يوم القدس العالمي..

الاستفزاز الاسرائيلي بالقدس محاولة خطيرة لتهويد المدينة

الإثنين ٢٥ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٣:٣١ بتوقيت غرينتش

اكد الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، ان الاستفزاز الذي يقوم به الصهاينة في مدينة القدس المحتلة، انما هو تصعيد خطير هدفه تكريس عملية الضم والتهويد الجارية ومحاولة للمس بالمسجد الاقصی المبارك ومحاولة لفرض أمر واقع جديد في داخل المسجد الاقصی من خلال خلق وجود ديني يهودي فيه ما يمثل جزء من خطة الحركة الصهيونية لتهويد وضم فلسطين بكل مكوناتها للكيان المحتل.

خاص بالعالم

بمناسبة يوم القدس العالمي استضافت قناة العالم الاخبارية خلال برنامج "قدس الصمود" الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي

واليكم نص المقابلة:

العالم: الاحداث تتسارع في الاراضي الفلسطينية وتتجه بشكل واضح نحو انفجار يری الكثيرون انه بات قاب قوسين أو ادني مع التصعيد الاسرائيلي الذي بدی واضحاً خلال الاسبوعين الاخيرين بأنه ممنهج. ونحن علی أبواب يوم القدس العالمي ومع حضور القدس في كل المشاهد خلال الايام الماضية تطرح الاسئلة بشكل حثيث: اولاً ماذا يريد الاحتلال الاسرائيلي من هذا التصعيد؟ لماذا القدس بالذات وماذا يحدث في مدينة القدس المحتلة؟ والی اين تتجه الامور في الاراضي الفلسطينية. للاجابة علی هذه الاسئلة وغيرها استضيف د. مصطفی البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية. د.مصطفی اهلاً بك.

البرغوثي: أهلاً بك، يعطيك العافية. كل عام وانتم بخير.

العالم: وانت بخير، د.مصطفی نبدأ من القدس التي هي اليوم محور الحدث ونحن أيضاً علی ابواب اليوم العالمي للقدس في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك. د.مصطفی ما الذي يحدث اليوم في مدينة القدس.

البرغوثي: الذي يحدث تصعيد خطير هدفه تكريس عملية الضم والتهويد الجارية ومحاولة للمس بالمسجد الاقصی المبارك ومحاولة لفرض أمر واقع جديد في داخل المسجد الاقصی من خلال خلق وجود ديني يهودي فيه وهذا طبعاً في غاية الخطورة ولكن هو يمثل جزء من خطة الحركة الصهيونية لتهويد وضم فلسطين بكل مكوناتها. بالتالي هذا الاستفزاز الذي يقومون به من ناحية يحاولوا ان يدفعوا به الی الامام ومن ناحية اخری يخشوا من العواقب وطبعاً هم مصابون بحالة ذهول من المقاومة الفلسطينية وقدرتها ومصابون من حقيقة ان كل فرد فلسطيني يمكن أن يصبح مشروع مقاومة ولذلك اليوم نحن نری بالاضافة لما يجري في القدس عمليات بطش وتنكيل وقتل و6 شهداء خلال اليومين الماضيين معظمهم قتلوا بدم بارد وأبرياء لم يقوموا بشئ اصلا، جميعهم لم يقوموا بشئ وكانوا ابرياء وتعرضوا للقتل والاغتيال. وانا برأيي ان ما تقوم به "اسرائيل" هو عملية اراقة لدماء الفلسطينيين للتغطية علی فشلها الامني والسياسي.

