نظرية تقليص الصراع التي اطلقها بينت ظروفها وافاقها 

نظرية تقليص الصراع التي اطلقها بينت ظروفها وافاقها 
الخميس ١٨ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٨:١٢ بتوقيت غرينتش

يبدو أن نفتالي بينت رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي والذي ينتمي للصهيونية الدينية ليس مقتنعا تماما بفكرة الترانسفير التي رفعها عدد من قادة هذا التيار القدامى والذين كانوا يرون بأن بقاء الفلسطينيين في أرض فلسطين التاريخية هو خطيئة كبيرة للمستقبل

العالم - قضية اليوم

بينت اعتمد مصطلح "تقليص الصراع " ويعمل اليوم على تطبيقه على الارض والمصطلح أساسا هو اختراع لكاتب اسرائيلي يدعى ميخا جودمان وهو بات مرجعا ومستشارا لرئيس الحكومة الاسرائيلية الحالية ، جودمان في كتابه (مصيدة ٦٧ ) يرى ان الضفة الغربية تعتبر مصيدة للكيان الاسرائيلي والخروج من المصيدة لن يتم الا بتقليص الصراع مع الفلسطينيين عبر تقديم خيارين لهم إما القبول بما سيقدم لهم من فتات وتسهيلات إقتصادية وحياتية وإما أن يختاروا الصراع المباشر وساعتها سيتم سحقهم بقوة عسكرية.

هم يدركون أنهم غير قادرين في هذه المرحلة على مواجهتها بما بين ايديهم ، وتقليص الصراع بالمفهوم الإسرائيلي يعيدنا إلى نظرية التسوية الأقتصادية التي طرحها نتنياهو في مؤتمر هرتسيليا في العام الأول لوصوله الى سدة الحكم في العام ٢٠٠٩ حين قال بأن على الفلسطنيين أن يغادروا احلامهم بإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وأن ينظروا لمستقبل أبنائهم من خلال التغييرات التي ستطرأ على حياتهم فيما لو حصلوا على تسهيلات إقتصادية وإستثمارات غير محدودة وفرص عمل بالجملة، بينت المقتنع بتقليص الصراع قد يكون إعتمد أيضا على حليفه يائير لبيد الذي يرى بأن المواجهة ليست مضمونة النتائج وقد تؤدي الى سقوط حكومته التي يأمل بأن يرأسها في الأعوام التالية.

تقليص الصراع يعني فيما يعنيه أن تتحول السلطة الفلسطينية أولا الى أداه منفذة للفكرة الإسرائيلية سواء من خلال تنفيذ الأجندة الأمنية وأن تقبل بأن تكون سلطة خدمات فقط لا أكثر ولا اقل ومقابل ذلك يستمر دعمها من الحكومة الإسرائيلية والسماح بتدفق الدعم الخارجي لها. ثانيا أما الفلسطينييون فسيتم منحهم التسهيلات المعتادة بمزيد من فتح ابواب العمل في المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ وتحويل هؤلاء العمال إلى قوة ضغط على المجتمع الفلسطيني لعدم الانتقال الى المواجهة كي لا يخسر اكثر من ربع مليون عامل يشكلون ركنا اساسيا في اقتصاده، طبعا دون التغاضي عن الكثير من التفاصيل الاخرى التي ستجعل الفلسطيني يضع رأسه في الرمال ويتحول الى حالة مستهلك وأن يتناسى ما يدور حوله من تهويد للقدس وقضم للضفة الغربية عبر الاستيطان.

لكن كل هذه النظرية قد تنهار في لحظة وتتغير النتائج التي يريدها بينت ولبيد ولو عدنا الى العام ٢٠٠٠ وما قبله فإن الفلسطينيين عاشوا رخاء اقتصاديا لخمسة اعوام ننيجة تدفق المعونات والمساعدات ورغم ذلك في لحظة انتهى كل شيء واشتعلت الامور في الضفة الغربية وانتقلت الى قطاع غزة لتشتعل الانتفاضة الثانية وكان السبب يومها انسداد الافق السياسي وغياب الحل العادل وشعور الفلسطيني بأن ما على الارض ينهب بقرارات سياسية اسرائيلية جعله يتناسى الرخاء ويعود للمواجهة المباشرة وهذا ما قد يحدث في اي لحظة في ظل الملفات المتفجرة في الاراضي الفلسطينية وها اكثرها .

فارس الصرفندي