لقاء خاص .. ايران ومستقبل العلاقات مع أفغانستان

الأربعاء ١٧ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٧:٤٩ بتوقيت غرينتش

قال الممثل الخاص للجمهورية الإسلامية الإيرانية في أفغانستان حسن كاظمي قمي أن بصمة امريكا ظاهرة وبشكل جاد في كل أعمال القتل والمآسي التي وقعت في أفغانستان ويجب محاسبتهم .

العالم - لقاء خاص

وقال حسن كاظمي قمي ، ممثل ايران الخاص لأفغانستان ، في مقابلة مع قناة " العالم" الإخبارية: مع هروب القوات الأمريكية وسقوط حكومة السيد أشرف غني ، نشأت ظروف جديدة في أفغانستان وفاجأت الجميع . كابول والحكومة سقطت بيد طالبان الذين كانوا يقاتلون الأمريكيين وكان هذا مفاجئا للغاية وبطبيعة الحال كل مجتمع يحتاج إلى إدارة ، يجب أن تكون هناك حكومة قادرة توفير المعيشة للناس وتقوم بتسوية مشاكلهم فضلا عن إرساء الأمن ، وقد فرضت طالبان نفسها على انها امر واقع في أفغانستان واستقرت في كابول.

وذكر أن ايران كانت دائما تدعم وتساعد الشعب الأفغاني خلال فترة احتلال هذا البلد ، مشيرا إلى أنه في الوضع الحالي حيث حجم مشاكل الشعب الأفغاني مرتفع للغاية وتعاني من مشاكل اقتصادية وأمنية من فترة الاحتلال وقضية الإرهاب ، فان الجمهورية الاسلامية الايرانية ترى من واجبها مواصلة تعاونها مع أفغانستان في هذه الظروف . المهم في تشكيل الحكومة هو إرادة شعب ذلك البلد ، وتحترم جمهورية إيران الإسلامية إرادة الشعب الأفغاني ، تماما كما تم تشكيل نظام سياسي قائم على الديمقراطية الدينية في بلادنا ، لذلك فان دور الناس في الحكم مهم.

وتابع قائلا : يسعدني اليوم أن أسمع مسؤولي طالبان وهم يشيرون إلى أننا نتطلع إلى حكومة شاملة وتشاركية ؛ إن تشكيل مثل هذه الحكومة يمكن أن يفتح المجال للعالم للتفاعل مع هذه الحكومة. آمل أن يتم تشكيل حكومة تشاركية وشاملة في أفغانستان في أقرب وقت ممكن.

وجود "داعش" في أفغانستان حرب بالوكالة وبديل للاحتلال

وأضاف كاظمي قمي: المهم وقد أكدته ، في هذه الظروف حيث يواجه أبناء أفغانستان مشاكل عديدة ، من بينها الأزمة الأمنية (هذه التفجيرات التي حدثت) ، وإن كان الوضع خلال هذه الأشهر أفضل مما كان عليه مقارنة بالماضي . لكن صعود الجماعات التكفيرية مثل "داعش" ، التي هي في الحقيقة حروب بالوكالة حلت محل الاحتلال ، وهذه القضية ابتلي بها اليوم الشعب الأفغاني ، والمشاكل الاقتصادية تزيد من موجة التهجير. على إيران أن تعزز من تعاونها في مثل هذه الظروف ، وفي الشأن الحكومي إن شاء الله سيتم تشكيل حكومة شاملة وتشاركية في أسرع وقت ممكن بناء على إرادة الشعب.

واعتبر دخول الأمريكيين إلى أفغانستان بانه عمل غير قانوني ، مضيفا أن امريكا احتلت هذا البلد بحجة الإرهاب. وعلى مدى العقدين الماضيين ، شهدنا الدمار والقتل والتدمير في أفغانستان على يد القوات الأمريكية. خلال هذين العقدين لم يهتم الأمريكيون بمصالح الشعب الأفغاني وواجهوا مقاومة هذا الشعب ، وشهدوا مقتل جنودهم كل يوم ، ونتيجة لذلك فشلت الخطة الأمريكية. رغم أنني أؤكد أن شر الأمريكان ما زال قائما ، لكنهم رأوا أنهم لا يستطيعون البقاء ، فلذلك قاموا بخروج غير مسؤول.

ظهور "داعش" في أفغانستان جاء لمواصلة السياسات الأمريكية

وصرح ممثل ايران الخاص لأفغانستان: هذا الرحيل المبكر جاء تماشيا مع نفس السياسة المتمثلة في خلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى وانعدام الأمن. لقد كانت موجة بدأوها. وتزامن الانسحاب الأمريكي مع صعود تنظيم "داعش" وتحشيده ، مما خلق أجواء من انعدام الأمن والإرهاب. "داعش" ، الذي تم تجربته في العراق وسوريا وارتكب تلك الجرائم الكبيرة وهزمته جبهة المقاومة ، ظهر الآن في أفغانستان ليواصل نفس السياسات الأمريكية. في كل أعمال القتل والمآسي التي حدثت في أفغانستان ، نرى البصمة الأمريكية ظاهرة ويجب محاسبتهم . لقد غادر الأمريكان أفغانستان ، لكن الدولة لا تزال مهمة بالنسبة لهم وهم يتطلعون إلى تحقيق أهدافهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقال كاظمي قمي: نؤكد في هذه الظروف الصعبة كما في السابق على تطوير تعاوننا في جميع المجالات بما في ذلك الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها مع أفغانستان ومساعدة هذا البلد لأن أفغانستان تواجه أوجه قصور وإذا لم يتم هذا التعاون ستزداد مشاكل ابناء هذا البلد وسنرى اعدادا كبيرة من موجات جديدة من المهاجرين الى دول الجوار ومنها ايران .