الفشل الامني يكمن في عجزها عن مواجهة المقاومين الفلسطينيين وهذا ما كتبت عنه الصحف الاسرائيلية بشكل كثيف والفشل الاكبر هو الفشل السياسي لان المشاريع الاسرائيلية فشلت. المشروع الاول استعمال التطبيع لتمرير صفقة القرن؛ فشل. التطبيع لم يكن عامل مؤثر ولم يستطع ان يهمش القضية الفلسطينية. الفشل الثاني الحديث عن السلام الاقتصادي كبديل للسلام الحقيقي وطبعاً هنا الفشل مزدوج لانه لا الشعب الفلسطيني مستعد ان يقبل باستمرار الاحتلال حتی لو تحسن وضعه ومن ناحية اخری اصلا لايوجد تحسن وبالعكس هناك تدهور بالامور الاقتصادية. ايضاً فكرة ونظرية تقليص الصراع التي أصرت عليها حكومة فشلت، هذه ايضاً فشلت فشلاً ذريعاً. فما تراه اليوم هو استفزازات وعمل قتل وقمع وتنكيل وصلت الی حد الوقاحة الكاملة والشراسة الاجرامية كما رأينا في حادثة استشهاد الشهيدة غادة سباتين. امرأة في الـ46 من العمر ولديها 6 أطفال وهي لاتری وشبه ضريرة. فأطلقوا عليها الرصاص ليس فقط بدم بارد وانما ايضاً تركوها تنزف حتی الموت. هذا اجرام لايوجد له مثيل.

العالم: في القدس هل نحن فعلاً امام عمل اسرائيلي دؤوب لفرض بالبداية التقسيم الزماني مروراً في المستقبل لفرض تقسيم مكاني؟

البرغوثي: طبعاً هذا فيما يتعلق بالمسجد الاقصی محاولة لتكرار ما جری في الحرم الابراهيمي في الخليل، تقسيم مكاني وتقسيم زماني، ولكن أضف الی ذلك انه هناك عملية خطيرة انا آمل ان يراها الاخوة العرب والمسلمون لانني لااعتقد انهم يرونها بشكل كامل وهي عملية التهويد والضم التدريجي مثل السيطرة علی المدارس، مثل انشاء مراكز جماهيرية في القدس تحت سيطرة بلدية القدس، مثل التغلغل ومحاولة المس بأي انسان يقوم بأي عمل نضالي للدفاع عن عروبة واسلامية مدينة القدس وعن فلسطينيتها. انت تتحدث عن عملية منهجية تصرف عليها مئات ملايين الدولارات بشكل مستمر وتتدفق عليها الاموال لبناء استيطاني واستيلاء علی بيوت وفي نفس الوقت محاولة التأثير في القدرات الكفاحية للفلسطينيين الصامدين هناك وعملية تهويد وضم كما تری من بيت الی بيت في الشيخ جراح ومن بيت الی بيت في سلوان ومن بيت الی بيت في الاماكن الاخری. طبعاً الشئ العظيم هنا هو صمود و صلابة الشعب الفلسطيني الذي افشل هذا المخطط حتی الان ولكن ما كنت اتمنی ان اراه مع كل هذه المنظمات الموجودة المؤتمر الاسلامي ومؤسسات رعاية القدس والی اخره.. أين الخطة الاستراتيجية لمواجهة هذا الضم والتهويد الاسرائيلي، هذا ما نحتاجه اليوم لاسناد هذا الصمود المقدسي الرائع.

العالم: قبل ان اذهب الی عدم وجود استراتيجية واضحة في التعامل مع الاحتلال الاسرائيلي من قبل سواء العرب والمسلمين أو حتی القيادة الفسطينية لكن قبل ذلك اريد ان اسألك حتی اللحظة هل تری ان المقاومة الفلسطينية هذه المقاومة الشعبية اصبحت فعلاً تشكل ارباكاً للاحتلال الاسرائيلي؟ هل ما شهدناه خلال الاعوام الاخيرة يشكل ارباكاً خاصة فيما يتعلق في بعض الاحيان في المقاومة المنفردة؟

البرغوثي: بالتأكيد وهذا بالضبط ما تتحدث عنه الصحف الاسرائيلية وبعض رجال الامن الاسرائيليين المستقيلين. يوم أمس كان هناك مقالاً طويلاً ينتقد الفشل الكبير للشاباك. طبعاً.. ماذا يحدث.. "اسرائيل" تطور منظومات قمع لمواجهة المقاومة الفلسطينية والفلسطينيون يبدعوا أشكال مقاومة جديدة لاتعرف "اسرائيل" كيف تسيطر عليها، بما في ذلك المقاومة الفردية، والتي ليس لديهم وصفة للسيطرة عليها وليس لديهم قدرة علی السيطرة عليها.

