تأجيل الانتخابات الليبية وسط توتر عسكري يهدد اتفاق وقف إطلاق النار وعملية المصالحة

تأجيل الانتخابات الليبية وسط توتر عسكري يهدد اتفاق وقف إطلاق النار وعملية المصالحة
الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٤٨ بتوقيت غرينتش

منذ وفاة الديكتاتور الليبي، معمر القذافي، قبل عقد من الزمن، في عام 2011، والبلاد تعيش انهيارا وتمزقا بسبب التدخل الخارجي لبعض القوى الأجنبية، التي تغذي صراعا أدخل الدولة المغاربية في دوامة من الفوضى والعنف، لم تخرج منها بعد، وهو صراع ألقى بظلاله على الإنتخابات التي كانت مقررا إجراؤها اليوم.

العالم - افريقيا

“رأي اليوم”: واقترحت المفوضية العليا للانتخابات الليبية، أمس الخميس، تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها اليوم، لمدة شهر، وسط تصاعد التوتر العسكري الذي يهدد اتفاق وقف إطلاق النار؛ المتفاوض عليه من روسيا وتركيا منذ أكثر من عام، والذي فتح باب سلام جديد، وعملية المصالحة التي رعاها الأمم المتحدة.

وأكد رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح، في تقرير أرسله إلى البرلمان؛ -الواقع منذ 2014 في مدينة طبرق الشرقية بسبب الخلافات بين شرق وغرب البلاد-؛ أن الصراع قائم بين السلطة السياسية و القضاء على تعيين المرشحين “يجعل من المستحيل عقد الإنتخابات في الموعد المحدد”.

التأجيل الذي عارضه بعض المرشحين، يوم الثلاثاء سرا؛ كان معروفا منذ أن قررت المفوضية نفسها قبل أسبوعين تأجيل الموافقة على الترشيحات بعد استبعاد عدة مرشحين؛ لجؤوا إلى المحاكم المحلية التي أعادتهم إلى السباق الانتخابي.

وبدا ذلك مرجحا للغاية منذ أن أصدر البرلمان في طبرق -انتخب ديمقراطيا لكنه يفتقر إلى الشرعية لأنه لم يتم تشكيله في الوقت المناسب- قانونا انتخابيا رفضه على الفور المجلس الأعلى للدولة، وهو نوع من مجلس الشيوخ تم تشكيله في طرابلس خلال عملية السلام الفاشلة التي قادتها الأمم المتحدة أيضا في عام 2015.

تحذير الولايات المتحدة

بعد دقائق قليلة من انتشار الخبر، حث المبعوث الخاص وسفير الولايات المتحدة في ليبيا، ريتشارد نورلاند،أمس الخميس؛ المسؤولين السياسيين والقضائيين على معالجة التناقضات، وحلها بشكل عاجل والانتهاء من الموافقة على الترشيحات، بينما أشار في الوقت نفسه أنه يجب أن تكون تلك هي أولويتهم لأنها “رغبة كل الليبيين”.

وطالب الدبلوماسي الأمريكي، جميع الأطراف المعنية بـ”تحييد أجواء التوتر العسكري الذي يهدد طرابلس ومدن أخرى في البلاد”.

وشدد نورلاند على أن “هذا ليس الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات أحادية الجانب أو إصدار أوامر بنشر مسلحين، لأنها ستؤدي إلى تصعيد ستكون له عواقب على سلامة المواطنين الليبيين وحمايتهم”.

كانت العقبة الرئيسية حتى الآن، هي الترشيحات التي قدمها سيف الإسلام، نجل معمر القذافي، وخليفته المفترض لحكم البلاد، والذي أطيح به في عام 2011.

بالاضافة إلى المشير خليفة حفتر، زعيم الميليشيات الشرقية والرجل القوي في البلاد، ورئيس الوزراء المؤقت، عبد الحميد دبيبة، الملياردير الذي جمع ثروته كمدير لمكتب البناء الحكومي في عهد القذافي.

واستأنف الثلاثة، وأعيد ترشيحهم من قبل محاكم مختلفة، التي اعتبرت أن سيف الإسلام وحفتر مؤهلين على الرغم من إدانتهم من قبل القبائل المحلية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأن الدبيبة يمكن أن يترشح على الرغم من عدم تركه مناصبه؛ لأنه كان قد وعد بعدم الحضور عند تعيينه.

احترام إرادة الليبيين

من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الخميس، إنه “أحيط علما بإعلان اللجنة الليبية العليا للانتخابات تأجيل الانتخابات الرئاسية” التي كان من المقرر إجراؤها اليوم، وأشار إلى أنه “من الضروري أن تحترم إرادة الشعب الليبي”.

وقال غوتيريش إن الانتخابات، التي تم تأجيلها لمدة شهر، “يجب أن تجري في ظل ظروف مناسبة، لإنهاء الانتقال السياسي سلميا ونقل السلطة إلى مؤسسات منتخبة ديمقراطيا”.

فراغ السلطة

وفي ذات السياق، أكدت مصادر مقربة من مكتب الدبيبة أنه “استأنف مهامه” بشكل منتظم بعد التأجيل، حيث يعتبر أن التفويض الممنوح له من قبل “منتدى الحوار السياسي من أجل ليبيا”، (هيئة غير منتخبة؛ أنشأتها الأمم المتحدة)، “تمتد حتى إجراء الانتخابات” المثيرة للجدل.

وهذا تفسير لا تشاركه الأطراف الأخرى في وسط وشرق وجنوب ليبيا، الذين كانوا يطالبون منذ أسابيع بحكومة وحدة وطنية انتقالية أخرى؛ ليتم اختيارهم لهذه المهمة.

وخوفا من فراغ السلطة، الناجم عن التأجيل الذي قد يؤدي إلى صراع جديد، وفي غياب مبعوث خاص لليبيا منذ استقالة جان كوبيس قبل ثلاثة أسابيع، عين الأمين العام للأمم المتحدة قبل أيام مستشارا خاصا للدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز، المرأة التي ابتكرت “منتدى الحوار السياسي من أجل ليبيا” وأطلقت العملية الانتخابية.

وروجت ويليامز، في الأيام الأخيرة لنجاح “منتدى الحوار” في محاولة لتخفيف التهديدات والحفاظ على عملية تعتبرها بلادها والاتحاد الأوروبي مفتاحا لاستقرار ليبيا، لكن روسيا وتركيا نسفتاها.

حقوق الانسان

حذرت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، من أن التأجيل يوضح الحاجة إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي لا حصر لها والتي اتسمت بها الفترة السابقة كاملة.

وذكرت المنظمة الدولية، بأن الاستعدادات للانتخابات “تمت في مناخ متقلب للغاية يتسم بالخلافات” وتدخل “الجماعات المسلحة والمليشيات التي قمعت مرارا الأصوات المعارضة وقيدت المجتمع المدني وهاجمت مسؤولي الانتخابات”.

وترى المنظمة أنه من أجل إجراء انتخابات “لا يشوبها الإكراه”، “يجب على حكومة الوحدة الوطنية، والقوات المسلحة العربية الليبية، إصدار تعليمات فورية لجميع الجماعات والمليشيات المسلحة لوضع حد لمضايقاتها وترهيبها لموظفي الانتخابات، والقضاة وموظفي الأمن المسؤولين عن إدارة الانتخابات”.