واعتبر ان من أهم القضايا التي تعاني منها افغانستان في الوقت الراهن هي مسالة تجنيد عناصر "داعش" وان المشاكل الاقتصادية للشعب تلعب دورها في جذب القوات من هذا البلد إلى هذا التنظيم الارهابي وقال : إن التعاون الاقتصادي هو منفعة متبادلة. وأي شيء يمكننا القيام به لمساعدة أفغانستان يؤثر على أمن واستقرار هذا البلد وحدودنا .

وأشار إلى أن استقرار المنطقة وأمنها مرهون بأمن دول مثل أفغانستان ، مؤكدا أن وجود "داعش" اليوم يشكل تهديدا للمنطقة بأسرها"

ولفت الى ان "داعش" هو صناعة امريكية وان من وااجب الجميع مساعدة افغانستان لمكافحة هذا التنظيم الارهابي وتابع : وقال: نظرا إلى زيادة تحركات "داعش" في الأشهر الأخيرة ، فإن هذا يدل على أن هذا التنظيم يحصل على دعم من الاستكبار .

وردا على سؤال مضمونه أن إيران تشهد تواجد عدد كبير من اللاجئين الأفغان وتفاقمت هذه القضية بسبب سيطرة طالبان على هذا البلد ، ما هو حل أزمة اللاجئين؟ قال كاظمي قمي : لسوء الحظ ، احتلال افغانستان على مدى 43 عاما ادى الى تدفق المهاجرين ، والجمهورية الاسلامية الايرانية احتضنت حوالى 4 ملايين لاجئ أفغاني. حتى خلال الحرب المفروضة على ايران من قبل الطاغية صدام على بلادنا بدعم من امريكا وآخرين ، في تلك الظروف ايضا ، بالإضافة إلى ما يقرب من 4 ملايين لاجئ أفغاني ، استقبلت الجمهورية الإسلامية ما يقرب من مليوني لاجئ ومشرد عراقي . ذلك كان واجبا إنسانيا وأخلاقيا في حالة حرب.

وأضاف: المهاجرون في إيران لا يعيشون في مخيمات وهم مثل المواطنين الإيرانيين ، وأطفالهم متعلمون وقائد الثورة الاسلامية كان قد اكد أن الأطفال الأفغان يجب أن يذهبوا إلى المدارس تحت اي ظرف . اليوم ، عدد كبير من المهاجرين الأفغان في إيران حاصلون على تعليم عالٍ. لكن الوضع الحالي في أفغانستان أرسل موجة جديدة من اللاجئين إلى حدودنا. لهذا السبب نؤكد أنه يجب علينا المساعدة في إرساء الاستقرار والأمن في أفغانستان ، مما سيمنع أيضا وصول موجة جديدة من اللاجئين إلى البلاد. في نفس الوقت ، بطبيعة الحال ، فإن سياسة بلادنا هي أنه يجب علينا أيضا الحفاظ على استقرار حدودنا ، لأن هذا واجب سيادي.

واعتبر مسالة اللاجئين الافغان بانها مسالة جماعية على المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي ان يقوما بواجبهما تجاهها وقال : من ناحية أخرى ، خلقت هذه الدول أجواء خلال العقدين الماضيين أوصلت أفغانستان إلى ما هي عليه الان . ونتيجة لذلك ، فإن أحد جهود جمهورية إيران الإسلامية هو إقناع المجتمع الدولي بتقديم مساعدات إنسانية لأفغانستان. وما نؤكد عليه دائما هو انه يجب إعادة أموال الشعب الأفغاني المحجوبة إليهم من أجل خلق ازدهار تجاري واقتصادي ويؤدي إلى دفع رواتب الموظفين الأفغان الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ عدة أشهر.

يجب أن يكون المسار التجاري والاقتصادي لأفغانستان مفتوحا

وأضاف: تاكيدنا على أن يكون المسار التجاري والاقتصادي لأفغانستان مفتوحا وأن تكون حدود دول الجوار مفتوحة أمام استيراد السلع والمساعدات الإنسانية لأفغانستان ، ياتي من أجل إعادة الازدهار الاقتصادي لهذا البلد ومنع موجة النزوح . إذا أراد المجتمع الدولي التصرف بشكل غير مسؤول في هذا الخصوص ، فمن الطبيعي أنه كلما زادت صعوبة الوضع ، سيضطر شعب أفغانستان إلى مغادرة بلدهم ، نأمل بتشكيل حكومة قوية وشاملة، وبالتعاون مع بلدان الجوار مساعدة افغانستان في المجالات التجارية والاقتصادية والأمنية ، إن هذه القضايا ستقلل من تدفق المهاجرين من ذلك البلد إلى البلدان في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك الهجرة إلى إيران.

