مباحثات فيينا.. الحظر والوقت؛ سيف أمريكي مثلوم

مباحثات فيينا.. الحظر والوقت؛ سيف أمريكي مثلوم
الأربعاء ٠٨ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٨:٣٧ بتوقيت غرينتش

من المقرر ان تستأنف يوم غدا الخميس في فيينا، وفود إيران ومجموعة 4+1  محادثات الغاء الحظر الامريكي عن ايران، بعد توقفها بناء على طلب من الاطراف الاوروبية للتشاور مع عواصمها، بشان وثيقتين   تقدمت بهما ايران للاطرف الاخرى حول الغاء الحظر غير القانوني والقضايا النووية.

العالم – كشكول

الوثيقتان اللتان تقدمت بهما ايران، كانتا مبنيتين على ما تم التوصل اليه خلال الجولات التفاوضية الست الماضية التي جرت في فيينا، مع اضافة وجهات نظر وتعديلات لسد الثغرات التي وجدت قياسا بالاتفاق النووي لعام 2015، وكانتا ايضا تستهدفان الى دفع عملية التفاوض الى الأمام.

ايران كانت تتوقع ان تنقل الوفود الاخرى ردود موثقة ومبرهنة على مقتراحتها التي جاءت في اطار ما تم التوصل اليه سابقا، ولتشكل اساسا للمفاوضات المقبلة بين الجانبين، الا ان المواقف التي تم الاعلان عنها من العواصم الاوروبية، كانت متسرعة ومتناغمة في نفس الوقت.

فرنسا والمانيا وبريطانيا، اعتبرت المقترحات التي طرحتها طهران، بانها لا تشكل "أساسا معقولا" لإحياء الاتفاق النووي، وانها " مقترحات غير مقبولة، واعربوا عن "خيبة أملهم وقلقهم"، مهددين في الوقت نفسه،"ان الوقت ينفد أمام طهران".

هذه كانت ردة فعل الاوروبيين على مقترحات ايران،وهي مقترحات استندت الى النصين النهائيين لجولة فيينا السادسة، ولم تكن مبنية على توقعات ومطالب لا أساس لها ، بل كانت قائمة على الوثائق التي اتفقت عليها ايران مع مجموعة 4+ 1 ، ويحق لاي طرف في المفاوضات ان يقدم مقترحاته للاطرف الاخرى، وهي مقترحات مبنية على أساس مصالحه وسياساته وأهدافه ، ولكن على أساس القبول المشترك لكلا الطرفين.

يبدو ان الاوروبيين ومن ورائهم امريكا، يحاولون انهاء المفاوضات بسرعة قياسية، لا من اجل احترامهم للوقت، بل من اجل حرمان ايران من حقوقها الاقتصادية المنصوص عليها في الاتفاق النووي، حتى في حدودها الدنيا، وهذه الحقيقة كشف عنها وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، الذي كان اكثر صراحة من الجميع، عندما قال امام لجنة برلمانية فرنسية يوم امس الثلاثاء: "أننا نشعر بأن الإيرانيين يريدون أن يجعلوها تستمر، وكلما طالت مدة المحادثات زاد تراجعهم عن التزاماتهم… واقتربوا أكثر من قدرتهم على امتلاك سلاح نووي".

الزعم ان ايران تسعى لاستمرار المفاوضات لكسب الوقت،للوصول الى السلاح النووي!!، تكذبه جدية الوفد الايراني الذي يضم مجموعة كبيرة من الخبراء والمسؤولين في مجال الشؤون الاقتصادية والمالية والمصرفية، ويكذبه اصرار ايران على التوصل الى اتفاق شامل، يلغي الحظر الامريكي بالكامل عن الشعب الايراني بطريقة يمكن التحقق منها، والحصول على ضمانات امريكية بعدم الانسحاب من الاتفاق مرة اخرى.

رفع سلاح الوقت في وجه ايران، من قبل الاوروبيين، هدفه حشر الوفد الايراني في زاوية ضيقة وإرباكه وخلط اوراقه، وبالتالي الحصول منه على تنازلات، واللافت ان الوفد الايراني يعلم جيدا بطبيعة هذا السلاح، لذلك اتخذ ما يلزم من الاجراءات، لثلّم حد هذا السيف وجعله غير فعال، وهو ما ادركه الامريكيون جيدا، لذلك عادوا الى رفع سيف العقوبات المثلوم اصلا في وجه ايران، بينما امريكا تشارك في مباحثات فيينا بشكل غير مباشر، لرفع حظرها الاحادي الجانب عن الشعب الايراني!.

من الواضح ان الاجراء غير القانوني الذي اتخذته وزارة الخزانة الاميركية أمس الثلاثاء، اي قبل يومين فقط من استئناف المفاوضات في فيينا، والمتمثل بفرض الحظر على 4 مؤسسات و 9 افراد ايرانيين، بذريعة حقوق الانسان، جاء في اطار الضغط على ايران، كما جاء ليكشف حقيقة الجهة التي لا تتعامل بجدية مع مباحثت فيينا، وتشارك فيها من اجل كسب الوقت!، فواشنطن غير قادرة حتى الان على فهم هذه البديهية وهي: ان "الضغوط القصوى" و"الانفتاح الدبلوماسي" متناقضتان، وان ما تفعله واشنطن عبر الاستخدام الهستيري لسلاح العقوبات، لن يوفر لها اداة ضغط على ايران فحسب ، بل يتعارض مع ما تدعيه من جدية وحسن نية.

اليوم بات واضحا للجميع، ان ايران لا تسعى للحصول على شيء خارج نطاق الاتفاق النووي، وكل ما تطلبه هو رفع الحظر المفروض عليها، لينتفع الشعب الايراني وبشكل ملموس من الفوائد الاقتصادية للاتفاق، ولن ترضى بشيء خارج نطاق هذا الاتفاق، ولن تؤثر كل الاعيب الاوروبيين والامريكيين، على عزم وارادة المفاوض الايراني، الذي لا يسعى سوى الى اقناع الطرف الاخر، ليحترم توقيعه ويلتزم بما تعهد به.