العالم: الا ان يدخلوا في رأس كل فلسطيني ليعرفوا ماذا يفكر..

البرغوثي: وهذا مستحيل.. اليوم كان هناك انتقادات انه انتم ركزتم علی الجوانب الالكترونية والتجسس الالكتروني. انا اعرف ان كل هواتفنا تراقب واعرف ان هناك تجسس علی الفيسبوك وعلی وسائل التواصل الاجتماعي ولكن هذا لايعني انهم يستطيعوا ان يدخلوا عقول الناس ويعرفوا انهم ماذا يفكرون. ما نراه، ان هناك فشلين، فشل تكتيكي وفشل استراتيجي؛ فشل تكتيكي بمعنی ان الاساليب التي يستخدمونها فاشلة.. فشل تكتيكي بمعنی انهم لايعرفون ماذا سيحدث وأين سيحدث وعندما يحدث لايعرفوا كيف يوقفوه هذا الجانب التكتيكي. لكن الاهم من ذلك، الفشل الاستراتيجي. الفشل الاستراتيجي يكمن في ماذا؟ نفس نوع الفشل الاستراتيجي الذي واجه كل نظام كولونيالي استعماري في العالم. كما فشلت فرنسا في الجزائر، كما فشل نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا وكما فشل الاستعمار البريطاني في المستعمرات البريطانية في الهند وغيرها واليوم تفشل "اسرائيل" لانها نظام استعماري كولونيالي اقتلاعي يكرس نظام ابارتهايد عنصري. هذا لايمكن ان ينجح. مادام هناك شعباً مقاوماً وشعباً مكافحاً مصمماً علی حقوقه الوطنية.

العالم: عمرام متسناع قائد المنطقة الوسطی ومرشح رئاسة الحكومة الاسرائيلية قبل يومين قال: لقد خدعتمونا ويجب ان تفهموا بأن الحلول ليست حلولاً امنية. لماذا رغم كل من يتحدثون وانا اعرف ان غالبية القيادات العسكرية الاسرائيلية عندما يخرجوا من الخدمة يبدأون الحديث عن الحلول السياسية لكن وهم داخل الخدمة دائماً يتحدثون عن الحلول الامنية لماذا؟

البرغوثي: لأنه الذي يحكم سلوكهم الحركة الصهيونية والحركة الصهيونية لاتريد حلاً سياسياً بل تريد الاستيلاء علی كل فلسطين وانا برأيي الحركة الصهيونية مرت بثلاث مراحل، المرحلة الاولی خلق الاستعمار الصهيوني في فلسطين في اواخر القرن التاسع عشر حتی انشأوا الكيان الاسرائيلي في عام 48، المرحلة الثانية عندما قاموا بالتوسع والاستيلاء علی الضفة الغربية وغزة في عام 67 وعندها احتلوا باقي الاراضي الفلسطينية وبدأوا يحاولوا ان يكرروا عملية الضم والتهويد التي قاموا بها في الـ48. الان نحن دخلنا في المرحلة الثالثة ومضمونها محاولة تصفية القضية الفلسطينية وتصفية الوجود الفلسطيني. عندهم مشكلة كبری، فالحركة الصهيونية قائمة علی قدمين، احداهما قدم الاستيلاء علی الارض بالقوة وهم نجحوا فيه بعد هزيمة 67 والقدم الثانية التخلص من الفلسطينيين، لكنهم فشلوا في هذا الامر. اليوم عددنا نحن علی ارض فلسطين التاريخية اكثر من عدد اليهود الاسرائيليين. ونظام الابارتهايد العنصري الذي أنشأوه لايحل مشكلتهم بل بالعكس يعقدها اكثر. وانا برأيي قد فاتهم القطار وخلاص. وهذا سبب الازمة التي يعيشونها.