مسؤولو طالبان اعلنوا التزامهم باتفاقية المياه مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية

الممثل الخاص للجمهورية الإسلامية الإيرانية لأفغانستان ، وحول مسألة ما سيكون عليه الوضع بين إيران وحكومة طالبان في مجال المياه والاتفاقيات القائمة؟ قال : في موضوع المياه ، تم توقيع اتفاق بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأفغانستان عام 1351 ، وما يسمع الآن من مسؤولي طالبان أنهم يعتبرون أنفسهم ملتزمين بالاتفاق بطبيعة الحال يجب ان نتبع الطرق الفنية في هذه الاتفاقية. لا أعتقد أن هذا يمثل تحديًا بين البلدين. لقد احترم البلدان هذه الاتفاقية ويجب أن تستمر كما تم تنفيذها في السنوات السابقة.

وحول ترحيب أفغانستان بمساعدة إيران في التغلب على أزمة البلاد ، قال كاظمي قمي: يجب توفير الظروف حتى يمكن توفير الخدمات الصحية بسهولة للشعب الأفغاني في مجال الخدمات الصحية والسلع وخاصة الغذاء والدواء داخل البلاد ، هذا ياتي في اطار التعاون والتفاعل بين أفغانستان والدول الاخرى . الجمهورية الاسلامية الايرانية وبمنأى عن الوضع الأمني ​​الحالي ، تنتهج سياسة توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري مع افغانستان وحتى في مجال الطاقة .

وأشار كاظمي قمي إلى أن سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتمثل في مواصلة هذا التعاون قدر المستطاع وسنواصل هذا المسار ، لكن الأمريكيين يحجزون ممتلكات الناس ويتذرعون اليوم بأن لديهم مشاكل مع طالبان ، على سبيل المثال ، من غير المقبول الاحتفاظ بممتلكاتهم بينما يعيش شعب أفغانستان في وضع صعب.

وأضاف: الأمريكيون الذين يزعمون انهم يعملون من أجل حماية حقوق الإنسان ، وهو بالطبع ادعاء كاذب ، إذا كانوا يهتمون حقا بالشعب الأفغاني ، فعليهم أن يعيدوا حق الشعب الافغاني اليه ، ولا يجب ان يقدموا ذرائع واهية . طبعا هذا السلوك الامريكي لا يختص بأفغانستان فقط ، بل هناك وضع مماثل مع ايران ايضا . التكتيك الاقتصادي الذي اعتمده الأمريكيون والذي لا يبدو أنه ناجح بالنسبة لهم. إن تجربة هذه الأربعين عاما من الضغط والعقوبات الأمريكية ضد الشعب الإيراني جعلته أكثر مرونة وصمودا وان البلاد شهدت نموا في العلوم والتكنولوجيا والتكنولوجيا وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات. إنه نفس الشيء بالنسبة لشعب أفغانستان ، لكن من واجب الجميع الضغط على امريكا للافراج عن الممتلكات المحجوزة وتوزيعها من قبل الحكومة لخدمة الشعب الافغاني .

وفي ختام المقابلة قال الممثل الخاص الإيراني لأفغانستان حول آخر مساعدة تم أرسالها إلى أفغانستان: خلال اليومين الماضيين أرسلنا الشحنة الثانية عشرة من المساعدات الإنسانية إلى شعب أفغانستان. إن الاوضاع التي يعيشها الشعب الافغاني تحزننا حقا ، لأنه ليس من حق الشعب الأفغاني أن يواجه مشكلة كل يوم. فالشعب الأفغاني يرزح تحت الاحتلال منذ 20 عاما والآن يتعرض لضغوط كبيرة. أعتقد ان الشعب الأفغاني يدفع ثمن تقواه ورهابه من الأجانب لأنهم أناس لديهم احترام للذات ولا يريدون الامريكان . وهذا هو السبب في أنهم جاؤوا لانتزاع ممتلكات الناس وثرواتهم وتدمير مواردهم الطبيعية ، كما دمروا البنية التحتية لهذا البلد زيادة لمعاناتهم .

وأضاف: لهذا السبب ، يجب أن نحاول إصلاح الأضرار التي الحقتها امريكا وحلفائها بمساعدة الشعب الأفغاني نفسه. لأنه إذا بنيت أفغانستان بالفعل وبدأت عمليات الاعمار فيها وحققت الامن والاستقرار ، فسيكون ذلك في مصلحة الجميع ، بما في ذلك دول المنطقة ، بما في ذلك أبناء أفغانستان أنفسهم. لقد فشل الأمريكيون في مقاومة الشعب الأفغاني وهم منزعجون جدا من الشعب ، وأعتقد أن واشنطن لا تزال تحاول الانتقام من الشعب الأفغاني بطرق أخرى ، رغم أن الشعب الأفغاني سيذهب في طريقه.