية والعالمين العربي والإسلامي.

***

فرحة الإسرائيليين وحلفائهم المطبعين العرب لن تطول، ليس لأنها جاءت في الوقت الخطأ، وفي بداية الصحوة بقيادة محور المقاومة، وإنما لأنها تتعارض مع كل القيم الوطنية والعقائدية لشعوب المنطقة، ولم تسر دولة واحدة على هذا الدرب إلا ودفعت ثمنا غاليا، وازدادت فقرا وفوضى وأزمات، والسودان ليس استثناء.. والأيام بيننا.