السعودية ولبنان..(إذا أردت ان أفهمك، حدد مصطلحاتك)

السعودية ولبنان..(إذا أردت ان أفهمك، حدد مصطلحاتك)
الأحد ١٤ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٤:١٢ بتوقيت غرينتش

العبارة أعلاه والمهمة جدا هي للفيلسوف الفرنسي "فولتير". هذه المقولة تشكل قاعدة أساسية لأي حوار على مستوى فردي أو على مستوى دول. وحين تضيع تعريفات المصطلحات بين سطور المصالح السياسية والفوضى في التفكير والنهج السياسي يصبح من الضروري التعاطي معها بشيء من التبسيط والتخاطب المباشر. 

العالم - قضية اليوم

ضياع التعريف الواضح والمحدد للمصطلحات قد يكون على مستوى دول كما قلنا، ويمكن الحديث هنا عن السعودية وسياستها في السنوات الأخيرة (بالرغم من أن هناك بعض القواعد الواضحة والثابتة في السياسة السعودية والمقصود هنا ارتباطها أمنيا وسياسيا بالولايات المتحدة).

خرج مؤخرا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود بتصريحات على أكثر من جبهة، ومن المقبول أن نتناولها (وتحديدا حول لبنان) بشيء من التفصيل لتبيان الفوضى في المصطلحات السياسية وفي التعاطي مع العالم الخارجي.

الأزمة مع لبنان
الوزير السعودي قال: (لا أزمة مع لبنان إنّما هناك أزمة في لبنان) وإن (الفساد السياسي والاقتصادي مستشرٍ ومستمرٌ في لبنان، وحزب الله يبذل قصارى جهده لعرقلة تحقيق انفجار مرفأ بيروت).

العبارة الأولى للوزير السعودي صحيحة في جزئها الأخير، هناك أزمة في لبنان طبعا. لكن قوله ألا أزمة سعودية مع لبنان ففي ذلك تبسيط لما يحصل من استهداف سعودي على كل الصعد للبنان، والسبب بات معروفا وهو العداء لحزب الله ومحور المقاومة. ولتصحيح العبارة نقول "هناك أزمة سعودية مع لبنان سببها مساهمة الرياض طوال سنوات في إيجاد أزمة على أكثر من صعيد في لبنان".

وهذا يقودنا إلى العبارة الثانية في كلام فيصل بن فرحان آل سعود (الفساد السياسي والإقتصادي مستشرٍ في لبنان).. هذا الأمر صحيح أيضا لكن هل يريد الوزير السعودي من اللبنانيين أن ينسوا من استلم الحكم في لبنان منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي؟ ومن أتى بالمال السعودي وأطاح بكل القيادات والزعامات السياسية التقليدية والتاريخية في بيروت وطرابلس وصيدا؟ وهل يريد من اللبنانيين أن ينسوا الأحزاب والقوى التي دعمتها الرياض لمواجهة حزب الله (وتُزايِد الرياض على اللبنانيين بالأموال التي دفعتها لهؤلاء؟). الفساد السياسي والإقتصادي في لبنان للسعودية دور مهم فيه عبر جماعاتها هناك.

أما العبارة الثالثة (حزب الله يبذل قصارى جهده لعرقلة تحقيق انفجار مرفأ بيروت)..هنا من الضروري تذكير الوزير السعودي بأن التحقيقات في لبنان تختلف عن التحقيقات في بلاده. ففي لبنان كل شيء يخرج إلى الإعلام لدرجة أن لقاضي التحقيق في انفجار المرفأ ما يسمى "بالمكتب الإعلامي"، وأيضا تصحيحا لتعبير فيصل بن فرحان يجب القول إن معارضة حزب الله وحلفائه لتحقيقات القاضي طارق بيطار أخذت مسارا قانونيا منذ البداية وهو ما يبدو غريبا على الوزير السعودي المعتاد ربما على طريقة المحاكمات الصورية والسرية حيث لا يعرف المتهمون ولا إذا كانوا معتقلين أصلا (كما في حالة مقتل الصحفي جمال خاشقجي).

كما إن حرص الوزير السعودي على العدالة في لبنان يبدو مشبوها، خاصة وأنه يصوب على طرف معين مثلما فعلت أدوات الرياض في بيروت منذ اللحظات الأولى للإنفجار. يضاف لذلك عدم إقناعه اللبنانيين بهذا الحرص لأنه في لبنان هناك من يهاجمون حزب الله ليلا نهارا ويكيلون الإتهامات في كل الإتجاهات ولم يتعرض أحد لهؤلاء، بينما في بلاد الوزير فيصل بن فرحان يطرح السؤال: هل يجرؤ أحد على توجيه انتقاد منطقي ومحق للسلطات أو للعائلة المالكة؟

الختام مع عبارة أخرى للوزير السعودي الذي قال (على الطبقة السياسية اللبنانية اتخاذ ما يلزم لتحرير لبنان من هيمنة حزب الله الذي اعترف بتلقيه دعما من إيران). حزب الله لم يخفِ تلقيه الدعم من إيران لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعتبره الوزير فيصل بن فرحان محرما، بينما بلاده تدعم جماعات كثيرة في لبنان لأهداف تخريبية وهذا محلل. وهنا يرجى من وزير الخارجية السعودي تحديد مصطلحه..هل هو منزعج من دعم إيران لأنه ضد الإحتلال الإسرائيلي الذي تقترب السعودية من إعلان التطبيع معه؟ أما إنه منزعج لأن الدعم يأتي من إيران كرها بإيران، وهنا فليحدد لنا لماذا أعلن في نفس المناسبة أن المحادثات بين السعودية وإيران ستتواصل؟

العالم - بقلم حسين الموسوي