ضحايا بالمئات لا بالعشرات... و'النابالم' ألقتْه أميركا..

سِرّ قرية الباغوز في دير الزور.. مرتكِب المذبحة مُحقِّقاً فيها!

سِرّ قرية الباغوز في دير الزور.. مرتكِب المذبحة مُحقِّقاً فيها!
الإثنين ٠٦ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٦:١٢ بتوقيت غرينتش

فتحت وزارة الدفاع الأميركية، أخيراً، تحقيقاً في جريمة حرب ارتكبها «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن في قرية باغوز فوقاني في محافظة دير الزور عام 2019.

العالم - مقالات وتحليلات

الجريمة التي أودت بحياة عدد كبير من الضحايا يفوق حتماً المُعلَن أميركياً (80 شخصاً)، استُخدمت فيها قذائف الفوسفور الأبيض «نابالم»، والتي سقطت على بقعة جغرافية صغيرة، تحصّن فيها عناصر تنظيم «داعش» مع عائلاتهم، إضافة إلى عدد كبير من المدنيين.

وعلى رغم الضجّة المُثارة اليوم في شأن تحقيق «البنتاغون»، إلّا أنه من غير المتوقّع أن تواجه «مذبحة الباغوز» مصيراً مغايراً لما لاقته «جريمة الرقة»، من الإهمال والتعتيم، وذلك نتيجة ضغوطات واشنطن ونفوذها.

لم تَزِد مساحة مخيّم الباغوز، الذي استهدفه الطيران الأميركي بقذائف الفوسفور الأبيض «نابالم»، ليل 17 آذار 2019، عن كيلومترَين مربّعَين في منطقة قريبة من نهر الفرات، تحصّن فيها عناصر تنظيم «داعش» مع عائلاتهم، إضافة إلى عدد كبير من المدنيين الذين لم يتمكّنوا من الخروج من جَيْب هجين، مثّل المساحة الأخيرة التي كان التنظيم يسيطر عليها في ريف دير الزور، قبل أن تطلق «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بدعم أميركي، المرحلة الأخيرة من معركة «غضب الجزيرة»، والتي أفضت إلى سيطرتها على كامل الأراضي الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات.

وعلى رغم وقوع المذبحة التي يفوق عدد ضحاياها الحقيقي، ذلك المُعلَن من قِبَل واشنطن، والتي أعقبت فشل المفاوضات بين «داعش» و«قسد»، إلّا أن الأخيرة لم تتمكّن من اقتحام المخيّم، لتُستأنف المفاوضات في اليوم التالي، وتفضي إلى خروج عوائل التنظيم من قرية باغوز فوقاني إلى مخيّم الهول في ريف الحسكة الشرقي، إضافة إلى تسليم عدد كبير من عناصر «داعش» أنفسهم لـ«قسد»، ليتمّ نقلهم إلى المعتقلات التابعة لها، وأخرى تشرف عليها القوات الأميركية بشكل مباشر، فيما تمكّن نحو 200 مقاتل من جنسيات أجنبية من الانسحاب، قبل تسليم المخيّم، إلى منطقة الجهفة المُشكَّلة من مجموعة من المُغر والكهوف، في تلال الباغوز الواقعة إلى الشرق من القرية نفسها، وعلى الشريط الحدودي مع العراق مباشرة.

وفي هذا الإطار، تدعو مصادر مطّلعة على وقائع المذبحة، في حديث إلى «الأخبار»، إلى التحقيق مع قادة مجموعات «قسد» التي شاركت في القتال، وأشرفت لاحقاً على نقل الجثامين، مُبيّنة أنه «بمجرّد الوصول إلى موقع المقبرة الجماعية التي دُفن فيها الضحايا، سيتبيّن حجم الكارثة التي ارتُكبت باسم محاربة التنظيم الإرهابي».

تعداد مَن نقلوا من الباغوز إلى مخيّم الهول، أوصل عدد سكّان المخيّم، أوّل الأمر، إلى حوالى 70 ألفاً، علماً أن تعداد سكانه قبل تطبيق الاتفاق كان بحدود 13 ألف شخص، غالبيّتهم من العراقيين الذين لجأوا إلى الأراضي السورية خلال معارك تحرير الموصل.

ويشير وجود مثل هذا العدد ضمن القرية قبل أن تسيطر عليها «قسد»، إلى أن ضحايا القصف الأميركي يفوقون الـ80 شخصاً، بخلاف اعتراف واشنطن الرسمي، فيما تفيد مصادر «الأخبار» بأن «قسد»، ومِن خَلفها القوات الأميركية، استخدمت الشاحنات لنقل جثث متفحّمة من منطقة المخيم إلى منطقة البادية الواقعة إلى الشمال من قرية أبو خشب في ريف دير الزور الشمالي الغربي، ثمّ عمدت إلى تجريف مكان الجريمة وطمْس أيّ دليل على استخدام «النابالم» من قِبَل المقاتلات الأميركية.

وبحجّة البحث عن الألغام والعبوات الناسفة، أبقت المخيّم مغلقاً أمام أيّ أحد من غير «الوحدات الكردية»، على الرغم من رغبة المشاركين في المعارك لمصلحتها في تفتيش المنطقة بحثاً عن «كنوز داعش»، وما كان يُروى عن امتلاكه كمّيات ضخمة من الأموال والذهب، تَبيّن لاحقاً أنها مدفونة في أماكن أخرى.

المصدر - موقع "الاخبار"