العالم: انتهی الوقت ولم يعودوا يستطيعوا ان يهجروا الشعب الفلسطيني بعد 70 عاماً.

البرغوثي: ولأقل لك شيئاً اخراً. لقد فاتهم قطار تهجير الشعب الفلسطيني وفاتهم ما سموه حل الدولتين. لانهم انقضوا علی ذلك الحل، الذي هو قائم علی فكرة تبنتها منظمة التحرير انه هناك حل وسط مع الحركة الصهيونية وهذا الحل الوسط هو مداولة الضفة الغربية وغزة..

العالم: يعني انت تعتقد ان حل الدولتين انتهی؟

البرغوثي: انا رأيي انهم قتلوه، ولذلك هم لن يفلتوا من الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني اليوم شعاره ان برأيي يجب ان يكون ليس فقط انهاء الاحتلال وانما اسقاط نظام الابارتهايد والتمييز العنصري الاسرائيلي في كل فلسطين التاريخية. ولذلك عمرام متسناع مجنون، لايعرف ماذا يقول ولايعرف ماذا يفعل لانه يری الصورة، انتم لاتريدوا حل دولتين طيب، عليكم الان ان تواجهوا وضع يريد فيه الفلسطينيين حقهم في كل فلسطين.

العالم: وهذا ما اريد ان اسأله.. هل تری د.مصطفی انه من الافضل الان فصاعداً ان نتحدث عن انكم لاتريدون حل الدولتين اذا تفضلوا واقبلوا بحل الدولة الواحدة؟

البرغوثي: الدولة الديموقراطية الواحدة التي يتساوی فيها الناس في الحقوق المدنية والقومية يعني لايوجد شئ اسمه الدولة اليهودية ولايوجد شئ اسمه القانون الذي اقروه في الكنيست والذي يعطي حق تقرير المصير علی ارض فلسطين التاريخية فقط لليهود. هم لايقبلون بشئ، لايقبلون بحل الدولتين ولايقبلون بحل الدولة الواحدة ولايقبلون بحق الشعب الفلسطيني في الحرية، هم احرار، لكن غصباً عنهم عليهم ان يقبلوه، في الاخر الذي يحكم المعادلة ميزان القوی ولذلك هم مسخوطين من المقاومة الفلسطينية لان المقاومة تسهم في تغيير ميزان القوی لصالح الشعب الفلسطيني ولذلك يشنوا حرب علی حركة المقاطعة وفرض العقوبات علی "اسرائيل" لان حركة المقاطعة تمثل وسيلة لتغيير ميزان القوی ايضاً معهم ولذلك يحاربوا فكرة الوحدة الوطنية الفلسطينية لان الانقسام يغذي حالة النزيف الموجودة داخلياً فلسطينياً ويضعفنا والوحدة تقوينا. لكل هذه الاسباب اذا حللت الأمر من زاوية ميزان القوی ستعرف ما الذي يحرك السياسة الاسرائيلية ولماذا يسيروا في هذا الاتجاه.

العالم: لماذا هذا الضغط الدائم لأي حل من الاحتلال الاسرائيلي علماً ان احد الكتاب الاسرائيليين واعتقد انه آفي زاخاروف يقول بأنه ليست الحكمة هي التي تقود قادة الاحتلال الاسرائيلي ويضرب مثالاً علی ما حدث في العام 2000 عندما سمح ايهود باراك لأرئيل شارون ان يدخل المسجد الاقصی وحدثت الانتفاضة في العام 2000، اول من اكتوی بنار الانتفاضة وسقط كان ايهود باراك حيث سقطت حكومته، لذلك يسأل دائماً هذا السؤال هم يرون الواقع ويرون فعلاً ان الامور ليست بمصلحتهم لكنهم يصرون علی رفضهم أي حل لماذا؟

