ناشونال إنترست: "قمة بايدن من أجل الديمقراطية" لن تجعل أميركا أكثر أمانا

ناشونال إنترست:
الأحد ٠٥ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٥:٠٦ بتوقيت غرينتش

قالت مجلة ناشونال إنترست (The National Interest) الأميركية إن رؤية الرئيس جو بايدن للسياسة الخارجية على أنها منافسة بين "ديمقراطيات العالم" بقيادة الولايات المتحدة وبين "الأنظمة الاستبدادية" بزعامة الصين وروسيا "تأطير ساذج وخطير للعلاقات الدولية".

العالم - الأميركيتان

وذكرت المجلة -في تقرير للأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية ساشا غلايزر- أن هذه الرؤية هي التي تحكم "قمة الديمقراطية" التي سيرأسها بايدن شخصيا في 9 ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث ستجتمع أكثر من 100 دولة في محاولة للحد من تراجع الديمقراطية وتعزيزها في جميع أنحاء العالم.

وأكدت أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة يجب أن تخدم دائما المصالح العليا للشعب الأميركي ولو تطلّب الأمر في بعض الأحيان العمل مع "الأنظمة البغيضة"، حيث يستوجب التعاطي مع القضايا العالمية -مثل منع الانتشار النووي ومكافحة الإرهاب العابر للحدود والتصدي للأوبئة وتخفيف آثار التغير المناخي وتعزيز التجارة العادلة- أن تتعاون الدول بغض النظر عن هياكلها السياسية الداخلية.

ولا يعتبر الرئيس بايدن -تضيف المجلة- لسوء الحظ آخر رئيس أميركي يقدم الاعتبارات الأيديولوجية على المصالح، فبعد خروجها منتصرة من الحرب الباردة كقوة عظمى وحيدة في العالم تناست الولايات المتحدة الرؤية التي ساعدتها على كسب هذا الصراع في النهاية، وهي السياسة الخارجية القائمة على المصالح.

وبدلا من ذلك قامت -في غياب خصم قادر على تحدي موقفها المهيمن- بحملة لإعادة تشكيل العالم وفق تصورها، فاعتقد صناع السياسة الأميركيون -من كلا الحزبين- واهمين أن استخدام القوة العسكرية سيكون كفيلا لوحده بتحويل دول مثل أفغانستان والعراق وليبيا إلى ديمقراطيات ليبرالية، لذلك ليس مستغربا أن "جهود الهندسة الاجتماعية" لهذ الدول فشلت، متسببة في الفوضى والمعاناة الإنسانية وتقليص أمن أميركا وازدهارها ومكانتها على المسرح الدولي.

كما أدت التدخلات العسكرية الأميركية الفاشلة في بلدان ذات قيمة إستراتيجية متدنية إلى صرف انتباه الولايات المتحدة عن القضايا الأكثر إلحاحا، وأبرزها الصعود الاستثنائي للصين، وتسببت عقود من سياسة خارجية أميركية أسيئت إدارتها وهدفت لنشر الديمقراطية والقيم الليبرالية لدى شعوب ليس لديهم تاريخ أو اهتمام بهذا الفكر إلى تآكل نسبي لقوة أميركا في مواجهة الصين، وبينما كانت واشنطن تبدد الدماء والأموال في مناطق مثل الشرق الأوسط كانت بكين تحقق نموا هائلا.

وذكرت ناشونال إنترست أن النخبة السياسية الأميركية دفعت أيضا من أجل تطبيع العلاقات التجارية مع الصين ودمجها في المؤسسات الاقتصادية الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، معتقدة أنها ستختار الديمقراطية سبيلا وتصبح شريكا عالميا مسؤولا، لكن بدلا من ذلك ساعد هذا الأمر في تمكين العملاق الصيني الذي يعمل الآن على تحويل نموه الاقتصادي الهائل إلى قوة عسكرية ويشكل تحديا متزايدا للولايات المتحدة بمنطقة المحيطين الهندي والهادي.

كما تتمتع الصين -التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة وتمتلك اقتصادا مرشحا لتجاوز الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد عالمي- بالقدرة على أن تتحول إلى أخطر خصم واجهته أميركا على الإطلاق، ولكي تظل هذه الأخيرة أقوى دولة -وبالتالي الدولة الأكثر أمانا- في العالم تحتاج إلى تبني سياسة خارجية قائمة على المصالح تعكس الواقع الجيوسياسي لعام 2021 وليس عام 2001.

لذلك، فإن قرار إدارة بايدن بصياغة سياستها الخارجية على أساس أيديولوجي يرتكز على قاعدة "نحن مقابل هم" بدلا من السعي وراء تحقيق المصالح الأميركية الأساسية مقدر له أن يقود إلى طريق يجعل الشعب الأميركي أقل أمانا وازدهارا.