فيلم "أصحاب ولا أعز".. محاولة لتعميم القُبح فنيّاً

فيلم
الإثنين ٢٤ يناير ٢٠٢٢ - ١٠:٥٧ بتوقيت غرينتش

أثار أول فيلم عربي من إنتاج شركة نتفليكس الأميركية في مصر، جدلا واسعا بين الجمهوري العربي بسبب القضايا التي تطرق إليها والمشاهد التي تضمنها، والتي تتعارض مع القيم والأخلاق العربية والاسلامية، حيث تتطرق وبطريقة فجة الى قضايا غير اخلاقية ومن بينها "المثلية الجنسية"، عبر استخدام عبارات خادشة للحياء والفاظ خارجة عن تقاليد المجتمع العربي الشرقي، ومشاهد أباحية صادمة.

العالم كشكول

فيلم "أصحاب ولا أعز"، هو من بطولة عدد كبير من الممثلين العرب، بينهم المصرية منى زكي، والممثلة والمخرجة اللبنانية نادين لبكي، والممثل الأردني إياد نصار، وعادل كرم، وجورج خباز، وفؤاد يمين، ودايموند عبود، ومن إخراج وسام سميرة في أول تجاربه الإخراجية، وعُرض الفيلم على شبكة نتفليكس العالمية، يوم الخميس الماضي.

وتدور الأحداث حول مجموعة من 7 أصدقاء يجتمعون على العشاء، ويقررون أن يلعبوا لعبة، حيث يضع الجميع هواتفهم المحمولة على طاولة العشاء، بشرط أن تكون جميع الرسائل أو المكالمات الجديدة على مرأى ومسمع من الجميع. وسرعان ما تتحول اللعبة التي كانت في البداية ممتعة وشيقة، إلى وابل من الفضائح والأسرار التي لم يكن يعرفها أحد بمن فيهم أقرب الأصدقاء.

اللافت ان فيلم "أصحاب ولا أعز"، هو تقريبا نسخة طبق الأصل من النسخة الأصلية للفيلم الإيطالي "غرباء تماما"، من تأليف الإيطالي باولو جينوفيزي وإخراجه، والذي تم تحويله الى 18 نسخة فرعية في العديد من دول العالم، كان اشهر تلك النسخ المقلدة هي النسخة الفرنسية، حتى دخل الفيلم موسوعة غينيس بسبب هذا الاستنساخ للغات عالمية، وجاء فيلم "أصحاب ولا أعز" النسخة العربية والاخيرة لهذ الفيلم.

الفارق الوحيد بين هذه النسخ، التي لم تخرج جميعها عن النص الأصلي، كما قال احد النقاد، هو ما وضع على مائدة الطعام التي سيتجمع حولها سبعة أصدقاء، فالاطعمة كانت تتغير بين نسخة ونسخة ، لإظهار ثقافة كل بلد عبر الطعام!!.

انتقد الكثيرون الفيلم، عبر التأكيد على انه لا يتضمن أي إبداع حقيقي ، وان مخرجه لجأ الى قصة مستهلكة، وسعى لتخطي كل الخطوط الحمراء في المجتمعين المصري والعربي، بهدف جني أكبر عدد من المشاهدات والأرباح، في مقابل بث السموم الاجتماعية، من خلال بعض المشاهد والعبارات التي قد تعصف بأخلاقيات المجتمع وآدابه وترسخ فكرة الحرية الجنسية المطلقة دون رابط أو ضوابط.

في المقابل دافع البعض عن الفيلم، على إعتباره "فيلم جريء وغير تقليدي ويطرح قضايا لم تناقشها السينما العربية لكنه واقعي مهما حاولنا الإنكار والصمت والتجاهل ومهما بالغنا في الهجوم والنقد"، وراى البعض الاخر"أن القضايا التي يطرحها الفيلم ليست بعيدة عن كثير من البيوت العربية والتي تتعايش مع تلك الظواهر الاجتماعية ولكن تحت ستر الصمت وعدم الإفصاح"، اما عن اللغة الاباحية التي استخدمت في الفيلم، راى هذا البعض انها "عادية"، لان هناك من يتحدث بها في المجتمع، ولا يجب ان ننكرها ونتهجم عليها؟.

لكن فات الذين انبروا للدفاع عن الفيلم، تحت شعار الحرية والاعتراف بالمشاكل الاجتماعية لا التستر عليها، ان الفيلم في نسخته الايطالية الاصلية، يعالج مشاكل المجتمعات الاوروبية، لذلك طرح هذه المشاكل بطريقة تتلاءم مع هذه المجتمعات، وبلغة طبيعية وعادية عليها، وكل هذا الطرح جاء في اطار الثقافة والعادات الاوروبية، وليس خارجا عنها. لذلك من الخطأ ان نعالج مشاكلنا الاجتماعية، حتى لو إقترب بعضها من مشاكل المجتمعات الاوروبية، بوسائل واساليب ولغة المجتمعات الاوروبية، فاننا في هذه الحالة لن نحل اي عقدة من هذه المشاكل، بل سنزيدها تعقيدا، فالعادات والثقافات والتقاليد، لا يمكن استنساخها، كما تم استنساخ الفيلم الايطالي.

من الواضح ان هناك ارادة قوية لتعميم الثقافة الاوروبية على جميع المجتمعات وخاصة الاسلامية، واذابة هذه الثقافات في بوتقة الثقافة الاوروبية، فاذا كانت اللغة العارية والاباحية، التي إستخدمها الفيلم الايطالي والتي تتسق مع الثقافة الاوروبية، يمكن ان توضح للمشاهد الاوروبي، ما هو واضح في حياته، الا انها لغة لو استخدمت في افلامنا فانها ستُذهب من قُبح ما قبيح في مجتمعاتنا، بل وتروج له، وهناك حكمة تقول؛ لو اردت ان تُذهب قبح ما هو قبيح فانشره وروج له، وهذا بالضبط ما قام به الفيلم المصري، الذي لم يجد مخرجه من فارق بين ثقافتنا وعاداتنا، وبين الثقافة والعادات الاوروبية، الا في نوعية الطعام فقط!!.