البرغوثي: لان السياسيين الاسرائيليين يريدوا صوت الناخب اليهودي والمجتمع الاسرائيلي انحرف بشكل صارخ نحو التطرف العنصري واليمينية العنصرية ولان 750 الف مستعمر مستوطن غيرشرعي اصبحوا قوة سياسية داخل البرلمان الاسرائيلي فالسياسي الاسرائيلي يجب ان يرضي كل هؤلاء وعليه مواجهة مزاودات اليمين. انظر، ما الفرق بين نتنياهو وبينيت، بينيت كان مدير مكتب نتنياهو. كلاهما من اليمين العنصري المتطرف؛ ماذا تفرق ايليت شاكيد عنهم؟ كلهم نفس الشئ. فلذلك انت تری منظومة اصبحت فريسة لعنصريته.

لعنصريتها وهؤلاء الساسة لا يستطيعوا ان يفكروا بحكمة لانهم يظلون يفكروا باصوات الناخبين المتطرفين لذلك الوضع لن يتغير من المفاوضات مع هؤلاء السياسيين ولن يتغير على امل ان تتدخل امريكا وتقنعهم ان يغيروا رأيهم. امريكا لا تقدر على ان تفتح القنصلية الامريكية في القدس، لا تستطيع ان تفتح مكتب فلسطين في واشنطن، لا تقدر. اي انهم عاجزين عن ان يواجهوا "اسرائيل" فلذلك لن يقدموا حلا والذي سيقدم الحل فقط عندما تدرك "اسرائيل" والناس في "اسرائيل" والناخبين في "اسرائيل" ان ثمن الاحتلال والتمييز العنصري اكبر من ان يستطيعوا احتماله وما يعنيه ذلك انهم لن يستطيعوا الاحتمال في ثلاث نقاط حساسة لديهم؛ حساسية هائلة للخسائر البشرية، حساسية هائلة للخسائر الاقتصادية وحساسية هائلة للخسائر الاخلاقية والمعنوية. لذلك المقاومة الفلسطينية بكل اشكالها مهمة بما في ذلك العمل على الصعيد الدولي لتعرية نظام الابرتايد وفضحه.

اي عندما يصبح الثمن غاليا وتكلفة الاحتلال اغلى من ان يستطيعوا تحمله وهذا ما حدث في الانتفاضة الاولى، الانتفاضة الاولى ربما كانت ستؤدي الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة لولا اتفاق اوسلو وانا برأيي انهم نصبوا اتفاق اوسلو، المسؤول عن ذلك الفخ اي نصب اتفاق اوسلو هو شمعون بيريز هو اخبث ما في الحركة الصهيونية.

العالم: اوقع بالقيادة الفلسطينية. اريد هنا ان اعرج على قضية مهمة جدا وهي ايضا غياب فكرة حل الدولتين ولديهم تعنت لكن ألا ترى بأن لدينا كفلسطينيين ولدى القيادة الفلسطينية الحالية ايضا غياب في الطرح، غياب في المبادرة لا نرى مثلا من القيادة الفلسطينية الحالية ما يكون مختلفا عن ان يكونوا فقط ردة فعل نحن نرى انهم ردة فعل لكن اين المبادرة من قبل القيادة الفلسطينية لمواجهة هذا الغول؟

