السعودية بين الوهابية والتطبيع.. متى تولج في التسوية؟

السعودية بين الوهابية والتطبيع.. متى تولج في التسوية؟
الخميس ١٨ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٨:١٢ بتوقيت غرينتش

يقال ان مجموعة من 15 زعيما يهوديا جمهوريا من الولايات المتحدة أجروا زيارة إلى السعودية في حزيران/يونيو الماضي في محاولة لدفع اتفاق تطبيع اتفاقيات "أبراهام" الماسونية بين الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي والدول الخليجية التي ولجت فعلا في نفق التطبيع.

العالم - يقال ان

والمجموعة الاميركية المشار اليها توقفت قبل وصولها العاصمة السعوية "الرياض" في "تل ابيب" لعقد جلسات إحاطة مع مسؤولين اسرائيليين رفيعي المستوى في حكومة "بينيت لابيد"، الحكومة الاسرائيلية السادسة والثلاثون للكيان المحتل الذي تم إنشاؤه عام 1948، من قبل الحركة الصهيونية العالمية، وكان بمثابة اللبنة الاولى لانشاء المرحلة الثانية له بتوسيع مساحة الكيان لاسرائيلي ضمن ما يعرف باتفاقيات "أبراهام" الماسوني بين الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي والمحميات الخليجية.

لم تنته جولة المجموعة الاميركية في "تل ابيب" في الاراضي الفسطينية المحتلة بل توجهت الى الامارات الدولة الخليجية الاولى في اعلان التطبيع مع الصهاينة، لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين فيها.

لماذا إتفاقية "أبراهام"؟

انها إتفاقية مبادئ سياسية أوربية أمريكية صهيونية ماسونية وعالمية في أطر تحريف الثوابت العقدية في كل الدين الإسلامي وتغييرها لتتوافق مع ثوابت دعم "إضعاف سطوة وتأثير الدين الإسلامي في حياة المسلمين وطمسه ومحاربته"، وتعمل على "تقوية الديانة اليهودية والاعتناء بما يسمى بمفهوم "شعب الله المختار اليهودي".

بالاضافة الى "تبنيها النظام العالمي الجديد الحاكم لكل شعوب العالم"، فمؤسسو الماسونية "يلحنون القول ويلحدون فيه ويحرفون القرآن حسب الأهواء ويفسرونه وفق مايريدون وكيف يريدون ويأتون بتفاسير جديدة تغير المعاني والأهداف" مبنية على "التسامح" مع المغتصب القاتل والمجرم.

من مبادئهم اتباع الجميع النبي إبراهيم باعتباره جد وأب و أصل ديانة أبراهام وهو نبي كل تابعي الديانات الثلاث ـ المسلمين واليهود والمسيحيين وكلهم يؤمنون بالخالق نفسه
ويقصدون بذلك "محاولة لإضعاف تأثيرات وتعليمات النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ومحو سنته وإضعافها والخروج عن طاعته.

من مبادئ الديانة الجديدة التي تروج لها الماسونية العالمية انه يتوجب على حكومات كل الدول الموقعة إقرار أن مبادئ الماسونية تدعم ما أسمته بـ"التسامح العالمي الإنساني بين الأديان"، وان كل من يخالف توجهات هذه المعاهدة من مواطني أيا من هذه الدول الموقعة ويرفضها ويظهر تمسكا بثوابت عقديية دينية خاصة به يعتبر متزمتا ومتعنتا وخطرا على الإنسانية وداعما للإرهاب ومحاربا لرغبة الإنسانية في التسامح و التسوية التسامحية الشاملة بين شعوب العالم.

المبادرة الصهيواميركية تصل السعودية

المبادرة الخاصة للمجموعة الاميركية لم تتوقف عند الامارات المعلنة للتطبيع بل واصلت زحفها الى السعودية حيث اجتمعت مع كبار المسؤولين الحكوميين السعوديين، فضلا عن أفراد العائلة المالكة السعودية، في محاولة لتحقيق التسوية على مستوى اتفاقيات "ابراهام" الجديدة.

ذلك ما كشفه المحامي "فيل روزين" المقيم في نيويورك وعضو مجلس إدارة الائتلاف اليهودي الجمهوري (RJC)، ونائب رئيس مؤسسة بيرثرايت "إسرائيل"، في تصريحات لموقع "JNS"، مؤكدا انه "في ضوء حقيقة أن رعاية اتفاقات 'أبراهام' لم تعد في منصبها [في إشارة إلى إدارة ترامب]، كان هناك فراغ. حاولنا ملء هذا الفراغ من خلال تشجيع دول الإمارة على مواصلة التقدم في الاتفاقات مع تشجيع السعوديين على المشاركة”، وانه بسبب بعض الحساسيات بين إدارة بايدن والسعوديين في ذلك الوقت (في شهر حزيران/يونيو الماضي)، لم نتمكن من الكشف عن الرحلة إلا الآن، بعد عدة أشهر..

