إعدام الشاب سلمية يفضح قادة الاحتلال ويؤكد أوامر القتل الموجهة للجنود

إعدام الشاب سلمية يفضح قادة الاحتلال ويؤكد أوامر القتل الموجهة للجنود
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١ - ١١:٣٤ بتوقيت غرينتش

بالرغم من توثيق لحظة إعدام الشاب الفلسطيني محمد سلمية، على مقربة من “باب العامود” في مدينة القدس المحتلة، على أيدي اثنين من جنود الاحتلال، إلا أن قادة حكومة تل أبيب دافعوا عن تلك الفعلة، مما يؤكد الأوامر التي يتلقاها الجنود الإسرائيليون لتنفيذ عمليات “الإعدام الميداني”.

العالم - فلسطين

وظهر في لقطة مصورة تلفزيونيا، الشاب سلمية (25 عاما) من مدينة سلفيت، وهو يتلقى عدة رصاصات من جنود إسرائيليين قبل أن يسقط على الأرض مصابا، وقد أظهرت تلك اللقطات الشاب وهو يحرك رأسه وجسده رغم سقوطه جريجا، بعد أن هاجم مستوطن إسرائيلي بآلة حادة.

ودللت حركة الشاب سلمية على أنه كان مصاب إما بجراح متوسطة أو طفيفة في بادئ الأمر، لكن سرعان ما قام جنود الاحتلال باستهدافه بعد ذلك وهو ملقى على الأرض، بعدة طلقات أدت إلى وفاته على الفور، في عملية “إعدام ميدانية” تكررت كثيرا على الحواجز العسكرية، وراح ضحيتها العديد من الفلسطينيين.

وبسبب توثيق عملية الإعدام، كُشف النقاب في إسرائيل، عن تحويل الجنديين اللذين ارتكبا الجريمة إلى التحقيق في قسم أفراد الشرطة في وزارة العدل الإسرائيلية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية “مكان” عن القسم المختص بالتحقيق، إن “التحقيق الذي أجري مع اثنين من أفراد حرس الحدود بخصوص ما حدث في منطقة باب العامود في البلدة القديمة لا يعني التشكيك في تصرفهما خلال الحادث”.

وزعم أيضا أنه من واجبه “الحفاظ على تطبيق القوانين، وفي الوقت ذاته الحفاظ على التوازن بين الحاجة الضرورية للدفاع عن حياة البشر من جهة، ومن جهة أخرى السماح لأفراد الشرطة بتوفير الحماية بصورة ناجعة دون خوف او وجل لأبناء الشعب من أي جهة عدائية”، بحسب مزاعمه. وقد داقع قسم التحقيقات عن الجنود القتلة وقال إنهم “يعرضون حياتهم للخطر”، وأن الجندي “يتخذ قراراته عادة في ثوان معدودة في أوج حادث عنيف في حالة طوارئ”.

وكان رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت، ووزير الخارجية يائير لابيد، أعلنا فور وقوع الحادثة، دعمهما للجنديين اللذين أطلقا النار على الشاب سلمية، أو تشكيل خطر على أحد. وكتب بينيت تغريدة له على حسابه في “تويتر” جاء فيها: “الجندي والجندية، تصرّفوا بشكل سريع وحازم، أنا أطلب مدّهما بالدّعم الكامل، هذا كان المتوقع من جنودنا وهكذا هم فعلوا”، أما لابيد فكتب: “أدعم قوات الأمن وعناصر حرس الحدود الذي تصرفوا بسرعة وحزم”.

كما وصف مفتش الشرطة الإسرائيلية، أفراده الذين قاموا بإعدام الشاب الفلسطيني بـ”الأبطال”، مؤكدا لعائلاتهم أن “الشرطة ستقدم لهم الدعم القانوني بعد انتهاء التحقيق معهم”، كما قال رئيس بلدية الاحتلال في القدس المحتلة موشيه ليؤون إنه “يدعم ويشد من أزر قوات الأمن ولا سيما أفراد حرس الحدود الذين تعاملوا مع اعتداء الطعن سريعا وبكل شجاعة”.

لكن الحادثة قوبلت بانتقاد من وزراء آخرين في حكومة بينيت، وقال عيساوي فريج، وزير التعاون الإقليمي المنتمي لحزب “ميرتس” في تغريدة على تويتر: “في مواجهة محاولة قتل، يجب إطلاق النار على المهاجمين لإنقاذ الأرواح، وليس سلبهم الحياة عندما أصبحوا لا يشكلون خطرا”.

وأضاف: “إذا كانت الصورة التي تظهر في مقاطع الفيديو من باب العامود صحيحة، فهي ليست فقط مخالفة لتعليمات الجيش والشرطة، بل هي أيضا فعل يعبر عن عدم اكتراث بحياة شخص كان ينبغي التحقيق معه”.

كما انتقد النائب العربي في “الكنيست” الإسرائيلي أحمد الطيبي عملية الإعدام، وقال إنه ذلك الشاب بالإضافة إلى استهدافه حرم من الرعاية الطبية الأولية رغم أن الطاقم الطبي كان متواجدا في المكان حتى لفظ أنفاسه، وأضاف: “هذا عمل إجرامي يتطلب التحقيق”.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، جريمة قتل الشاب سلمية، وأشارت إلى أن هذه الجريمة “تأتي في سياق التصعيد الاسرائيلي المستمر ضد أبناء شعبنا، وهي استمرار لمسلسل القتل اليومي الذي لا يمكن السكوت عليه”.

واكدت أن قتل الشاب سلمية وهو جريح تعد “جريمة حرب موثقة”، داعية المجتمع الدولي، إلى ضرورة التحرك فورا لوقف جرائم الاحتلال، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال.

كما أدان رئيس الوزراء محمد اشتية جريمة إعدام الشاب سلمية، وقال: “جنود الاحتلال القتلة يمارسون جريمتهم على الهواء مباشرة”، ودعا المحكمة الجنائية الدولية لإضافة هذه الجريمة إلى ملف الجرائم الإسرائيلية البشعة.

من جهته قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم “إن إعدام جيش الاحتلال مواطنا فلسطينيا في مدينة القدس المحتلة، جريمة مكتملة الأركان”، مؤكدا أن إجهاز الاحتلال على شاب فلسطيني جريح ينزف دماً، ولا يشكّل أيّ خطر عليهم يعد “انتهاكا صارخا لكل القوانين الدولية الإنسانية”، وقال: “الاحتلال يتصرَّف ككيانٍ مارقٍ فوق القانون والقرارات والمواثيق الدولية، وذلك بسبب عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ أيّ إجراءات عملية لكبح جماحه عن الاستمرار في جرائمه وعدوانه ضد أرضنا وشعبنا، والعمل على محاكمة قادة جيشه وجنوده كمجرمي حرب”.