البرغوثي: القيادة الفلسطينية تواجه ازمة سياسية داخلية عميقة لها جانبين؛ الجانب الاول ان هناك مشروع برنامجي فشل اي برنامج الثمانينات بحل الدولتين وحل وسط مع الحركة الصهيونية قد فشل، اتفاق اوسلو فشل ما لم يقتنعوا بأن هذا الامر فشل ويتخلوا عنه ويقبلوا بتبني استراتيجية وطنية كفاحية مقاومة مختلفة عن هذا النهج الذي فشل ستبقى الازمة قائمة ولذلك هناك تردد وغياب للمبادرات لان هناك اصرار على المراوحة في المكان. مثلا هناك تكرار لمقولات مع ان الحياة اثبتت انها غير قابلة للتطبيق حتى انها تبدو سخيفة مثلا عندما تقول انا اريد اجتماع رباعي اي رباعي والآن هل ستجلس امريكا مع روسيا او تقول اريد مؤتمر دولي للسلام اي مؤتمر دولي ففرنسا عقدت مؤتمر دولي بمشاركة 72 دولة و"اسرائيل" لم تحضر وفشل، لذلك الحل ليس بالتفكير بالانماط القديمة وانما التفكير باستراتيجية وطنية جديدة بديلة لها رؤيا كفاحية مقاومة بأن هدفنا تغيير ميزان القوى وليس التفاوض على اساس ميزان القوى الفاشلة الحالية. النقطة الثانية في الازمة السياسية الداخلية هي تغييب الشعب وعدم اجراء الانتخابات في موعدها والغاء الانتخابات هذا عمق الازمة السياسية الداخلية بشكل خطير ولديك الآن عدة اتجاهات مختلفة فحماس لديها رأي وجهاد لديها رأي والفتح لديها رأي والمبادرة لديها رأي والشعبية لديها رأي الى آخره اذا كيف سيصل لبرنامج مشترك من الذي سيقرر ما هو البرنامج الاصح.

العالم: لكن بمجرد ان تجرى الانتخابات سيتشكل برلمان فلسطيني في نهاية المطاف سيخضع الكل للاغلبية وهي التي ستحدد؟

البرغوثي: وسيخضع للرؤية التي تراها الاغلبية وليس بالضرورة ان.. ، نحن نعرف نتائج الانتخابات اذا اجريت الانتخابات ولا حزب بمفرده سيحصل على الاغلبية لكن سيكون هناك اغلبية للبرنامج الوطني الكفاحي.

وحتى داخل حركة فتح فهي حركة مناضلة وفيها مناضلين وقدمت ضحايا وقدمت بواسل والشهيد ياسر عرفات لا احد ينساه لكن النهج الذي تسير عليه السلطة ليس بالنهج الذي يتفق مع جهاد فتح الكفاحي صراحة وهذه هي الازمة الموجودة. وانا برأيي اجراء الانتخابات هو اسلوب اساسي لتحقيق 3 شروط؛ اولا ان يتقرر البرنامج الكفاحي على اساس قرار الشعب الفلسطيني ونحن لا نتحدث فقط عن انتخاب برلمان وانتخاب مجلس وطني فلسطيني ايضا واشراك الفلسطينيين في الداخل والخارج. ثانيا ان تخلق اساسا للشراكة الديمقراطية على اساس نتائج الاقتراع وليس انتخابات تجرى لمرة واحدة ثم نتوقف لعشر سنوات كما يحدث الآن فقد مر 16 عاما وانما انتخابات دورية وثالثا هذا يخلق قاعدة لبناء جبهة وطنية موحدة بين كل القوى على اساس رأي الشعب. تغييب الشعب والغاء الانتخابات عمق الازمة السياسية الداخلية التي نراها مظاهرها اليوم. فانا كما اخبرتك هناك ازمتين؛ ازمة الرؤية والبرنامج وبرأينا يجب ان يتغير البرنامج ونحن قولنا رأينا بصراحة وقلت هذا في اجتماع المجلس المركزي الاخير او الذي سبقه لان الاخير لم نشارك به وقولنا انه يجب ان يتغير البرنامج ورؤيتنا الان يجب ان تكون ليس فقط انهاء الاحتلال وانما ايضا اسقاط نظام الابارتايد لان الشعب الفلسطيني ليس فقط سكان الضفة الغربية وغزة فالشعب الفلسطيني اهلنا في الداخل والشعب الفلسطيني اهلنا في الخارج. اليوم الفلسطينيون يحتاجوا الى برنامج وطني كفاحي يشمل كل مكوناتهم الثلاث.

