لماذا لا تسمح أمريكا لـ"إسرائيل" بمهاجة إيران؟!

لماذا لا تسمح أمريكا لـ
الإثنين ٠٦ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٥:٤٠ بتوقيت غرينتش

لا يمر يوم، بل لا تمر ساعة، دون ان يطلق زعماء الكيان الاسرائيلي،  تهديدات بضرب المنشآت النووية في ايران، بدءا من رئيس وزراء هذا الكيان، ومرورا بوزير الحرب فيه، وانتهاء برئيسي الاركان والموساد.

العالم كشكول

كما تزدحم واشنطن هذه الايام بالوفود "الاسرائيلية"، فلا يغادر رئيس الموساد واشنطن إلا ويحل محله وزير الحرب الاسرائيلي، وجميعهم يسعى جاهدا للحصول على موافقة من واشنطن لتنفيذ الهجوم على ايران، بعد ان تم تخصيص 1.5 مليار دولار لإعداد قوات كافية لتنفيذ ضربات ضد مواقع نووية إيرانية، بل ان هناك حديث عن حصول الكيان الاسرائيلي على اسلحة ذكية ستقلب الامور راسا على عقب.

يبدو ان هناك سباق بين زعماء الكيان الااسرائيلي في مستوى اطلاق التهديدات، فلا يطلق رئيس الوزراء هذا الكيان نقتالي بينيت تهديدا، حتى يزايد عليه وزير خارجيته يائير لبيد، ولا تمر ساعات، إلا ويتجاوزهما وزير الحرب بيني غانتس او رئيس الاركان افيف كوخافي ، بتهديدات اعلى سقفا، ومن اجل ان يبقى الجميع في حلبة التهديدات، خرج علينا رئيس الموساد ديفيد برنيع بتصريح قد بَزّ فيه الجميع، عندما قال ،ان إيران لن تملك سلاحا نوويا، لا في القريب العاجل، ولا على المدى البعيد، ما دام هو على رئاسة الموساد.

يحاول هؤلاء الاشخاص، الذين يرفعون عقيرتهم بالتهديد طوال اليوم، الظهور بمظهر المُكبل، وان هناك جهة ما تكبلهم وتمنعهم من تنفيذ هذه التهديدات، وإلا فإنهم يملكون القدرة والقوة على تنفيذها، ويبدو ايضا ان الجهة التي تمنع هؤلاء عن تنفيذ تهديداتهم هي امريكا، لذلك يحاولون من خلال التدافع على زيارتها ، من اجل اقناعها و الضغط عليها، للحصول منها على ضوء اخضر لمهاجمة ايران.

نكتفي بهذا القدر في الحديث عن طبيعة التهدادت "الاسرائيلية" ولا نغوص في فحواها، فان القارىء سيصاب بالملل والغثيان في نفس الآن، من كثرة تكرارها على السنة هؤلاء الذين يدعون انهم زعماء الكيان الاسرائيلي.

من الواضح ان هذه الجوقة، اذا لم تكن مرعوبة لما تصرفت بهذه الطريقة الطفولية، ومن الواضح ايضا ان هذا الرعب الظاهر يؤكد ان هؤلاء لا زعماء ولا اي شيء آخر، فكل ما هناك انهم يعزفون لحناً وضعته لهم امريكا، فهؤلاء يحاولون الظهور، او الايحاء بانهم زعماء ويقودون كيانا مستقلا يملك ارادته وخياره، بينما الحقيقة والتجربة التاريخية، تؤكدان غير ذلك، فالكيان المسمى "اسرائيل"، ليس سوى قاعدة امريكية غربية متقدمة في قلب العالم الاسلامي، لا يملك العاملون فيها حرية التصرف، سوى تنفيذ الاوامر الصادرة من القيادة العليا وهي امريكا، ولا يملكون حتى القدرة على التمرد و اتخاذ قرارات احادية.

اذا كان هذا الكيان تصرف، على انه يملك ارادة مستقلة عن امريكا، في بعض الجرائم والحروب القصيرة والسريعة، التي نفذها، خلال العقود السبعة الماضية، حتى هذه الجرائم والحروب، لم تكن من صنع ارادته، الا انه تحرك وفقا للارادة الامريكية، وذلك عندما تدرك امريكا ان بامكان هذا "المأمور" ان ينجح في مهمته التي اوكلت اليه، ولكن عندما يتعلق الامر بمواجهة قوة مثل ايران، فان هذا الكيان، لا يملك ان يقوم باي عمل مهما كان صغيرا دون ضوء اخضر امريكي، وحتى صراخه وعويله وتهديداته، اليوم ، هي ايضا وفق مخطط امريكي، لاستخدامها كورقة ضغط على ايران، في اطار المفاوضات التي تجري في فيينا لالغاء الحظر عن ايران.

اذا كان هذا الكيان يمتلك فعلا حرية التصرف، لكان نفذ تهديداته في زمن الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، المتصهين اكثر من عتاة الصهيونية، تُرى من الذي كان يقف في وجه هذا الكيان في عهد الارعن ترامب؟، لماذا لم يقدم على مهاجمة ايران؟.

بات واضحا ان خيار التعامل مع ايران عسكريا من قبل امريكا، قبرته قوة الردع الايرانية والى الابد، فامريكا تعلم وكذلك الغرب، ان اي خطأ يُرتكب من اي جهة كانت ، امريكية او غربية، ضد ايران، يعنى زوال هذا الكيان من الوجود كليا، وهذه الحقيقة يعرفها ترامب كما كان يعرفها سلفه وكذلك خلفه، وتعرفها الدولة العميقة في امريكا، لذلك اكتفت امريكا بمنح "زعماء الكيان الاسرائيلي" حرية اطلاق التهديدات بأعلى اصواتهم، والظهور بمظهر الكلب المسعور الذي يربطه صاحبه من رقبته بسلسلة حديدية، وقد يقطعها في اي لحظة.

العالم اجمع بات على يقين، ان لا امريكا ولا اوروبا والغرب ولا كلبهم المسعور "اسرائيل" ، ما كانوا ليترددوا لحظة واحدة، بالهجوم على ايران، لو كان باستطاعتهم ذلك، ومن دون ان يطلقوا تهديدا واحدا، تصريحا او تلميحا، ويكفي القاء نظرة سريعة على تصريحات "زعماء هذا الكيان" الاكثر اجراما من الحاليين، من امثال ايهود اولمرت ،و ايهود باراك، وعاموس جلعاد، و رؤساء الموساد السابقين، حول عجز كيانهم عن مهاجمة ايران، وان "اسرائيل" ارتكبت خطأ فادحا عندما حرضت على الاتفاق النووي، للوقوف ليس على عجز "الاسرائيليين" عن مهاجمة ايران، بل عجز سيدهم الامريكي ايضا.