السعودية بين 1993 و2021

المحامي الصهيواميركي روزين "الذي سافر إلى السعودية في الماضي وتحديدا في عام 1993، بناء على طلب 'شمعون بيريز' وزير خارجية الكيان الاسرائيلي آنذاك"، كشف ايضا انه لدى وصوله المملكة "لاحظ مدى "التقدم" الذي تم إحرازه خلال السنوات القليلة الماضية (في زمن محمد بن سلمان) فيما يتعلق بغربة البلاد"، في اشارة إلى إحراز هذه المملكة خطوات هائلة في ما يتعلق بـ"الحقوق الدينية" و"حقوق المرأة"، حسب تعبيره ووصفه.

بيريز كان قد طلب من روزين آنذاك في (1993)، أن أرى ما إذا كانت الدول العربية، والسعودية، على وجه الخصوص، مهتمة بما اسماه بـ"التسوية" مع الكيان اللقيط المحتل لفلسطين، حيث أكد روزين لبيريز في ختام زيارته الاولة للسعودية التي "عاد منها بخوف شديد"، ان التسوية لن يحدث قبل قرن او قرنين على الاقل، غير انه قال في ختام زيارته لاخيرة للسعودية "لدي شعور قوي بأننا على وشك حدوث شيء كبير. إنه أمر قابل للتطبيق بالتأكيد".

يرى روزين ان التقارب بين السعودية والكيان الاسرائيلي ستكون له مردودات حيوية كبيرة إن تم ووقع بين الجانبين، حيث ينعكس ذلك على تسوية حياتية بين الكيان والعالم العربي.

متى ستحدث التسوية؟

المحامي "إريك ليفين" وهو محام صهيواميركي آخر في نيويورك وعضو مجلس إدارة (RJC) مجلس إدارة الائتلاف اليهودي الجمهوري الذي كان في نفس الرحلة الى الكيان الاسرائيلي والامارات والسعودية في حزيران/يونيو الماضي، قال إن "كل ما كنا نسمعه في المملكة العربية السعودية لم يكن (إذا حدثت التسوية مع الاسرائيليين)، ولكن (متى ستحدث التسوية مع الاسرائيليين) وخير دليل على ذلك "انظروا إلى سفرنا إلى الإمارات، حلقنا فوق المجال الجوي السعودي. كيهودي، لو كنت أخبرتني قبل خمس سنوات أنه يمكننا التحليق فوق المجال الجوي السعودي، لقلت إنك كنت خارج عقلك”.

ليفين تابع قائلا: "إذا تم بناء خط قطار بين الإمارات وحيفا، سيتعين عليه المرور عبر الأراضي السعودية. وإذا كانت هناك بنية تحتية تكنولوجية بين الدول الخليجية العربية و"إسرائيل"، يجب أن تمر عبر الأراضي السعودية. فالدول لها مصالح، وليس لديها بالضرورة أصدقاء.

السعوديون توصلوا "حسب قول ليفين"، إلى استنتاج مفاده أن "من مصلحتهم صنع التسوية مع الإسرائيليين"، وإن التطبيع أمر منطقي لهم من منظور ديموغرافي لأن 70% من سكان المملكة أعمارهم تقل عن 35 عاما، ويدركون مدى أهمية نظام التعليم الاسرائيلي الحديث لجيلهم القادم، وانهم يدركون الآن أن "طريقة التفكير الوهابية في هذه المدارس يجب أن تتوقف"، وان الواجهة الوحيدة التي يمكنهم اللجوء لمساعدتهم على القيام بذلك هي "اسرائيل".

وماذا عن التطبيع الأمني؟

في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، كشف مركز دراسات أمريكي (Atlantic Council) الشهير، إنه منذ بداية عام 2021 بدأت تل أبيب بالسماح بدخول منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية ضمن القواعد الأمريكية المتواجدة في السعودية، مؤكدا أن هذه الخطوة جاءت كبديل لحماية المواقع الحساسة للمملكة، وان منظومة "باتريوت" الأمريكية كانت تحميها سابقا قبل انسحابها من السعودية، وفي أغسطس الماضي قدم محمد بن سلمان، عرضا جديدا للإحتلال مقابل التطبيع الفوري وتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، فيما أفاد مصدر سعودي رفيع المستوى لموقع ”سعودي ليكس” بأن ولي العهد أرسل رسالة عاجلة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، قدم من خلالها استعداد المملكة للتطبيع العاجل مع "إسرائيل".

السيد ابو ايمان