أوكرانيا.. ولغز أطفال الإيدز!

أوكرانيا.. ولغز أطفال الإيدز!
الإثنين ٢١ مارس ٢٠٢٢ - ٠٥:٥٩ بتوقيت غرينتش

في أواخر التسعينيات، أكثر من مائة طفل ليبي أصيبوا بفيروس الإيدز في مستشفى الأطفال بنغازي.

العالم - ليبيا

لاحظ الأطباء زيادة في إصابات الإيدز لأطفال يراجعون في العيادة، فقرروا البحث في الأمر، خلال أيام تأكدوا من وجود بؤرة انتشر بها الفيروس بإحدى وحدات المستشفى، لم يوجد سبب علمي لذلك، فالأطفال المصابون جميعا تم إيواؤهم في فترات متقاربة في وحدة معينة من أقسام المستشفى،اشتبهت إدارة المستشفى في سبب غير طبي وأبلغت السلطات بذلك، البحث الأمني قاد إلى أن الانتشار بفعل فاعل، واتجهت أصابع الاتهام الى ممرضات بلغاريات وطبيب من أصل فلسطيني مرتبط ببلغاريا.

القضاء الليبي أثبت التهم وأصدر أحكاما على الممرضات والطبيب! المغرضون اتهموا الدولة من خلال الترويج لفكرة أن الأمر ناتج عن تسييب وإهمال.

وقتها كنت رئيسا لمجلس التخصصات الطبية، كلفت من قبل الصديق سليمان الغماري وزير الصحة وقتها بالبحث في الموضوع.. شكلت فريقا من خبراء الفيروسات والأطباء برئاسة المرحوم الأستاذ بشير العلاقي وعبدالرحمن فرارة ومحمد غنية، الرأي العلمي كان قطعيا، العدوى بفعل فاعل، وليست نتيجة إهمال أو عدم اتخاذ إجراءات صحيحة بالمستشفى الذي كان من أفضل المستشفيات في بنغازي.
السؤال الحائر كان عن السبب، لماذا حدث ذلك؟

البعض كان رأيه أن الحادث لا شك مدبر من جهة استخباراتية ما في إطار تجربة قذرة.. لكن بعضا آخر لم يصدق ذلك ووضعها في سياق التحجج بنظرية المؤامرة!

شيء غريب آخر، وهو أن الدول الغربية خاصة فرنسا وبلغاريا وأمريكا أقاموا الدنيا حول الممرضات ولم يهتموا بمصير الأطفال المصابين، وأدى ذلك إلى تصلب موقف الدولة.

بعد إعادة العلاقات مع الغرب كان الملف على طاولة البحث، مطلب الغرب الأساس بعد مسألة أسلحة الدمار الشامل كان الإفراج عن الممرضات.. وبعد أخذ ورد اتفق على دفع دية مناسبة للمصابين وتحمل علاجهم طيلة حياتهم مقابل الإفراج عن المدانين، كان الرئيس الفرنسي وأمير قطر ووزير خارجية بلغاريا يتابعون الوضع بدقة، لدرجة أن محافظ البنك المركزي القطري حضر إلى طرابلس فجرا يحمل شيكا بقيمة الدية التي دفعت للمصابين!

لكن السؤال ظل بدون جواب مقنع!!!

الآن بعد أن تم اكتشاف مختبرات للحرب البيولوجية في أوكرانيا يديرها البنتاجون، ودراسة طرق غير تقليدية لنشر الجراثيم ونقلها، علينا إعادة فتح ملف أطفال الإيدز، هل كان لحقن أطفال بنغازي بفيروز الإيدز علاقة ببرامج الحرب البيولوجية التي أقامتها أمريكا في دول أوروبا الشرقية؟

إن هذا السؤال يفرض طرح تساؤل آخر: هل تستطيع الدول الليبية والنخب العلمية والسياسية بها أن تتحلى بالشجاعة وتعيد فتح هذا الملف، وتضعه على طاولة تحقيق دولي جدي خارج معادلة الحقد والنكران والأحكام المسبقة ومحاولة إلصاق ذلك زورا بالنظام السابق؟

أتصور أن مسؤولية أخلاقية وتاريخية تطال كثيرين في حالة استمر إغماض أعيننا على هذا الملف الخطير.

صحيفة *الموقف الليبي "مصطفى الزائدي"