بعد إنكشاف حجم الأموال التي ضخها في لبنان

'سوروس' وتحويل "منظمات المجتمع المدني" الى حصان طراودة أمريكي

'سوروس' وتحويل
السبت ١٥ يناير ٢٠٢٢ - ٠٢:٥٧ بتوقيت غرينتش

البعض منا انصدم وهو يسمع خطابا جديدا بدأ يرتفع في منطقتنا، يرى في "اسرائيل" "بلدا كباقي البلدان" يمكن اقامة علاقات طبيعية معه، وفي مقاومتها "إرهابا"، وفي فصائل المقاومة "مجموعات ارهابية وميليشيات". ويرى هذا الخطاب ان الفلسطينيين هم "سبب كل مآسي العرب"، وان للمثليين والمنحرفين والخونة والعملاء، الحق في التصرف وإبداء الراي في كل شيء، لانه يرى في ذلك "انفتاحا" و"تحررا" و "تسامحا"، بينما لا يعطي هذا الخطاب مثل هذا الحق، لمن يرفض إستهداف القيم المجتمعية والوطنية والاخلاقية والدينية، لانه يرى في ذلك "تطرفا" و"انغلاقا" و "ارهابا".

العالمكشكول

حالة الصدمة التي يعيشها هذا البعض منا، بسبب ارتفاع منسوب هذا الخطاب، يمكن تجاوزها، لو علم هذا البعض، ان هذا الخطاب لم يأت من فراغ، بل جاء تدريجيا، بعد ان نخرت ما يعرف بـ"منظمات المجتمع المدني" التي تمولها جهات امريكية، بعقول بعض شبابنا، في اطار الحرب الناعمة التي يشنها الغرب وعلى رأسه امريكا على مجتمعاتنا، لسلخ شبابه عن تاريخه ودينية، وتجريده من قيمه، وتحويله الى اداة طيعة لمخططاته، بعد ان فشل في تحقيق هذه الغاية عبر حروبه العسكرية.

من اجل ان لا يكون كلامنا مجردا من أمثلة عن الحرب الناعمة التي تشنها امريكا على مجتمعاتنا، سنمر مرورا سريعا على بلد عربي، وهو لبنان، الذي بات يحتل المرتبة الأولى عربياً كوجهة تمويل لمؤسسات امريكية. ففي تقرير نشرته صحيفة "الاخبار اللبنانية"، جاء فيه ان "مؤسسة الترويج للمجتمع المنفتح" التابعة للملياردير الأميركي جورج سوروس، ضخت عام 2019 نحو 3,618,000 دولار، وصلت معظمها الى منظّمات ذات طابع ثقافي.

وبلغ حجم هذا المبلغ عام 2020 ، بحسب الموقع الإلكتروني لمؤسسة سوروس، حوالى 6,655,000 دولار، بعد ان كان في عام 2018 ، 3,036,948 دولاراً، ونحو 8,978,000 دولار عام 2017، ونحو 3,728,000 دولار عام 2016.

هذه الاموال الضخمة تضخ سنويا لمصلحة منظمات "مجتمع مدني" في لبنان، وتتنوع القضايا التي يجري تمويلها، من السياسة إلى الثقافة والتنمية والتعليم، ويصل حجم تمويلاتها السنوية المعلَنة إلى أضعاف حجم تمويلات مؤسسات الدول الرسمية.

يرى المراقبون لتمويل "مؤسسة المجتمع المنفتح"، ان السبب الاول الذي جعل لبنان يحتل المرتبة الاولى عربيا في هذا لتمويل، هو وجود المقاومة الاسلامية، والحاضنة الشعبية للمقاومة الاسلامية، وثقافة المقاومة، وهي من اهم الاهداف التي تسعى مؤسسة سوروس لضربها في لبنان، فهذه المؤسسة لها تاريخ طويل في استهداف الدول التي ترى فيها تهديدا للصهيونية العالمية وللراسمالية الغربية.

على سبيل المثال وصل مجموع ما دفعته مؤسسة سوروس عام 2019 بشكل مباشر في دول جوار الصين، الى نحو 34,365,000 دولار، ذهبت إلى معاهد أكاديمية ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني روجت للمفاهيم الليبرالية ومناصرة قضايا العولمة الثقافية التي تسعى لتصوير الصين والحزب الشيوعي الصيني على أنّهما خطر على دول جنوب شرق آسيا ووسط آسيا والباسيفيك.

وفي زيمبابوي، كانت "حركة التغيير الديمقراطي"، إحدى المنظمات الرئيسية الممولة من قبل "مبادرة المجتمع المنفتح لجنوب أفريقيا"، متورطة التي محاولة تغيير نظام الحكم عبر ثورة ملونة ضد الرئيس روبرت موغابي.

اللافت ان مؤسسات "المجتمع المنفتح"، التي حولت "منظمات المجتمع المدني" في بلداننا، الى حصان طروادة أمريكي، أصبحت ممنوعة من العمل في كثير من الدول نظرا الى الدور التدخلي السلبي الذي مارسته لتحقيق رغبات الملياردير الأميركي ومن يقف وراءه من منظري تيار العولمة الثقافية الليبرالية، فقد تم طردها من روسيا ومصر وهنغاريا والصين، ومن الاولى ان يضع لها لبنان والدول العربية، حدا، لاسيما ان هذه الدول مستهدفة اكثر من غيرها ، من قبل مؤسسة سوروس، نظرا لرفض مجتمعاتها العارم للكيان الاسرائيلي والتطبيع معه، والمؤيدة للمقاومة ضد المحتل الاسرائيلي، والمتمسكة بالقيم الدينية والعربية الاصيلة.