العالم: دكتور مصطفى اريد ايضا ان نذهب قليلا الى الواقع الدولي، اليوم مع التغييرات الدولية الحالية ما يحدث في هذا العالم يتضح اننا خلال الاعوام المقبلة لن نكون مع ذات المشهد الدولي وواضح ان هناك موازين قوى ستتغير وان هناك قوى جديدة ستنشأ. السؤال كيف يمكن لنا كفلسطينيين ان نستفيد من هذا التغير الذي سيكون او بدأنا نرى بشائره في هذه المرحلة؟

البرغوثي: ببساطة وسهولة بالعودة الى طابعنا كحركة تحرر وطني وليس سلطة ولديها سفارات واخره للقيام بعمل دبلوماسي، حركة تحرر وطني وامتدادات حركة التحرر الوطني في العلاقات مع القوى والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني العالمية والتكافل والتضامن مع الحركات المناضلة مثل حركة السود في الولايات المتحدة ومثل حركة حقوق المرأة في العالم كما جرى في السابق في السبعينيات والثمانينات ان يكون هناك تلاحم بين حركة التحرر الوطني الفلسطينية مع كل القوى المناصرة لشعبنا او التي تريد ان تكون مناصرة لشعبنا.

العالم: ان تعود الحركة الوطنية لتقسم على العديد من الحركات العالمية وهذا ما كنا نراه حتى مجيء السلطة الفلسطينية كنا نرى بأن القضية الفلسطينية والحركة الوطنية حركة عالمية.

البرغوثي: هناك خمسين دولة لم تقم بعلاقة مع "اسرائيل" ولم تفتح سفارات في "اسرائيل" ولم تعترف بـ"اسرائيل" الا بعد ان قالت لهم منظمة التحرير ان هذا ممكن باتفاق اوسلو، خمسين دولة لذلك يجب ان نعود الى طابعنا كحركة تحرر وطني لكن انا لا استطيع ان اطالب الناس بمقاطعة "اسرائيل" لا تستطيع انت لكن انا استطيع وهناك غيري لا يستطيع وان اخبرهم بان يقاطعوا ثم اذهب للتنسيق مع "اسرائيل".

العالم: وهو يحتاج في بعض الاحيان الى هذه الامتيازات؟

البرغوثي: هذا الكلام لا يجوز فاولا العودة الى طابعنا كحركة تحرر وطنين ثانيا ان نقرا العالم بتغيراته واهم تغير يجري الان في العالم رغم كل الاعلام الذي تشاهده انت موالي للولايات المتحدة، العالم يتحول من عالم القطب الواحد الى عالم متعدد الاقطاب سياسيا يجب ان نفكر بذلك. سأعطيك مثالا الصين هي اهم قوة في العالم اليوم، الصين قوة صاعدة جدا، الصين اقتصادها خلال سنة او سنتين او ثلاثة سيصبح مساوي للاقتصاد الامريكي، الصين قوة مندفعة بشكل هائل للامام، قوة يحسب لها حساب ماذا نفعل من اجل تقوية علاقتنا بالصين في مواجهة محاولات اسرائيلية لتوطيد علاقتها مع الصين ونفس الشيء ينطبق على دول اخرى روسيا وغيرها لكن الصين.

انا مرة التقيت باستاذ جامعي من جامعة بكين قال لي ان "اسرائيل" كل عام تدعي من 50 الى 60 وفد صيني علماء وعسكريين وطلاب وبرلمانيين كل ما يخطر على البال ويحاولون التاثير بهم كما فعلوا مع الوفود القادمة من امريكا لذلك نحن نريد ايضا كحركة تحرر وطني فلسطينية فهذه بحاجة الى امكانيات ولا قوة بمفردها تستطيع القيام بهذا الشيء لذلك انت بحاجة الى تضافر كل القوى الفلسطينية ونفكر بشكل استراتيجي كيف الفيتناميين البواسل قد قدموا مليون شهيد لكنهم انتصروا على اكبر قوة في العالم. الجزار وانا كنت في الجزائر من اجل موضوع المصالحة والوحدة وانا اقدر جدا الجزائريين ومواقفهم الرائعة وقالوا لي نحن شعب الجزائر من اكبر رئيس الى اصغر مواطن نسير على هدى مقولة هواري بومدين نحن مع الفلسطينيين ظالمين او مظلومين والجزائر قدمت في نضالها ضد فرنسا 7.5 مليون شهيد لكن انتصرت لانه كان لديها رؤية وكان عندها استراتيجية، عدد الشهداء وحدة لا يكفي يجب ان يكون للقيادة استراتيجية واضحة حتى تضحيات تستثمر في انجازات.

