عودة الحريري الى لبنان دون ضجيج اعلامي فهل  سيتبعه ضجيج سياسي؟

عودة الحريري الى لبنان دون ضجيج اعلامي فهل  سيتبعه ضجيج سياسي؟
الجمعة ٢١ يناير ٢٠٢٢ - ١٢:٢٣ بتوقيت غرينتش

كالشبح وصل النائب سعد الحريري الى لبنان بعد غياب طويل، ووسط الكثير من المغموض والضبابية حول مستقبله السياسي من جهة، ومشاركته في الانتخابات النيابية المرتقبة من جهة ثانية.

العالم لبنان

من المفهوم انه لا يمكن من الناحية الامنية الكشف عن توقيت وصوله، ولكن الا يتم الحديث عن الموضوع بعد وصوله واللقاءات التي اجراها، فهو امر يبعث على التساؤل، خصوصاً وان الاسئلة كثيرة والقاعدة الشعبية للتيار الازرق تنتظر ان يحدّثها بعد انقطاع طويل نسبياً. الاكيد ان الحريري بات في لبنان، وهو عازم على استعادة نشاطه، من خلال الحركة التي قام بها وهو استهلها بالعودة الى السراي الكبير من دون ان يكون في موقع المسؤولية فيه. وكأن الرسالة التي اراد الحريري ايصالها الى الجميع، هي انه لا يزال يحافظ على الموقع السنّي في الدولة، او على الاقل يحرص عليه ويدعمه معنوياً، فالزيارة اتت حتى قبل زيارته لدار الفتوى، مع كل ما تحمله هذه الدار من قيمة معنوية ودينية للسنّة بشكل خاص.

ويقول الكاتب السياسي طوني خوري ان افتتاح الحركة الحريرية من السراي، لم يزل الغموض عن قرار الحريري، الذي يبدو واضحاً انه لم يتخذه بمفرده وان بصمات خليجية (غير سعودية طبعاً) ودوليّة طبعت هذا القرار، اضافة الى تنسيق الزامي مع لاعبين محليين وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري. عدم اثارة ضجة اعلامية في عودته، قرأه البعض وكأنه تمهيد لاثارة ضجة سياسية، فالواضح ان الكثيرين يترقبون موقف رئيس تيار المستقبل، فيما المؤيدون والمتابعون ازدادوا قلقاً وخوفاً لان عودة زعيم تيارهم تزامنت مع تصريح صدر عن رئيس الحكومة السابق النائب تمام سلام اعلن فيه عزوفه عن الترشح للانتخابات افساحاً في المجال امام دم جديد. وكانت تأويلات كثيرة اشارت الى ان الحريري عازم على عدم خوض الانتخابات، ولو انه سيبقى في العمل السياسي العام على غرار النائب سليمان فرنجيه ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، غير ان المعلومات المتوافرة تشير الى عكس ذلك.

ووفق ما يتم التداول به، فإنّه حصل على ما اراده من تطمينات وضمانات بأنه لن يسقط في الانتخابات، وان تياره، وان تراجع بعض الشيء، فلن يكون عدده قليلاً جداً، بمعنى ان الحاجة لا تزال لان يبقى الحريري في الساحة، وان اضعافه من الناحية السنّية لن تنجح في ابعاده بشكل نهائي او التخفيف كثيراً من تأثير نفوذه، فالاطراف اللبنانية تفضّل التعامل معه على سواه ممن يعملون على "خلافته" ضمن المذهب السنّي، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الحريري الآخر (اي بهاء)، والوزير السابق اشرف ريفي وغيرهما...

وعلى الرغم من المرارة التي تعصف في قلب سعد الحريري لجهة عدم تجديد اعتماده الممثل الاقوى للسنّة في لبنان، واستمرار اغلاق السعودية ابوابها في وجهه، وعدم نجاحه في تقديم نفسه كنسخة جديدة عن الحريري موسم 2019-2020، لا يبدو ان سعد متجه الى باب الخروج، لا بل لا يزال يطمح الى "نسيان الماضي" والتعويل على محطات مهمة في المستقبل، وتأمين رصيد كاف في الانتخابات (بمساعدة من الحلفاء) للعودة الى السراي الذي اشتاق اليه، في مهمة لن تكون سهلة، لا بل هي محفوفة بالكثير من المخاطر في ظل التغييرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة والاحداث المتسارعة التي طرأت، وانضمام لاعبين جدداً الى اللاعبين المعروفين على الساحة اللبنانية.

يدرك الحريري ان ما لديه ليخسره اذا ما خرج من سباق الصراع السياسي حالياً، اكثر بكثير مما سيخسره اذا ما بقي في الحلبة وخسر بعض نفوذه، فالاستحقاقات قادمة وهي لن ترحم من يتخلف عن المشاركة فيها، كما ان انسحابه او عزوفه سيفسحان المجال لاعلان فوز اخصامه السياسيين من دون اي جهد... وهو ما لن يرضى به.