العلاقات الصينية العربية.. رسائل على خطين باتجاه واشنطن

العلاقات الصينية العربية.. رسائل على خطين باتجاه واشنطن
الأحد ٢١ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٥:٠٩ بتوقيت غرينتش

موقع عسكري صيني في قلب الإمارات. خبر أغضب البيت الأبيض واستنفر قادة الإمارات لتبرير ما يحصل والحفاظ على الرضى الأميركي. لكن هناك من يقول ان للقصة بعد آخر يتعلق برؤية ما حول مثير علاقة دول عربية مع واشنطن من جهة ومع بكين من جهة ثانية. 

العالم - كشكول

فسرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صور الأقمار الصناعية لميناء خليفة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، بأنها عملية بناء موقع عسكري صيني، فكان استدعاء الحاكم الفعلي في الإمارات محمد بن زايد إلى واشنطن وإبلاغه بالقلق الأميركي مما يحصل. التقارير تقول إن بايدن أبلغ إبن زايد أكثر من مرة بقلقه من التواجد الصيني في الإمارات وأرسل مسؤولين من إدارته إلى الموقع الذي توقف البناء فيه بضغط من واشنطن.

حين تكون الدول مبنية على حماية خارجية ولديها اقتصاد مبني بجزء كبير منه على الاستثمار الخارجي، لا يمكن لها أن تتخلى عن مصدر حمايتها واستثماراتها، ومثال على هذه الدول السعودية والإمارات، والمقصود بالدول الراعية الولايات المتحدة. (الجميع يعلم كيف قدم الملك السعودي اوراق اعتماد ابنه ولي العهد للرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب وقال له هذا إبني إقبله أو أطرده.. والجميع يعلم أن تطبيع الإمارات مع كيان الإحتلال الإسرائيلي هدفه الأول والأخير ضمان الرضى الأميركي والإستثمارات الدولية في الإمارات)
لكن وللنظر إلى القضية من زاوية أخرى، ظهر واضحا الإختلاف بالرؤى بين واشنطن وهذه الدول، لاسيما حول التعاطي مع إيران. (خرج هذا الإختلاف إلى العلن بعد إسقاط إيران للطائرة المسيرة الأميركية "غلوبال هاوك" ومسارعة هذه الدول ومعها الكيان الإسرائيلي لتحريض ترامب ودفعه للرد، ليرفض الأخير، ما شكل خيبة كبيرة لما عرف بفريق باء حينها)

الإختلاف هذا أصبح أكبر مع مجيء جو بايدن، وعليه بدأت السعودية والإمارات بالتفكير جديا بالبحث عن بدائل للرعاية الأميركية (مع الحرص على إبقاء العلاقة المميزة مع واشنطن أقله في المرحلة الحالية). هذا البحث أوصل إلى الصين المنافس الأبرز والخطر الأكبر على واشنطن كما تصفه الأوساط السياسية والأمنية الأميركية.

تكشف الأرقام أن التبادل التجاري بين الصين والسعودية عام 2020 إرتفع بنسبة 18% تقريبا، ليصل إلى أكثر من 28 مليار دولار. هذه الأرقام الدالة على تزايد التعاون مع الصين وهو ما ينطبق على الإمارات أيضا، تشير إلى توجه فعلي لفتح الطريق أمام علاقات قوية مع الصين وإن كانت الأخيرة لن تؤمن الحماية التي كانت تمنحها واشنطن للجارين العربيين.

كما إن الإمارات والسعودية تحاولان فتح باب علاقات أقوى مع روسيا. (حاولت الرياض إستفزاز الولايات المتحدة عبر رفضها هي وموسكو رفع إنتاج النفط لتسبب أزمة لأسهم النفط الأميركية وأغضب ترامب الرئيس الأميركي حينها)
وإذا ما أضفنا لكل ذلك موضوع الموقع العسكري الصيني في أبو ظبي، والذي قالت الإمارات إنها لم تكن تعلم بطبيعته العسكرية (وهو ما لا يمكن للاميركي تقبله بطبيعة الحال)، فإنه من الممكن وضع الأمر في سياق إيصال رسائل إلى واشنطن على خطين.

الخط الأول-إماراتي
مفاده أن أبو ظبي تريد الإيحاء بأنها قادرة على المناورة وإيجاد شركاء آخرين حتى وإن كانوا المنافس الأكبر لواشنطن

الخط الثاني-صيني
مفاده أن بكين تريد القول بكل صراحة إنها حاضرة ومستعدة لملء أي فراغ يحصل بين واشنطن و"حلفائها" في المنطقة وأي مكان

لكن قبل اعتبار هذا السيناريو واقعا لا مفر منه، لا بد أن نسأل:
= هل ستتجرأ هذه الدول على التفكير بأنها تستطيع استبدال الراعي الأميركي بآخر صيني أو روسي على قاعدة انها تستطيع تجنب أي تبعات لذلك؟ وهل تمتلك القدرة والإرادة الذاتية على فعل ذلك في ظل التسليم الواضح للمقدرات إلى الكيان الإسرائيلي؟
= هل في مقاربة الصين للمسألة هذه، سيناريو يقوم على افتعال خلافات بين هذه الدول العربية وواشنطن وأخذ الأمور باتجاه تصعيد (أميركي) يسمح لبكين بوضع قدم قوية لها في المنطقة؟

الأرجح هو أن لدى الأميركي أوراق كثيرة يلعبها مع الإمارات أو السعودية أو غيرها إذا ما فكرت هذه الدول بالخروج من بيت الطاعة الأميركي (مثل قلب نظام الحكم، والتقسيم، والحروب، والنفوذ الإسرائيلي لدى هذه الدول) ، ويبدو حتى الآن أن الصين لم تمتلك نفس الأوراق القوية لمنافسة واشنطن.

* حسين الموسوي