العالم: دكتور سؤالي الاخير ونعود الى محور الصراع ونعود الى القدس ونحن على اعتاب اليوم العالمي للقدس في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك برأيك ما المطلوب اولا من المستوى الفلسطيني، الاقليمي والدولي للتعاطي مع قضية القدس؟ ما المطلوب فلسطينيا هنا اقصد ايضا فلسطينيا رسميا وشعبيا وما المطلوب اقليميا وما المطلوب دوليا للتعامل مع قضية القدس؟

البرغوثي: القدس بوابة فلسطين وبوابة المستقبل في هذه المنطقة واذا قمنا بحماية الاقصى نحمي القدس واذا حمينا القدس نحمي فلسطين المعادلة واضحة والاسرائيليين يفهمون هذه المعادلة جيدا لذلك ليس صدفة عام 1968 احد المجرمين حاول ان يحرق المسجد الاقصى لذلك هذا الترتيب يجب ان يكون واضح احمي الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية الاخرى طبعا تحمي القدس وبذلك تحمي فلسطين. ما هو مطلوب؟ فلسطينيا مطلوب ان ننهي كل الانقسامات ونتوحد، وثانيا ان يكون لدينا استراتيجية واضحة للتركيز على دعم القدس واسناد اهلها ومكافحة عمليات التهويد الجارية على قدم وساق. عربيا واسلاميا مطلوب من كل الوطن العربي والاسلامي ان يعرف اننا عندما ندافع عن القدس والاقصى فاننا لا ندافع فقط عن انفسنا وعن فلسطين انما ندافع عنهم لان اطماع "اسرائيل" هي بلدانهم ايضا لذلك مطلوب شكل واستراتيجية دعم اكبر بكثير مما يجري ولدى العالم العربي والاسلامي امكانيات هائلة اضعاف اضعاف اضعاف ما تملكه "اسرائيل".

اذا كان هناك نية يمكن ان توضع استراتيجية على الاقل ممن يريدون لدعم القدس واسنادها لمنع عمليات الضم والتهويد الجارية وعالميا نحن نطالب العالم بأن يفرض عقوبات ومقاطعة لـ"اسرائيل" والان هناك فرصة كبيرة يجب استخدامها يجب ان يقال للعالم ان ما نراه الان هو نفاق دولي وما نراه ازدواجية معيبة في المعايير وكيل بمكيالين. بأي حق، بأي حق انتم تستطيعوا ان تفرضوا ستة الاف عقوبة على روسيا خلال اسبوعين بغض النظر عن موضوع الحرب الجارية، ستة الاف عقوبة ولا اية عقوبة على "اسرائيل" في 74 عاما وهي تمارس تطهير عرقي واطول احتلال في التاريخ البشري ونظام ابارتايد عنصري باقرار نفس منظمات حقوق الانسان التي تدافع عنها الولايات المتحدة عندما يتعلق الامر بروسيا مثل امنيستي انترناشونال وهيومن رايتس ووتش لكن عندما تقول هذه المنظمات نفسها هذا نظام ابارتايد عنصري اسرائيلي يقولون هذه لاسامية ما هذا النفاق ولذلك يجب ان نضع العالم امام مسؤولياته وانا برأيي ان اهم شيء هو دعم حركة المقاطعة وفرض العقوبات ولها مستقبل كبير انا متأكد لان هناك في الرأي العام الدولي الان اناس محترمون واناس يتسألون لماذا هذا النفاق ولماذا هذه الازدواجية عندما يتعلق الامر بالقدس او بالشعب الفلسطيني.

العالم: دكتور مصطفى البرغوثي الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية شكرا جزيلا لك.